17/01/2009
إن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي تتطلب عوامل عدة، أبرزها تمتين الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمق العربي والدعم الدولي سياسيا وقانونيا وتوفر مقومات الصمود الفلسطيني، وأي خلل في هذه العناصر لا بد وسينعكس سلبا على قدرة الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الذي شهدنا حلقة جديدة من مسلسل عدوانه المكثف على قطاع غزة خلال الأيام الماضية.
وكان لهمجية هذا العدوان الإسرائيلي أصداه، فانطلقت في كل الدول ردود الفعل الشعبية وحتى الرسمية، التي أعربت عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني في مواجهة هذه الهجمة التي تسعى عبرها إسرائيل تحقيق أهدافها السياسية، ليس أقلها تكريس الانقسام الفلسطيني جغرافيا وسياسيا وكذلك القضاء على فرص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
إن أي عمل عربي مشترك لا بد وينعكس إيجابا على القضية الفلسطينية، فالعمق العربي كان ولا يزال يشكل رافدا رئيسيا هاما من روافد تصليب وثبات النضال الوطني الفلسطيني، ويشكل داعما له في جميع المحافل على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ورغم أن هذا العمق عنصر هام يجب أن لا نفرط به، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن يفقد الفلسطينيون ممثلين بمنظمة التحرير الفلسطينية، قراراهم الوطني المستقل لصالح محور إقليمي هنا أو محور هناك، يسعى لتحقيق مصالحه وليس مصالح فلسطين وشعبها.
إن سياسة المحاور الإقليمية والاصطفاف العربية، أكثر ما تؤذي القضية الفلسطينية، وبل وتعيق بشكل أو بأخر إعادة اللحمة الفلسطينية، فللأسف هناك من لا زال يعتقد أن الانصهار في أحلاف وتكتلات إقليمية سينعكس إيجابا عليه أو الشعب الفلسطيني، وما الاجتماع الذي عقد في الدوحة بمشاركة وفد من فصائل فلسطينية، إلا مثال على أن هذه السياسية ستصب بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا الإطار.
إن أي محاولة لضرب وحدانية التمثيل الفلسطيني، ومحاولات إلغاء سنوات طويلة من النضال، استطاع خلالها الفلسطينيون إن يفرضوا على العالم وان ينتزعوا اعترافا عربيا ودوليا بل وحتى إسرائيليا بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لا محالة ستبوء بالفشل، فالأجدى بمن يريد إن يسند الفلسطينيين أن يحرص على وحدتهم ووحدة أطرهم السياسية والوطنية، وليس العمل على تمزيقها.
لا مصلحة لأي قوى فلسطينية أن تكون طرفا أو أداة في سياسة دولة أو محور ضد محور آخر، بل إن فلسطين وشعبها لديهم هدف وطني يحتاج إلى دعم عربي ودولي جماعي، فليس من المنطقي بل وليس من الوعي السياسي أن ندمر قضيتنا بأيدينا ونخسر أشقائنا العرب وأصدقائنا حول العالم، ونحول الأنظار عن قضية شعبنا التي يراها العالم على أنها قضية عادلة، إلى مشكلة يسعى الأطراف المتنازعون إقليميا ودوليا على الإمساك بها واستخدامها كورقة تفاوض لتحقيق انجازات سياسية أو اقتصادية.
إن مئات الآلاف التي خرجت لشوارع عواصم الدول الغربية والشرقية، خرجت للتعاطف مع شعب اعزل داست أجساد أطفاله ونسائه وكهولة دبابات الاحتلال، وهي نظمت المسيرات وحملات التضامن ليس لعيون أو دعما لهذا المحور أو ذاك أو لأجل التعبير عن دعم فصيل فلسطيني بعينه، بل خرج مئات الآلاف من المتظاهرين في أصقاع الأرض دعما لفلسطين كل فلسطين وشعبها وحقه في التحرر والانعتاق من الاحتلال ومن اجل دعم حقه في تقرير مصيره.
إن الوعي الوطني والسياسيوالمسؤولية تتطلب من جميع القوى الالتفاف حول الإطار الوطني الفلسطيني الجامع المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية، والعمل سريعا على إعادة اللحمة واستعادة الوحدة الوطنية، لنكون كفلسطينيين بعيدا عن أي انقسام وطني ناتج عن انقسام عربي، فقضية فلسطين طالما كانت جامعة للعرب، وعلينا إن نبقيها جامعة وموحدة للعرب، فالعمق العربي المتين المتماسك عاملا مقربا لنيلنا حقوقنا الوطنية، أما الانخراط في تكتلات محورية، سيمزق وحدتنا أولا ويعصف بقضيتنا ثان
بقلم: مفتاح
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح