2/8/2008

وكأن لا يكفي الشعب الفلسطيني التدمير الإسرائيلي الممنهج للمؤسسات الرسمية والأهلية والخاصة والاعتداءات المتواصلة على كل ما هو فلسطيني من إنسان وبنيان وحجر، حتى تُستهدف مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية الفلسطينية التي تقدم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها لأوسع شرائح فلسطينية وخاصة الفئات المهمشة والفقيرة والضعيفة، في قطاع غزةعلى أيدي فلسطينية.

ما شهده قطاع غزة من اعتداء مباشر على العديد من المنظمات الأهلية والاجتماعيةوالاعلامية، يعد اعتداء على أسس الحياة المدنية والمجتمع المدني التي يقوم على أكتاف هذه المؤسسات، التي بفعل جهودها وبرامجها تسعى للنهوض بالشعب الفلسطيني في كافة مناحي الحياة، وما استهدافها إلا محاولة لتحطيم المجتمع المدني، وعسكرة المجتمع، وتكميم الأفواه وإلغاء المكتسبات الديمقراطية التي أنجزت بفعل جهود المجتمع المدني ونضالات المجتمع الفلسطيني.

وتأزيم الموقف ميدانيا على الأرض عبر اقتحام المنازل وتنفيذ حملات اعتقال بحق المواطنين واستباحة المؤسسات الأهلية والمجتمعية الرياضية والممتلكات الخاصة، إضافة إلى اقتحام مكاتب أعضاء المجلس التشريعي والمؤسسات الاعلامية، لا يمكن ان يؤسس لمجتمع حر ديمقراطي تعددي، بل ان ذلك سيعمل على تحويل قطاع غزة إلى مكان تعمه الفوضى المؤسساتية والأمنية في ظل غياب لسلطة القانون والنظام.

ان ضحية هذه الممارسات، هو الإنسان والقانون والنظام والمجتمع الفلسطيني، الذي لم يعد يحتمل استمرار هذه الحالة، لا سيما في قطاع غزة، فالمطلوب الآن تدخل عربي ومحلي من كافة القوى السياسية والمجتمعية، لمنع التدهور الكبير في الأحداث على الأرض وعدم تعميق الانقسام وحالة الانفصال اللتان تعصفان بالساحة الفلسطينية، وتهدد وحدة الشعب المجتمعية والجغرافية، وتسهل على الاحتلال تحقيق سياساته وخططه في تمزق وحدة الأرض والشعب الفلسطيني.

إن انعكاس ما تشهده الساحة الفلسطينية الداخلية وخاصة في قطاع غزة، لا يضعف النسيج المؤسساتي والمجتمعي الفلسطيني، بل يعكس صورة سلبية لدى المجتمع الدولي وأنصار القضية الفلسطينية وأصدقاء الشعب الفلسطيني حول العالم، مما سينعكس على قوة وصلابة الموقف الفلسطيني في مواجهة السياسات الإسرائيلية التوسعية والاستيطانية، فالتحرك الآن واجب على كل أطياف المجتمع، قبل فوات الأوان وضياع القضية تحت أقدام الاقتحامات والاعتقالات الداخلية.