18/8/2008

بيت لحم – الزيتونة :- إن عشت فعش حراً … أو مت كالأشجار وقوفاً … وقوفاً وقوفاً كالأشجار .

سعيد العتبة / أبو الحكم .. ومحمد أبو على / أبو إبراهيم والمشهور بلقب أبو على يطا ، أسيران عاشا أحرار وبقيا على قيد الحياة أقوياء كالأشجار لم يموتا رغم كل القهر والعذاب وصراع الموت ليقهرا السجان .

30 عام ويزيد انتقلا إلى كل السجون الإسرائيلية ، من سجن إلى سجن ، ومن عزل إلى عزل ومن مرض على مرض وإن شاء الله قريباً من قيد إلى حرية .

سعيد العتبة و أبو على يطا .. بطلان عبقريان في الصمود وقهر القهر وصراع الموت حتى الحرية عما قريب .

سعيد وجيه سعيد العتبة / أبو الحكم عميد الأسرى الفلسطينيين.

سعيد وجيه سعيد العتبة اقدم أسير فلسطيني ، كما يروى قصة حياته ” كنت واحداً من الشبان الذين تفتحت عيونهم على الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 حيث كان عمري ستة عشر عاماً.

كنا طلبة في مدارس نابلس الشرقية حيث كانت بداية تنظيم أعمال المقاومة الشعبية ضد الاحتلال عبر التراشق مع الجيش الإسرائيلي وعبر حركة الفدائيين الناشئة في حينه والتي ارتبط جزء منها بالفصائل الفلسطينية التي بدأ تكوينها بشكل سريع وعلني في الأردن، وسري في الوطن كإنعكاس ورد فعل طبيعي لعدوان 67 وكان عدوان إسرائيل على قرية السموع جنوب الضفة الفلسطينية في شهر 10 عام 1966 إحدى مؤشرات ومقدمات التحضير لعدوانها الأكبر في 5/6/1967 لإستكمال إحتلال فلسطين وكانت إنعكاسات عدوان السموع، الانتفاضة الشعبية العارمة التي حصلت عام 1966 في شهر 11 في الضفة الغربية التي كانت جزءاً من الأردن في حينها.

وكان سقوط الشهداء والجرحى في أوج الصدام مع الشرطة تتويجاً لأسابيع من الإنتفاضة الشعبية وهم من أبناء جيلي الشهداء: “يوسف الشحروري”، “محمود جرادنة” وـ “الحنبلي” وغيرهم. كل هذا عكس نفسه على أجيال من الشباب الفلسطيني وأنا واحد منهم في هذا المناخ كان إنضمامي للجبهة الديمقراطية.

أخذت في الخارج دورات عسكرية سرية وقمت في هذا الإطار بتنفيذ عمليات تفجيرية وفق ظروف الحرب والصراع وتم تنفيذ عمليات أوقعت خسائر مادية وبشرية وإستمر الأمر إلى حين الإعتقال.

اعتقلت في 29/7/1977 وأول سجن دخلته للتحقيق كان سجن رام الله بعد الانتهاء من فترت التحقيق نقلت إلى سجن نابلس القديم ومكثت هناك عدة أيام في الزنازين وبعدها دخلت الغرف لأقضي في هذا السجن كل فترة توقيفي إلى حين صدر بحقي حكم المؤبد في شهر حزيران عام 1978.

فترة التحقيق استمرت ثلاثة أسابيع وكانت أساليب التحقيق إجرامية ومتنوعة فهناك أسلوب الشبح وقوفاً وربط اليدين بالكلبشات الحديدية ورفعها للأعلى بمستوى رأس الإنسان تقريباً موصولة بشبك الزنزانة الحديدي وإبقاؤه عدة أيام واقفاً على هذه الحالة و هناك أيضاً الضرب المباشر والشبح على الأرض بطريقة تؤدي في كل مرة إلى الإغماء فيقومون برش الماء على المعتقل ليصحو بالإضافة لأسلوب الضغط على الأعضاء التناسلية أثناء الشبح، هناك أيضاً أسلوب إجبار المعتقل على شرب الماء عنوة وعلى جلوس القرفصاء أو الوقوف بهدف إرهاق الجسد والتأثير على الدماغ والجهاز العصبي والعضلي، كما أن هناك أسلوب ربط الأرجل والضرب عليها بعصي خشبية غليظة بشكل منتظم ومتوال تؤدي بعد عدة ضربات إلى الوخز في الدماغ والرأس مباشرة، هناك أيضاً الضرب باليد عن طريق الكف بشكل محدب أو تركها مستوية والضرب على الرأس بضربات قتالية منتظمة من الجهة الخلفية وبشكل مدروس ووفق معيار طبي معروف، بالإضافة إلى الحرمان من النوم والحرمان من الأكل والشرب وبرغم استصدار المحكمة لقرارات حديثة تحد من إستعمال أساليب التعذيب هذه إلا أن المخابرات الإسرائيلية لا تزال ، تحت غطاء الأمن المزعوم، ترتكب تلك الجرائم بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب.

