16/2/2009

انتشر في شوارع مدينة رام الله اليوم العشرات من طلبة المدارس الابتدائية، يساندهم عدد من موظفي المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية “مفتاح”، ضمن حملة تطوعية تشرف عليها البلدية لتجميل المدينة، عبر زرع اشتال من أشجار الزيتون في شوارعها.

ان تشجير شوارع رام الله ضمن حملات عمل تطوعي ليست غريبة عن المجتمع الفلسطيني، على الرغم من أنها ظاهرة خفت حدتها ولا تكاد تذكر إلا بشكل سنوي إبان موسم قطاف الزيتون، وذلك مقارنة بما كان الوضع عليه إبان الانتفاضة الأولى وما سبقها، والتي كانت شعبية انتفاضة بامتياز، مما أعطاها قوة الدفع والاستمرارية والتأثير الأكبر محليا وإقليميا ودوليا.

إن التحركات الشعبية على أي صعيد سواء كانت بيئية كتجميل مدننا، أو اجتماعية كفعاليات التكافل الاجتماعي، وسياسية كالتحركات الشعبية التي توجت على رأسها، فعاليات قريتي نعلين وبلعين اللتان اتخذ أهلها النضال الشعبي سبيلا لمواجهة الاستيطان وجدار الضم والتوسع والفصل العنصري الإسرائيلي، واستطاعوا أن يجمعوا حولهم فرقا من المتضامنتين الدوليين، جميعها تصب في إطار التحرك الشعبي الذي غاب لفترة طويلة عن المشهد الفلسطيني إلا في مناسبات موسمية.

إن ما تشهده القضية الفلسطينية أولا على الصعيد الداخلي من انقسام، وخارجيا من تسعير حدة الاستيطان والعدوان الإسرائيلي، وتراجع التضامن الدولي، وان شهد هذا التضامن تطورا إبان العدوان على قطاع غزة، فجميعها تحتاج إلى موقف بل وتحرك مجتمعي شعبي بشكل استراتيجي وليس على شكل ردات فعل آنية، وذلك يتطلب مشاركة أحزاب ومؤسسات واطر شعبية، وذلك بهدف وقف حالة التراجع والتدهور على الصعيد الداخلي وعلى صعيد القضية الوطنية، في ضوء التطورات الإقليمية والدولية وخاصة صعود اليمين المتطرف في إسرائيل وبقوة، بحسب آخر انتخابات للكنيست، وما يتطلب ذلك من استعداد لمواجهة خطط وبرامج هذا اليمين.

وبما أن التجارب الشعبية في النضال الشعبي السلمي أثبتت نجاعتها وأظهرت تعاطفا دوليا لا يستهان به، فالأجدى أن نبني عليها برنامجا سياسيا واجتماعيا يعيد الاعتبار للدور الشعبي في المقاومة الوطنية والتحرر الوطني، بما يضمن نهضة داخلية على المستوى الاجتماعي والتنموي وعملا موحدا يشمل كل فئات الشعب على المستوى السياسي، وان لا يقتصر العمل الشعبي الجماعي على المستوى السياسي فحسب.

وعودة على بدء، فان مشهد نشاط الطلبة الصغار في شوارع رام الله اليوم، وهم يعملون بكد ونشاط في زراعة أشجار في شوارع مدينتهم، لهو مثال على أن تربية الجيل الناشئ على هذا النوع من الأعمال التطوعية والانخراط في المبادرات الشعبية الايجابية، إنما ينمي روح المواطنة والانتماء للوطن فعلا وليس قولا، مما سينعكس ايجابيا على وعي وتفكير الجيل القادم، الذي إن لم تشأ له الأقدار أن يشارك في عملية تحرير الأرض المحتلة، فانه بالتأكيد سيشارك في بناء وطن حر ديمقراطي، يرتكز على قدرة الفرد فيه على الإبداع والمبادرة.

بقلم: مفتاح
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح