12/6/2008
بقلم: مفتاح
إن صدقت الأنباء التي نقلت عن مصادر سياسية أوروبية، بأن الاتحاد الأوروبي لا نية لديه لتطوير علاقاته مع إسرائيل وخاصة الاقتصادية منها، وإعطاءها مزيدا من فرص الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي ووكالاته، بعكس ما طالبت به الحكومة الإسرائيلية، فان ذلك يعد مؤشرًا على أن أوروبا لا زالت تسير على نهجها السياسي التقليدي العقلاني تجاه الشرق الأوسط وقضاياه، وتحديدا العلاقات مع إسرائيل من جهة، والدول العربية والفلسطينيين من جهة أخرى.
وبغض النظر إن كان هذا الموقف الأوروبي المتبلور والمعارض لتطوير العلاقات مع إسرائيل، جاء نتيجة ومحصلة لاختلاف وجهات نظر دوله الأعضاء، او نتيجة لعوامل التأثيرات الخارجية أو الداخلية، أو استجابة إلى الدعوات لعدم مكافأة إسرائيل التي لا زالت تنتهك وتتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني من خلال مواصلة بناء مستوطنات واحتلال أرضه، فان المحصلة تشير إلى إن أوروبا لا زالت تسعى لاتخاذ مواقف متوازنة تجاه الشرق الأوسط.
مواقف دول الاتحاد الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، هامة ومشجعة ومتوازنة، وان لم تكن بالمستوى المطلوب من دول لها تاريخ وعلاقات وفهم عميق للصراع العربي الإسرائيلي بحكم الجوار والعلاقة التاريخية، إلا أنها تسعى دائما للتوافق فيما بينها على دعم جهود السلام، وإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتوفير الأمن لإسرائيل، أي أنها ترى بان مدخل الحل يتمثل بإنهاء الاحتلال وتوفير الأمن معًا، وهي مواقف تتميز عن موقف الإدارة الأمريكية التي ترى غالبًا بأن الأولوية تكمن في وقف العنف، وتوفير الأمن لإسرائيل ومن ثم العمل على إقامة الدولة الفلسطينية.
تطوير الموقف الأوروبي تجاه المطالب العربية والفلسطينية يحتاج إلى عمل وجهد على المستويين الدبلوماسي والسياسي، وعلى صعيد الأحزاب والمجموعات السياسية والاجتماعية الضاغطة في الاتحاد الأوروبي، بغرض نقل حقيقة معاناة العشب الفلسطيني إليها والتنسيق المشترك معها، وحثها على الضغط على إسرائيل للالتزام بالشرعية الدولية، والعمل على إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان، ودعوتها للتأثير أيضا على المواقف الأمريكية، ذلك أن لأوروبا تأثير، وان لم يكن بشكل واضح على الإدارة الأمريكية ومواقفها، وهو أمر إن، حدث سينعكس إيجابا على مجمل العملية السياسية وتطورها ووصولها إلى الأهداف المعلنة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
كما أن المواقف الأوروبية وتطويرها لا بد وستنعكس على سياسيات إسرائيل، التي إن تعرضت لضغوط سياسية واقتصادية جدية، وخاصة من محاور وتكتلات دولية ذات تأثير كالاتحاد الأوروبي، فإنها لا بد وستضطر إلى تغيير سياساتها العدوانية تجاه العرب والفلسطينيين، وسيتوصل ساستها إلى قناعة بأن المجتمع الدولي بما فيه العالم الغربي لا يمكن أن يطور علاقاته معهم إلى أعلى المستويات دون أن يدفعوا ثمنًا لذلك، والثمن هنا هو إنهاء الاحتلال وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة المتمثل بحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.