17/2/2008

في إجراءات قهرية لم تشهدها الضفة الغربية منذ عدة سنوات، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي في فرض قيود مشددة على حركة المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بشكل أصبح التنقل في بعض المحافظات شبه مستحيل. وقد تسبب الحصار في وفاة امرأة فلسطينية تعرضت لنوبة قلبية بعدما منعت تلك القوات سيارة الإسعاف من الوصول إليها لنقلها للمستشفى، كما لم تسمح لذويها باجتياز الحاجز باتجاه سيارة الإسعاف.

واستناداً لتحقيقات المركز، وما أفاد به باحثوه الميدانيون في الضفة الغربية، ففي ساعات مساء يوم الأربعاء الموافق 13/2/2008، شرعت قوات الاحتلال في إغلاق العشرات من الشوارع العامة والطرق الزراعية بالصخور الضخمة وأكوام الأتربة، ونشر المزيد من حواجزها العسكرية على مفترقات الشوارع الرئيسة وبخاصة في المحافظات الشمالية منها، بشكل لم تشهده منذ عام 2003. تزامن ذلك مع إعادة التمركز على حواجز أخليت في السابق، مثل حاجز الباذان، شمال شرقي مدينة نابلس، وحاجز مفترق مستوطنة “يتسهار” جنوبي المدينة، وتشديد الإجراءات المتبعة على الحواجز الثابتة، ومنع مواطني المحافظات الشمالية، بشكل مطلق أحياناً، وللأشخاص الذين لم يبلغوا الخامسة والثلاثين من أعمارهم في أحيان أخرى، من التنقل بين محافظة وأخرى، أو داخل المحافظة الأخرى. وقد أغلقت العديد من الطرق بشكل تام، مما أجبر المئات من سكان محافظات نابلس، جنين وطولكرم من المبيت خارج منازلهم. ويضطر المدنيون الفلسطينيون للانتظار على الحواجز ساعات طويلة على أمل السماح لهم بالوصول إلى أماكم عملهم أو دراستهم، أو إلى منازلهم في ساعات المساء، في ظل الأجواء الماطرة والعاصفة. وذكر باحثو المركز أن جنود الاحتلال يتبعون إجراءات تفتيش للركاب وأمتعتهم وللمركبات التي تقلهم، مستخدمين الكلاب البوليسية في أحيان كثيرة، فضلاً عن تعمد الجنود إذلال المواطنين وإساءة معاملتهم بشكل مقصود. وأكد باحثو المركز أن تلك الإجراءات لا تزال تأخذ شكلاً تصاعدياً خلافاً للادعاءات التي أعلنتها قوات الاحتلال عن تخفيف القيود على حركة المدنيين الفلسطينيين.

وأفاد الباحثون أن تلك الإجراءات التعسفية حرمت السكان المدنيين في الضفة الغربية من التمتع بأدنى حقوقهم الأساسية، حيث حرمتهم من العمل والدراسة والعلاج، وتسببت هذه القيود في وفاة امرأة فلسطينية. ففي حوالي الساعة 5:00 مساء يوم الخميس الموافق 13/2/2008، توفيت المواطنة فوزية عبد الفتاح الدرك، 59 عاماً، من بلدة دير الغصون، شمالي مدينة طولكرم، إثر منع جنود الاحتلال نقلها لتلقي العلاج في مدينة طولكرم. وأفاد زوجها محمد الدرك لباحث المركز بأن زوجته أصيبت بالآم حادة بالصدر، وتم الاتصال بطوارئ إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة طولكرم من أجل نقلها إلى المستشفى، إلا أن الجنود المتمركزين عند الحاجز المقام جنوبي البلدة منعوا سيارة الإسعاف من الحضور للبلدة من أجل إسعافها، مما حدا بذويها إلى وضعها في سيارة خصوصية والتوجه بها إلى المدينة. وذكر أن الجنود منعوهم من اجتياز الحاجز رغم إعلامهم بحالتها، إلا أنهم رفضوا. وأضاف أن سيارة الإسعاف كانت تنتظر على الجانب الأخر من الحاجز، إلا أن الجنود لم يسمحوا لها بعبور الحاجز، وبالتالي عادوا بها إلى البلدة وعرضوها على طبيب خاص، إلا أنها كانت قد فارقت الحياة نتيجة نوبة قلبية.

وفي ضوء ذلك فان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وإذ يدين حرمان المواطنة المرحومة المواطنة فوزية الدرك من حقها في حرية التنقل والحركة، وحقها في الوصول إلى العلاج الطبي اللازم لها، ما أسفر عن وفاتها:

  • يدعو الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب، إلى الضغط الفوري على السلطات الحربية الإسرائيلية المحتلة، من أجل ضمان احترام قواعد القانون الإنساني الدولي، ووقف العمل بسياسة العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
  • يدعوها إلى التدخل الفاعل من أجل إتاحة الفرصة للمرضى الفلسطينيين للتحرك بحرية ليتمكنوا من الوصول إلى الأماكن اللازمة لتلقيهم العلاج المناسب في المستشفيات ومراكز الرعاية الطبية.
  • يطالب كافة المنظمات الدولية، العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بأن ترفع صوتها عالياً من أجل الوقف الفوري لسياسة العقوبات الجماعية المفروضة على السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية، والسماح بالمرور الحر والآمن لرسالات الأدوية والأغذية، حفاظاً على صحة وحياة سكانها المدنيين.
  • يؤكد المركز على أن استمرار سلطات الاحتلال في ممارسة سياسة حرمان الفلسطينيين من حقهم في تلقي العلاج الملائم، عبر عرقلة وصولهم للمشافي ومراكز الرعاية الطبية، وتعمدها تقييد حقهم في حرية الحركة والتنقل، عبر فرض إجراءات حصار مشدد لا يستثنون منها، يحملها المسؤولية المباشرة عن حياة العشرات من المرضى الفلسطينيين الذين يعانون جراء حرمانهم من حقهم في تلقي العلاج الطبي اللازم، وهو ما يلحق بهم أضرارا جسيمة ويهدد حياتهم.