وبعد الحكم عليّ إنتقلت إلى سجن بئر السبع وكان السجن آنذاك يعيش حالة إضراب شامل وإمتناع عن الزيارات‘ كنت لا أزال معتقلاً جديداً ومندهشاً من كل ما أشاهده لكن مستعداً لمشاركة رفاقي في أية خطوة يقومون بها‘ بقيت في سجن بئر السبع مدة عام ونصف العام إنتقلت بعده، أي في عام 1980، إلى سجن عسقلان وأذكر أنني قابلت هناك الشهيد عمر القاسم الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة بين الأسرى وكان يعتبر قائداً‘ لقائي به أثر في كثيراً وشعرت بالإعتزاز والزهو لرؤية الشهيد القاسم.

كان سجن عسقلان قد مر بعدة مراحل شكلت محطات هامة في تاريخه منها:

الإضراب عن الطعام عام 70 والذي إستشهد خلاله عبد القادر أبو الفحم، أيضاً إضراب 76 الذي إستمر 45 يوماً وتبعه بعد ذلك إضراب إستمر 20 يوماً.

لقد شكلت هذه الإضرابات محطات نوعية في حياة الأسرى مكنتهم من الحصول على فرشة بدل النوم على الأرض ومكنتهم من تثبيت أمر عدم العمل بالسخرة في مؤسسات الدولة.

في العام 1980 جاء إفتتاح سجن نفحة الصحراوي الذي صمم ليتسع لـ 800 أسير والذي إستهدف عزل قيادات الأسرى وإبعادهم وحصر تأثيرهم ففاجأ الأسرى الإدارة بإضراب بعد شهرين وإستمر الإضراب 34 يوماً مما أدى إلى خلق إنجازات معنوية وإستشهد خلاله علي الجعفري وراسم حلاوة في نفحة وإسحاق مراغة في بئر السبع وأنيس دولة في عسقلان. مكثت في سجن عسقلان أربع سنوات ونصف، نقلت بعدها إلى سجن جنيد وتنقلت بعدها في سجون مختلفة إلى أن قرّرت إسرائيل، بعد إتفاق القاهرة المستمد من إتفاق أوسلو، نقل الأسرى الذين تبقوا في السجون، وهم فئة مميزة من ذوي الأحكام العالية، إلى سجون الداخل في عسقلان ونفحة والسبع وغيرها وهذا النقل يؤكد على تواصل تعامل السلطات مع الأسرى خارج دائرة القوانين الدولية وإتفاقية جنيف الرابعة فهذا النقل من الأرض المحتلة إلى داخل دولة إسرائيل يمنعه القانون الدولي ” .

والآن سعيد العتبة أنهى 31 عام فى الاعتقال ودخل العام 32 فى 29/7/2008 ، والحمد لله أن ينتظر الحرية على مقربة من شهر رمضان المبارك .

محمد أبو على / أبو إبراهيم والمشهور بلقب أبو على يطا

نحن فى حلم … نعم نتمنى أن لا نصحوا قبل أن نعانق أبانا ، ” هذا البطل التى لم يشفع له المرض ولا كبر السن للافراج عنه قبل كل هذه السنين ، فقد رفضوا الافراج عنه لأنهُ رفض أن تكون كرامتهُ سواراً مرهوناً في معصم جلاّده ، ولأنهُ إرتكب جريمة ‘ حُب الأرض ‘ والتي يُعاقب عليها القانون ، ولأن يداهُ كانت قد زرعت الطيبة في قُلوب أبنائه والآخرين ، ولأنهُ فلسطيني المولد والأصل والهوية ، فقد كلفهُ كل ذلك ما يقارب من ثلاثين عاماً من عُمره فى الأسر – هذه كلمات عبر عنها أحد الكتاب أثناء لقاءه بعائلة أبو على يطا وأضاف :

في يوم الخميس من 21/8/1980 ، الساعة : 6:30 صباحاً ، بمدينة يطا جنوب الخليل إستيقظت عائلة المُعتقل أبو علي يطا على أعداد هائلة من جُنود الإحتلال الصهيوني وهي تُحاصر المنزل من كل ناحية.

