2/7/2009

بقلم: نادين الجيطان-خاص بمفتاح
ذكرت مؤسسات حقوق الإنسان مؤخرا أن عدد ضحايا جرائم القتل على خلفية ما يسمى (شرف العائلة) في الضفة الغربية وغزة قد بلغت منذ بداية عام 2009 حتى الآن 8 أشخاص بينهم خمس نساء ورجلان و طفل.

وهذا يؤكد أن قضية شرف الفتاة و الحفاظ عليه لاتزال مسألة حساسة و جوهرية بالنسبة إلينا كمجتمعات عربية شرقية، بالرغم من التغيرات الظاهرية الكبيرة التي طرأت على حياتنا بفعل الثورة التكنولوجية و الاتصالية الحديثة.

و اللافت في الأمر أن معظم مرتكبي جرائم الشرف لا تتجاوز عقوبتهم القصوى ثلاث سنوات مدنية والبعض منهم يسجن لمدة شهرين أو ثلاثة، والأغلب يعفى تماما نظرا لتطبيق بعض المواد القانونية التي تظلم الفتاة وتبرر الجريمة. ومن جهة أخرى يدعم مرتكبي جرائم الشرف عائليا وعشائريا، وذلك كونه بحسب هذا الفكر انه بما فعل قد حافظ على شرفه وسمعته من العار.

وفي الغالب تلقى الضحايا في الشوارع أو في أماكن مجاورة ليعرف الناس بالحادثة، فيما تتم هذه الجرائم عادة باستخدام أسلحة بدائية أو نارية لتنفيذ عملية القتل، وتقتل الفتاة بالطبع دون أن تناقش أو تعطى فرصة لتشرح أو توضح ما حصل معها بالفعل.

وعقد في مقر المجلس التشريعي في رام الله مجموعة عمل خاصة لمناقشة مواد معينة من قانون العقوبات 340،62،98 الحساسة للغاية سيما وأنها تنص على القتل على خلفية الشرف، حيث اجمع النواب المشاركون في النهاية على صياغة ما تم الاتفاق عليه من تعديلات مقترحة على الأعداد المذكورة بطريقة تتناسب مع تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم القتل و ضرورة المساواة في العقوبة بين الرجل و المرأة.

فمثلا في إحدى الجرائم قتل شاب من احد المخيمات اللاجئين في قطاع غزة أخته العانس لأنها كانت على خلاف مع زوجته، وعند التحقيق معه اعترف بالسبب الحقيقي للجريمة.

وفي قضية أخرى نشرتها وكالة معا الإخبارية أيضا قام شاب يبلغ من العمر 22 عاما على قتل أبيه وزوجته وأخيه الصغير وعندما تم اعتقاله من قبل الشرطة، ادعى أن القتل جاء على خلفية شرف العائلة.

وفي قطاع غزة، روي أن الأهل رؤوا بطن ابنتهم منتفخا فشكوا بأنها حاملا فوضعوا لها سُما في الطعام وماتت مقتولة، وعند تشريح الجثة تبين أن البنت بكرا وأن هذا الانتفاخ في بطنها يعود لمرض عندها وليس حملا كما اعتقد الأهل في البداية.

هذه القصص وغيرها تؤكد أن في كثير من الأحيان أصبح ما يسمى بالدفاع عن الشرف يستخدم كوسيلة لتغطية جرائم أخرى مثل الميراث وغيرها، ووسيلة لتفريغ عقد وثقافة رجعية لا تمت للمنطق بصلة، وبالتالي تظلم الفتاة وتتهم بشيء لم ترتكبه والذي يؤكد ذلك أن معظم اللاتي يقتلوا على خلفية الشرف من غير المتزوجات كن عذراوات رغم اتهامهن بجريمة الزنا.

إن انتشار العنف والقتل بغض النظر عن نوع السبب هو مرض اجتماعي خطير ويعكس مشكلات داخلية في المجتمع لابد من علاجها حيث حتى الدين والشرع يحرم أن يقوم شخص بأخذ حقه بيده أو أن يحكم على الآخرين وفق منظوره، فحتى لو كانت الفتاة قد ارتكبت جريمة الزنا بالفعل فهنالك أحكام و قوانين تحدد نوعية وطريقة تطبيق العقاب.

ومن هنا يأتي دور المؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني الواجب عليها أن تبذل المزيد من الجهد خصيصا تجاه المناطق الريفية والفقيرة لتوعيتهم تجاه قضايا بمثل هذا النوع وان تستهدف التوعية الرجال و النساء بشكل متساوي.

ومن المهم أيضا أن تدرك الفتاة كيفية التعامل مع الجنس الآخر وما الطريقة الطريقة الصحيحة التي تحافظ بها على نفسها وحقوقها حتى لا تقع في الخطأ و يكون قد فات الأوان.

وكذلك من المفترض إقرار وتنفيذ التعديلات التي جرت على بعض المواد القانونية المتعلقة بالقتل على خلفية الشرف حيث أكدت المحامية سناء عرنكي على أهمية إلغاء تطبيق المادة 98 من قانون العقوبات عند الحكم على قضايا القتل على خلفية الشرف، وذلك لأنها مادة تعفي المجرم نهائيا من الجرم بالرغم من عدم توفر شرط الفورية في تنفيذ القتل، فمعظم الحالات يكون هنالك تخطيط مسبق لتنفيذ عملية القتل كما أن السبب والدافع يكون مجرد ادعاءات أو أسباب لا تخص شرف الفتاة مثل الميراث وغيرها.

كما أوضحت أن الكثير من الأهالي يستخدمون القاصرين لتنفيذ هذه الجرائم ذلك أن المادة 62 تحميهم من أي عقوبة ولا تجرمهم.

وطالبت بدورها بتعديل هذا المادة، لتشكيل رادعا يجعل كل شخص يفكر مئة مرة قبل أن ينهي حياة شخص مقرب منه لمجرد شكوك أو ادعاءات باطلة في معظم الأحيان.

المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية / مفتاح