19/11/2007

قبيل انعقاد مؤتمر أنابوليس يسعى الجانب الفلسطيني جاهدا ومن خلال اتصالاته مع نظيره الاسرائيلي والمسؤولين الدوليين الى الضغط على حكومة أولمرت لاستصدار قرار بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا ما أكده د. صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في تصريحه خلال ندوة سياسية في رام الله بأن الفلسطينيين أبلغوا الولايات المتحدة أنهم لن يقبلوا بأقل من التجميد الكامل لبناء المستوطنات قبل المؤتمر.

وعلى صعيد الجهود الدولية في هذا الإطار، فقد ذكر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الذي زار المنطقة مؤخرا، بأن الاستيطان “ليس غير مشروع قانونياً فحسب، بل إنه سياسيا يمثل أبرز عقبة أمام السلام، وعلى إسرائيل إيقاف ذلك فورا للتقدم نحو السلام. ليس هناك أي مبرر لتوسيع المستوطنات: لا “النمو الطبيعي” ولا الناحية الأمنية. بل خلافاً لذلك سيقوي الاستيطان الإحساس بالظلم وسيعزز الانعدام الأمني.”

وتعليقا على الأنباء التي ترددت مؤخرا حول نية الحكومة الإسرائيلية تجميد الاستيطان، قال مراسل صحيفة هآرتس المختص في حقوق الانسان، جدعون ليفي، في تقرير له نشرته الصحيفة في 18/11 من أن اسرائيل تنوي الاعلان عن تجميد البناء في المستوطنات، كتعويض عن رفضها البحث في القضايا الجوهرية، مضيفا أن “اسرائيل وقعت على سلسلة من الالتزامات بتجميد المستوطنات التي لم تفكر أبدا بالوفاء بها. البناء جُمد في ثلاث مستوطنات فقط طوال الاربعين عاما من الاحتلال رغم كل الالتزامات والتعهدات للقيام بذلك. ليس هناك سبب بأن اسرائيل ستتصرف بصورة مختلفة في هذه المرة.”

وقد وصف ليفي الاستيطان بأنه المشروع الأكثر إجرامية في تاريخ الاحتلال. وقال انه في عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود براك، جرى بناء 6.045 وحدة سكنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال عام ونصف من حكمه. كما أنه في العام الماضي بنيت 3.552 وحدة جديدة اخرى في ظل حكومة تتحدث عن نهاية الاحتلال والدولتين.

ومن المعلوم أن خارطة الطريق تنص بأن على “إسرائيل أن تنسحب من المناطق الفلسطينية التي احتلت بعد 28 أيلول (سبتمبر) 2000، والطرفان يعودان إلى الوضع الذي ساد قبل هذا التاريخ في وقت يتقدم فيه الأداء والتعاون الأمني. إسرائيل أيضًا تجمد جميع النشاطات الاستيطانية بما يتوافق وتقرير ميتشيل.

ومن جانبه، فإن القانون الدولي يحرم سياسة الاستيطان حيث ان اتفاقية جنيف لعام 1949 دعت في المادة (49) الفقرة (6) على تحريم إقامة المستوطنات ونقل جزء من سكان دولة الاحتلال إلى داخل الإقليم المحتل.” كما أن البروتوكلين الإضافيين لاتفاقية جنيف لعام 1977 قد حرما الاستيطان بطريقة غير مباشرة عندما نصا على تحريم نزع ملكية الإنسان بهدف تهجيره أو تشريده من بلده.”

وبحسب حركة السلام الآن، فهناك 121 مستوطنة رسمية و101 بؤرة استيطانية “غير شرعية” في الضفة الغربية وأن البناء في المستوطنات يشكل أقل من 3% من مساحة الضفة الغربية غير ان الأراضي البلدية الواقعة تحت سيطرة المستوطنات، فتبلغ اكثر 40%.

خلاصة القول، أن النشاط الاستيطاني الاحتلالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبخاصة في الضفة الغربية، لا يشكل عقبة فقط في طريق إقامة السلام العادل والدائم ما بين الشعبين، وإنما يشكل الضربة القاضية لأي إمكانية لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في تلك المناطق.

ومع تزايد النشاط الاستيطان خلال الحديث عن السلام وفي عهد الحكومات الاحتلالية التي تتبجح بأنها تسعى لاقامة السلام مع الشعب الفلسطيني، ما هو إلا تأكيد على عدم جدية الحكومات الاحتلالية المتعاقبة على المصالحة التاريخية مع الشعب الفلسطيني من خلال تمكينه ومساعدته على اقامة دولته في حدود الرابع من حزيران، وهي الأراضي التي زالت الأوساط الصهيونية تعتبرها جزءا لا يتجزأ من أرض اسرائيل التي يحرم على اي كان التنازل عنها. وهي نفس المناطق التي يعتبرها القانون الدولي أراضي محتلة، وآخر ما أكد ذلك الرأي الاستشاري لمحكمة العدل العليا الصادر في 2004.