5/7/2008
أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين على هدم منزلين في بيت حنيا والعيسوية في القدس، فيما أعلنت مصادر صحفية عن نية إسرائيل هدم منزلين آخرين يعودان لأسرة الشابين الذين نفذا عمليتين ضد إسرائيليين في القدس، أول أمس وقبل أشهر، إذ أن عمليات هدم منازل المواطنين المقدسيين لا تتوقف، فتارة بحجة الأمن وأخرى بحجة عدم الترخيص للبناء، وأخرى تحت عنوان معاقبة الذين نفذوا عمليات ضد إسرائيليين.
وأي كانت حجة إسرائيل لهدمها منازل المواطنين في القدس، فهي عمليات تتجاوز وتخرق القوانين الدولية وبخاصة القانون الدولي الإنساني، والتي تضاف إلى خروقات الاحتلال للعديد من حقوق الفلسطينيين وخاصة في مدينة القدس، حيث تسعى إسرائيل من خلال سياساتها إلى إفراغ المدينة من أصحابها وسكانها، عبر هدم منازلهم والتضييق عليهم، وسحب هوايات بعضهم، فيما الغريب أن كثير من هذه الإجراءات العقابية، تأتي تحت إطار “قانوني” إسرائيلي، فقد قال المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز ردا على طلب من الحكومة لدراسة إمكانية هدم منازل منفذي العمليات في القدس بأنه “لا يوجد قانونيا ما يحول دون هدم تلك المنازل”!.
سياسة الهدم الإسرائيلية لمنازل المواطنين في القدس ليست بجديدة، وهي تسير بشكل تصاعدي، فعلى اختلاف حكوماتها من اليمين واليسار، كان استهدف الوجود الفلسطيني في القدس، احد ابرز السياسات الإسرائيلية الثابتة، عبر حملات مستمرة تنفذها بلدية الاحتلال في مختلف القرى والبلدات المحيطة في المدينة لهدم منزل أو حتى غرفة يبنيها المواطنون داخل بيوتهم، فيما اعتراضات المواطنين لا تلقى أذانا صاغية لدى سلطات الاحتلال ولا محاكمها، فإسرائيل لا تعير أي اهتمام لنداءات الدولية، الداعية إلى عدم المساس بالوضع الميداني والجغرافي للمدينة على اعتبار أنها إحدى مواضيع مفاوضات الوضع النهائي.
والغريب أن تصاعد الهجمة الإسرائيلي على المقدسيين في مختلف جوانب حياتهم، تسير بشكل مستمر بمعزل عن سير مفاوضات الوضع النهائي، وكأن الاحتلال يسارع من خطواته الاستباقية لأي اتفاق يتم التوصل إليه بشان المدينة، ليحول دون تطبيق هذا الاتفاق على الأرض، بعد أن يكون قد حاصر المدينة بالمستوطنات ووسع القائمة منها، وأحكم حصاره لها بالجدار، وهدم ما تمكن من بيوت المقدسيين، وسحب هوياتهم وطرد عدد آخر منهم.
وأمام هذه الهجمة، يقف المقدسييون وحيدون في مواجهة جرافات وسياسات إسرائيل، فيما التحرك الرسمي والشعبي الفلسطيني والعربي لا يرتقى إلا إلى مستوى النقد والتنديد وعبر وسائل الإعلام فقط، بينما العمل الجدي على الأرض لمناهضة هذه السياسة والحفاظ على القدس، غائب عن الوجود، أما التضامن والدعم العربي الحقيقي للمدينة ومواطنيها، لا يكاد يذكر، رغم التأكيد الرسمي والشعبي المستمر على أهمية المدينة، وضرورة دعم صمود مواطنيها.
الحق الفلسطيني في القدس المدعوم دوليا بقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر القدس مدينة محتلة كباقي المدن الفلسطينية لا غبار عليه، لكن ما يحدث بحق المدينة وأراضها ومواطنيها، يستوجب نهضة رسمية وشعبية ميدانيا، عبر تفعيل المقاومة الشعبية السلمية المناهضة للسياسات الإسرائيلية وخاصة سياسة هدم المنازل، وعلى المستوى العربي والدولي، وفي الأمم المتحدة لجهة استصدار قرار دولي يجدد التأكيد على عروبة القدس وأنها مدينة محتلة وان كل ما يجري فيها من استيطان ونهب للأراضي غير شرعي، وذلك تجنبا للرضوخ لسياسة الأمر الواقع الإسرائيلي، التي تحاول أن تستبق نتائج المفاوضات بتغير معالم المدينة جغرافيا وتفريغها من اهلها.