جاؤوا كي يعصبوا عينيه كي لا يرى طفليه الاّ بعد خمسة وعشرين عاماً ، وليكبلوا يديه كي لا يضعها على ‘ بطن زوجته ‘ قبل أن يرحل ، حيثُ أنها كانت حاملاً في شهرها السابع ، فحُرم إبن الرابعة والعشرين من عُمره حين إعتقل من أن يسمع كلمة ‘ أبي ‘ من الجنين الذي لم يولد بعد ، فلم يُعط السّجان فُرصةً لأبي علي أن يُشاهد طفلهُ الذي جاء الى الدُنيا كي لا يرى والدهُ في إنتظاره ، فالجيش الذي لا يُقهر لم يكن قاسياً على الأب فقط !! بل لم يتوان للحظة واحدة في إعتقال الزوجة ‘ الحامل ‘ أيضاً والتحقيق معها مُدةً زادت عن سبع ساعات مُتواصلة ، ولولا أنها كانت حاملاً في شهرها السابع لما تأخر جلاّد زوجها في إعتقالها هي الأُخرى !!

الإحتلال الصهيوني لم يكتف بهدم أُسرة بأكملها وذلك بإعتقاله للوالد !! بل عاد في اليوم التالي ، أي يوم الجمعة 22/8/1980 وقام بهدم المكان الذي كان الحنين والشّوق فيه يجمع الوالد بأبنائه وزوجته ، فقد قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بهدم منزل ‘ أبو علي يطا ‘ والمُكون من طابقين والذي كان يأوي بين جُدرانه ستة عشر نفراً .

ومنذ ذلك اليوم وأُم إبراهيم – زوجة المُعتقل – تقتسم الصّبر على البلاء هي وولدها الوحيد إبراهيم والذي لم يتجاوز عُمرهُ آنذاك العام ونصف العام ، وطفلتها فلسطين ثلاثة أعوام ، حتى الجنين الذي كان في بطنها قد أصابهُ شيئاً من المسؤولية وهو لم يتنفس عبير الحُرية بعد

وفي النهاية ، كان أبو علي يطا ولا زال حتى يتم الإفراج عنهُ ، أقدم سجين على مُستوى مُحافظة الخليل ، والثالث على مُستوى الضفة الغربية وغزة “.

وينهى أبو على يطا عامه ال 28 عام فى الاعتقال فى 21/8 ونتمنى أن أن يكون قبل هذا التاريخ بين أهله وذويه .

ولد الأسير سعيد دويكات في 5/1/1951 و أنهى دراسة الثانوية العامة في مدارس نابلس ليعتقل و هو في السادسة و العشرين من عمره . و هنا يبدأ شلال الذكريات بالتدفق من عيون والدة الأسير سعيد و هي تحتضن صورته بشغفٍ كبير لتنطلق الأشجان مختلطة بالزفرات الحرّى من بين شفتيها حيث تقول : “بتاريخ 27/7/1977 كنا قد ذهبنا لخطبة إحدى الفتيات لسعيد ، فقد كان قراره أن يتزوّج و يتأهّل و يبدأ بإنشاء الأسرة التي ستكون له قرة العين و راحة البال ، و قبل أن نحصل على جواب أهلها و بعد يومين فقط من الطلب حضرت القوات الصهيونية إلى المنزل في الساعة الرابعة فجراً” .

و رغم مرور ربع قرنٍ على ذلك الحادث ما زالت أم راضي تتذكّر ذلك اليوم فقد اقتحم الجنود البيت و قاموا بتحطيم كلّ ما فيه قبل أن يقتادوا سعيداً و شقيقه نضال إلى المعتقل .

نضال أمضى في السجن عاماً كاملاً ثم أفرج عنه ليواصل دراسته و يصبح طبيباً في حين بقيَ سعيد حتى اليوم خلف قضبان السجون . و بكلّ أسى تذكّر أم راضي أن نفس اليوم الذي اعتقل فيه سعيد كان لدى الأسرة مناسبة فرح أخرى غير الاستعداد لخطبة سعيد و هي زواج شقيقته الذي صادف نفس اليوم لتحوّل غربان الليل فرحة الأعراس إلى أحزان الوداع و ضيق الفراق الذي لم يتوقع أحد أن يمتدّ كلّ ذلك الزمان .

