10/12/2007

صادف العاشر من كانون أول الذكرى 59 للاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اطلقته الجمعية العامة للأمم المتحدة واقر بمساواة اعضاء الأسرة البشرية في الحقوق على أساس الحرية والعدل والسلام. وهو الإعلان الذي تعهد بموجبه أعضاء الأمم المتحدة على ضمان تعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الانسان وحرياته الأساسية. ولقد تضمن الكثير من الحقوق الانسانية لأبناء البشر كونهم ولدوا احرار ومتساوين في الكرامة والحقوق.

وبالنسبة للحالة الفلسطينية، فان انتهاك أبسط حقوق الانسان التي كفلها الإعلان منتهكة حتى منذ تاريخ تأسيس الأمم المتحدة التي عملت على تقسيم أرض فلسطين ما بين اصحابها الشرعيين والمستوطنين القادمين من الخارج، مما أدى الى تشتيت غالبية ابناء الشعب الفلسطيني في كافة اصقاع المعمورة يكابدون من ويلات الغربة واللجوء.

كما أخفقت الأمم المتحدة في تنفيذ غالبية القرارات التي اتخذتها بخصوص القضية الفلسطينية، وفشلت في تأمين الحماية لأبناء الشعب الفلسطيني الخاضعين تحت نير الاحتلال الاسرائيلي الذي يفترض فيه ان يكون مؤقتا لعدم جواز احتلال الأرض بالقوة وعدم جواز احداث تغييرات ديمغرافية وجغرافية في الأرض الواقعة تحت الاحتلال.

وهو الشي الذي عمل الاحتلال عكسه تماما من خلال العمل ومنذ اللحظة الأولى الى العمل على ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل على استيطان اجزاء اخرى منها ومارس الطرد والابعاد بحق المواطنيين الأصليين، ناهيكم عن ارتكاب العديد من المجازر وأعمال القمع الأخرى وهدم المنازل ومصادرة الأراضي والاعتقال وغيرها من الممارسات المختلفة ومتعددة الأشكال التي يتصف بها الاحتلال.

ووجد الاحتلال ففي ممارساته الدعم والتأييد في المحافل الدبلوماسية بفضل العلاقات الاستراتيجية المتميزة التي تربطه بالولايات المتحدة الأميركية اقوى قوة في العالم التي استخدمت كل بحوزتها من أسباب القوة وبخاصة سلاح الفيتو لاجهاض اي قرار قد يتخذه مجلس الأمن لادانة اسرائيل او فرض عقوبات عليها بسبب ممارساتها الاحتلالية وقمعها لحريات الفلسطينيين.

وشاءت الظروف بأن يسبق ذكرى الإعلان قيام جمعية حقوق المواطن في اسرائيل بنشر تقريرها الذي خلص الى تنامي مظاهر العنصرية والملاحقة السياسية في اسرائيل. وهو التقرير الذي لم يكن مفاجئا في نتائجه لكل الواعين للسياسة الاحتلالية الاسرائيلية. وهي السياسة التي يتحمل مسؤوليتها الساسة في اسرائيل كونهم دائما يحرضون ضد العرب ويصفونهم بأبشع الصفات ولأن ظاهرة التطرف والعنصرية هي البطاقة التي أوصلت الكثيرين من الساسة الاسرائيلية الى مواقعهم الحالية. فكلما كان المسؤول متطرفا ومتشددا بمواقفه ازاء العرب، كلما اعتبر ذلك دليلا على الاخلاص للأحلام الصهيونية.

وعليه، فرغم ادعاء اسرائيل بديمقراطيتها التي بالتأكيد لا تشمل العرب، إلا ان جميع ممارساتها موغلة في يالعنصرية فالأرض لا تباع للعرب، والعرب حشرات، والعربي يجب ان يرحل والعرب غير مسموح لهم السكن في الأحياء اليهودية وحتى احيانا عدم استخدام بعض الشواريع اليهودية وغيرها الكثير من الأمثلة.

وأخيرا، عندما تصر القيادة في اسرائيل بأنها تريد من الجانب الفلسطيني الاعتراف بيهودية الدولة، فهذا التتويج للعنصرية يؤكد على أن لا أمل في الساسة لتغيير الثقافة العنصرية السائدة لدى الغالبية العظمى من الاسرائيليين. واذا ما استمرت وتيرة الأوضاع على ما هي عليه الآن، فإنه بدون ادنى شك سينتهى المطاف باقامة نظام فصل عنصري أسوأ مما كان عليه الحال في جنوب افريقيا. وهذا يستدعي من المجتمع الدولي العمل والضغط لانقاذ اسرائيل من عنصريتها والعمل الجاد والدؤوب على تغيير العقلية الاسرائيلية الناضحة بالعنصرية. وهذا هو أقصر الطرق للعيش السلمي في المنطقة بعيدا عن دوامات العنف والعنف المضاد.