26/6/2008
يصادف السادس والعشرون من حزيران من كل عام اليوم العالمي لضحايا التعذيب، وهو يوم أقرته الأمم المتحدة لمناصرة ضحايا العنف والتعذيب في كل أنحاء العالم، إذ تعقد اللقاءات ورشات العمل للتذكير والحديث عن ما يعانيه ضحايا ظواهر العنف والتعذيب في مختلف الدول. وفي فلسطين لا زال هناك شواهد حية على ما يعانيه الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الذي ترك جروحًا نفسية وجسدية بالغة.
وأبرز ضحايا العنف والتعذيب الإسرائيلي، الجرحى والأسرى في سجون الاحتلال، حيث تمتلئ هذه السجون بالأسرى الذين تعرضوا منذ لحظات اعتقالهم الأولى للتعذيب، الذي يترك آثارا بليغة على نفسياتهم وأجسادهم، وربما العامل النفسي هو ما تحتاج المؤسسات الرسمية والأهلية التي تعنى بقضايا الأسرى والأسرى المحررين أن تعمل على علاجه، عبر تطبيق وتصميم البرامج الهادفة إلى محو آثار التعذيب، وإعادة تأهيله الأسرى للعودة للانخراط في المجتمع والإسهام في بنائه.
صحيح أن هناك إجماع على أن الحل لقضية الأسرى تكمن في الإفراج عنهم كافة من سجون الاحتلال، وهو مطلب سياسي تجمع عليه كافة شرائح المجتمع الفلسطيني وقواه، إلا أن العمل المجتمعي لدعم الأسرى المحررين والتخفيف عن آثار التعذيب والعنف الذي لحق بهم، يحتاج إلى جهود مختلف شرائح المجتمع ومؤسساته، فمعاناة الأسير لا تنتهي بالإفراج عنه فحسب، بل بمحو الآثار النفسية التي عانى منها.
فما يدور في سجون الاحتلال من تعذيب، هو خرق وانتهاك فاضح القانون الدولي الإنساني الذي يحظر ممارسة التعذيب بحق الأسرى ويعتبره جريمة حرب، فيما وفرت المحكمة العليا الإسرائيلية الغطاء لمحققي الاحتلال في السجون، إذ سمحت لهم باستخدام أساليب التعذيب المحرمة دوليا بحق الأسير، وقدمت هذه المحكمة الإذن لاستخدام التعذيب البدني والعنيف بحق المعتقلين، أما الأطباء الإسرائيليين فيشاركون في هذه الجرائم عبر تقديم المعلومات للمحققين عن صحة المعتقل والأجزاء المريضة في جسده والامتناع عن تقديم النصيحة والعلاج الطبي اللازم له.
وهذه الممارسات الإسرائيلية تحتاج إلى توثيق عبر الاستماع شهادات العديد من الأسرى، فتوثيق عمليات التعذيب الممنهج، هامة كدليل، تستند إليها المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية في رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية ضد من يمارسون التعذيب بحق الأسرى، وتعريضهم وعائلاتهم خارج السجون للضغط الجسدي والنفسي المستمر.
أما رعاية أبناء وعائلات الأسرى، فهي اجب أخلاقي واجتماعي، فأبناء الأسيرة و الأسير لا تقل عذاباتهم وهم بعيدون عن أبويهم، عما يعانيه الأسير نفسه داخل الأسر، فالرعاية المادية لهم واجبة ولكن الرعاية المجتمعية والاعتناء بهم واجب وطني كما هو أخلاقي أيضا.