و تتحدّث والدة سعيد عنه بأنه كان مضرب المثل بين أقرانه و أصدقائه و جيرانه ، حيث كان يعمل في مجال تمديدات الكهرباء و لحام الحديد غير أنه كان إنساناً وطنياً و سياسياً عالي الثقافة متابعاً للأحداث و أنه قد سافر غير مرة إلى دمشق و بغداد .

أما شقيقته سناء فتصف سعيد بأنه شخصٌ لبق و واعٍ و اجتماعيّ و أنه حتى ساعة اعتقاله لم يبدَ منه ما يشير إلى عضويته بأيّ تنظيم مسلح . و تتابع قائلة : “كان العمل الوطني في السبعينات مختلفاً عما هو عليه الآن ، فالمشاركون فيه قلّة و من يسير في مسيرة أو يشترك بمظاهرة أو يوزّع منشوراً يحصل على حكم عالٍ جداً من المحاكم الصهيونية”.

و تضيف أنه رغم ذلك فإن سعيد انخرط بالعمل الوطني رغم قلة العاملين في ذلك المجال إبان تلك الفترة من السبعينات . و تسعفها الذاكرة لتذكر كيف طلب إليها جمع الأزهار ذات مرة من رابية قريبة من البيت لتعلم أن تلك الأزهار كانت بهدف صناعة الأكاليل للشهيدة لينا النابلسي .

و عن ظروف اعتقاله تقول شقيقته سناء إن أحد رفاقه في العمل المسلح قد اعتقل أثناء توجّهه لزرع عبوات في سوق الكرمل بين يافا و تل أبيب و رغم علم سعيد بذلك إلا أنه اختار البقاء في الوطن حيث كان بإمكانه مغادرة الضفة الغربية قبل اكتشاف أمره و أنه يقف خلف المجموعة التي كانت تنفّذ تلك العمليات .

و تضيف أن زميله الذي اعتقل قد أجبر تحت ضغط التعذيب الشديد على الاعتراف عن سعيد و بعد ثلاثة أيام من اعتقاله تم اعتقال سعيد و إغلاق منزله حيث وجّهت له تهمة الاتصال برجال المقاومة الفلسطينية و التخطيط و الإشراف و المسؤولية عن تنفيذ عمليات مسلحة ضد الاحتلال إضافة إلى اعتباره أحد أبرز خبراء تحضير العبوات الناسفة و قيادته للجناح المسلح للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في ذلك الحين .

و تقول والدة الأسير سعيد إنه و بعد اعتقاله أصبح عضواً في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية و أحد صانعي قرارها قبل أن يلتحق باتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني (فدا) و يصبح عضواً في مكتبها السياسي كذلك من داخل المعتقل ، حيث يلعب الأسرى الفلسطينيون خاصة أصحاب المحكوميات العالية دوراً هامّاً و أساسياً في المعركة السياسية للشعب الفلسطيني .

و تضيف الوالدة أنه رغم تبوئه لهذه المواقع الهامة لم تنجح تبادلات الأسرى المعقودة بين الفصائل الفلسطينية و الاحتلال في الإفراج عنه خاصة و أن تبادل العام 1985 مع الجبهة الشعبية القيادة العامة قد منحه فرصة كبيرة حيث كان قد أمضى في ذلك الحين 9 سنوات .

بقية المعاناة :

و لم تتوقّف معاناة تلك الأسرة على انقلاب أفراحها إلى أحزان و ويلات باعتقال سعيد ، فقد مكث سعيد في سجن نابلس عاماص واحداً ثم انتقل إلى سجن بئر السبع فعسقلان قبل أن يُعاد إلى سجن جنيد لينتقل بعدها إلى سجن نفحة الصحراوي .

و في إحدى الزيارات بتاريخ 13/12/1989 لم يحتمل الوالد أبو راضي وضع ابنه داخل السجن فأصيب في السجن بجلطة قلبية على باب السجن و نقل بعدها إلى مستشفيات نابلس حيث أصابته الجلطة الثانية و توفي على الفور .

و تتحدث الوالدة التي أضناها الشوق و زاد البعد من ألمها عن بقية المعاناة حيث إنها لم تتمكّن من زيارته منذ ثلاثة أعوام ، و تتابع أنها آخر مرة رأته داخل السجن كان يعاني من ضعفٍ في البصر إضافة إلى خلع أسنانه و اهتراء لثّته و ضعف حالته الجسدية و نحل قوامه اللافت .

و تقول الوالدة إنها حين أبدت قلقها عليه ابتسم و أخذ يرفع من معنوياتها و يشدّ أزرها و يقوّي عزيمتها و هو يقول (سأحضر لك معتقلاً أقدم مني) ، و فعلاً نادى على زميله الأسير “أبو السكر” الذي حضر و أبلغها أن وضعهم بخير رغم إمضائهم قرابة الربع قرن داخل السجن ، و هنا تتدخّل الشقيقة الأخرى لتقول لنا : “لقد أمضى سعيد داخل المعتقل 26 عاماً ، أي أكثر من اليوبيل الفضي بعام ، فالناس عادة يكرمون العلماء و المبدعين و المراكز الإبداعية بعد 25 عاماً على مشوارها ، أفلا يستحق سعيد إكراماً بعد 25 عاماً من مشوار السجن” ، و تضيف : “نحن نتفهّم أن الحكومة الصهيونية لا تتجاوب عادة مع رغبات الفلسطينيين لكننا في نفس الوقت نشعر أن هناك تقصيراً من المؤسسات الرسمية و الوطنية و الشعبية التي كان من الواجب أن تتكاتف جهودها لإطلاق سراح سعيد” ، و تضيف : “من سمع بمعاناة سعيد ؟؟‍ لا أحد ، رغم أنه قد اعتقل لقضية وطنية تختص بالناس جميعاً ، ليس حقّه على تنظيمه فحسب ، الجميع مقصّر ، الجميع يجب أن يفعّلوا موضوع سعيد ، لقد آن الأوان أن يغلق ملف اعتقاله ، لقد آن الأوان أن يخرج سعيد من سجنه ، 26 عاماً هي فترة كافية لتحلّل الجسد داخل القبر و مع ذلك فإن سعيد ما زال يعيش مع الأمل من داخل المعتقل” .

و أضافت تقول : “أين قضية سعيد من طاولة المفاوضات الحالية و أين إخوانه الأسرى الذين أمضوا محكوميات طويلة ، لماذا الإفراج فقط عن الذين تبقّت لانقضاء محكومياتهم أيام قليلة ؟ و لماذا نقبل التوقيع على أيّ اتفاق لا يشير إليهم مجرد إشارة ، بالأمس مدريد ثم أوسلو و نحن الآن نستشرف خارطة الطريق فهل ستقود سعيد و رفاقه إلى طريق الشمس التي حرّموا منها في عالم الحرية أم سيغلق الباب أمام هذا الحلم من جديد ، و يطوي قصتهم سجل النسيان ، و يجب أن تكون هناك متابعة لأولويات المطالبات بالإفراج حسب المدة التي يقضيها المعتقل داخل السجن” .

و تقول شقيقة الأسير سعيد سناء : “لقد تقدّم أحد المحامين بطلب استئناف ضد الحكم الصادر بحق سعيد و مدته مؤبّد و ضد إغلاق البيت غير أن الاحتلال لم يتجاوب مع الاستئناف و بقي سعيد على حكمه و بقي البيت مغلقاً مدة 17 عاماً .

و عن سعيد تقول الوالدة : “لقد كنّى سعيد نفسه باسم أبو الحسن غير أنه داخل المعتقل أصبح يسمى “أبو الحكم” من قبل زملائه الأسرى حيث عرف بأنه حاكم عادل و طرف توفيقي يسعى دوماً للتصالح و المصالحة بين الفصائل عند أيّ إشكال ، و أنه قد تميّز بعلاقاته الطيبة من الجميع داخل المعتقل و هو ما جعله أحد الرموز العامة للأسرى و يلاقي هناك قبولاً عاماً من جميع السجناء” .

و تختتم الوالدة حديثها بعن سعيد بالقول : “إن الفرح قريب إن شاء الله و ابق يا سعيد كما عرفناك صابراً صامداً محتسباً و إن شاء الله بعد أبو السكر يكون دورك يا سعيد و إن غداً لناظره لقريب” .

حكاية الأسير سعيد العتبة … حكاية تراكم على بطلها غبار النسيان و الإهمال خلف قضبان السجون دون أن يمنع ذلك الغبار قلباً حياً عن الخفقان و دون أن يحد علو الأسوار شوق القلب الملتاع من ألم الفراق ، و حتى تشرق شمس الحرية من جديد على سعيد تبقى أسرته في جبل النار تتمسّك بصلات غالية و رجاء كبير من الله عز و جل أن يسخر للإفراج عنه ما شاء الله من أسباب .

ومن المقرر ان يرى العتبة النور نهاية هذا لاشهر لينهي 3 عقود من الظلم والحرمان