2/3/2009
لم يتبقى لرئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته ايهود أولمرت سوى أيام معدودة في سدة الحكم، إلا انه لا زال يتوعد قطاع غزة بعدوان آخر، في الوقت الذي يجتمع فيه ممثلو الدول المانحة في مؤتمر شرم الشيخ لبحث تقديم دعمهم للشعب الفلسطيني وإعادة اعمار ما دمره اولمرت قبل أكثر من شهر خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
ورغم أهمية الدعم الدولي الاقتصادي لقطاع غزة في ظل وجود مئات الأسر المشردة والمؤسسات والمنشات المدمرة، إلا أن الدعم السياسي للشعب الفلسطيني هو أيضا أساسي وحيوي، خاصة أن القادة الإسرائيليين ما انفكوا يتوعدون القطاع بعدوان آخر، في وقت تتجه الحكومة اليمينية الإسرائيلية القادمة نحو تسلم مقاليد الحكم، وهي حكومة، عناوينها ورموزها وأعضائها لا يقلون رغبة وتوقا لتجديد العدوان على قطاع غزة، من سابقيهم في حكومة اولمرت.
وأمام هذا التوجه اليميني العدواني في إسرائيل، يبرز سؤال قديم جديد، هل يستطيع المانحون المجتمعون في شرم الشيخ، حماية ما يمكن أن يتم إعادة اعماره في القطاع، وهل لديهم الرغبة والنية لإجبار إسرائيل بالتوقف عن شن العدوان تلو الأخر على الشعب الفلسطيني، وعدم الهجوم واستهداف القطاع بمواطنيه ومنشأته ومؤسساته مرة أخرى؟
إن التجربة الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي أثبتت أن إسرائيل لا تتوانى عن تدمير البشر والحجر، غير آبهة بالمجتمع الدولي ومواقفه، فإحدى أوجه الاحتلال التدمير المستمر لكل ما يبنيه الفلسطينيون، ومن ضمنها المشاريع التي تمولها الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوربي أو الدول العربية وباقي المانحين، وهو سيناريو ليس ببعيد عن التكرار إذا ما نظرنا إلى من سيرأس حكومة إسرائيل القادمة والتي ستضم بين ثناياها عتاة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذين لن يتوانوا عن تكرار ما أقدم عليه ثلاثي الحرب أولمرت وليفني وباراك في قطاع غزة، وربما بشكل أكبر وأوسع.
وأمام ذلك، يبرز من جديد التحرك والدعم السياسي كمتطلب أساسي لحماية ما يعاد اعماره في القطاع، ضمن جهود أساسها رفع الحصار والإغلاق عن القطاع، وإجبار إسرائيل على قطع التعهدات بعدم استهداف القطاع أو الضفة الغربية، ليتلو ذلك تحركا دوليا سياسيا أعمق لجهة العمل على إنهاء الاحتلال، وفق رؤية الدولتين التي يرفض حزب الليكود الإسرائيلي ولا سيما رئيس وزراء إسرائيل القادم بنيامين نتانياهو الاعتراف بها والتعهد على تحقيقها، وهو ما يتناقض مع قرارات وتوافق المجتمع الدولي.
ولتحقيق الانجاز الاقتصادي المأمول من مؤتمر شرم الشيخ فان الجهود الدبلوماسية والسياسية، لا بد وان تكون ضمن نسق دولي تجاه هدف واضح يتمثل بإنهاء الاحتلال، دون مماطلة أو تسويف. وفي هذا الإطار، فان منظمة التحرير والقيادة أوضحت الموقف الفلسطيني الرافض للتفاوض أو الحوار مع أي حكومة إسرائيلية لا تلتزم برؤية حل الدولتين، إذ قال قال الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، إن الرئيس محمود عباس أعلم أعضاء اللجنة الرباعية بشكل رسمي بأن أية حكومة إسرائيلية ترفض مبدأ الدولتين والاتفاقات الموقعة ووقف الاستيطان ورفع الحصار والإغلاق، لن تكون شريكة لمنظمة التحرير الفلسطينية ولن تجري أي مفاوضات سياسية معها، وأن المفاوضات لا يمكن أن تكون هدفاً بحد ذاتها.
ولأن المفاوضات يجب أن تصل إلى نتيجتها المطلوبة وهو إنهاء الاحتلال، فان التركيز على الشق الاغاثي والاقتصادي سيجعل من قضية الشعب الفلسطيني، قضية اغاثية بحتة، مما سيطيل أمد الاحتلال ولن يساعد أبدا في إنهائه، فبالرغم من إلحاحية الدعم الاقتصادي وضرورته، وأولوية إعادة الاعمار وما خلفه العدوان، إلا أن إنهاء الاحتلال لا بد وان يكون ضمن حراك سياسي دولي واسع يترافق مع إعادة اعمار القطاع، بل واعمار الدولة الفلسطينية المقبلة.
بقلم: مفتاح
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح