25/2/2008

المركز يطالب بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للكشف عن ملابسات وفاة المعتقل مجد البرغوثي
يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ من الملابسات التي أحاطت بوفاة المعتقل مجد البرغوثي، 44 عاماً، من سكان قرية كوبر، شمال غربي مدينة رام الله، أثناء احتجازه لدى جهاز المخابرات العامة التابع للحكومة الفلسطينية في رام الله. المركز يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة للكشف عن ملابسات الوفاة بعد تجمع عدة دلائل على تعريض المعتقل المذكور للتعذيب وإساءة معاملته، وتوفر عوامل عديدة تشير إلى تعرضه للإهمال الطبي خلال فترة احتجازه بشكل غير قانوني.

واستناداً لتحقيقات المركز ولشهود العيان، ففي حوالي الساعة 5:30 مساء يوم الخميس الموافق 14/2/2008، حضرت سيارتان مدنيتان من نوع “فورد” تحملان لوحتي تسجيل فلسطينيتين إلى قرية كوبر، شمال غربي مدينة رام الله، وتوقفتا في ساحة المسجد. وأثناء خروج الشيخ مجد عبد العزيز مصطفى البرغوثي، 44 عاماً، من المسجد بعد أداء صلاة المغرب، ترجل من إحدى السيارتين أربعة أشخاص كانوا يضعون أقنعة على رؤوسهم ووجوههم، وعندما أحاطوا به استصرخ المصلين لتخليصه من بين أيديهم، فترجل شخص من السيارة الثانية وعرّف نفسه بأنه ضابط في جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، وأن لديه أمراً باعتقال المواطن المذكور. وعلى الفور، نُقِلَ البرغوثي إلى مقر جهاز المخابرات العامة الكائن في منطقة البالوع، شمالي مدينة البيرة، للتحقيق معه. أحتجز المذكور دون السماح لذويه بزيارته إلى أن نقل جثة هامدة إلى مستشفى خالد الجراحي في مدينة رام الله مساء يوم الجمعة الموافق 22/2/2008. وفي مساء اليوم المذكور جرى نقل الجثمان إلى التشريح في معهد الطب الشرعي في أبو ديس بناء على أمر النائب العام. وأفاد تقرير الطب الشرعي، الذي حصل المركز على نسخة منه، أن “الوفاة كانت طبيعية، وسببها مرضي متمثلة باعتلال في عضلة القلب، وبتضخم عضلة القلب، وأن حجم القلب أكبر من حجمه الطبيعي، والوفاة في مثل هذه الحالات تكون فجائية”.

واستناداً لإفادة أدلى بها أحد المعتقلين لدى جهاز المخابرات العامة الذين أفرج عنهم مؤخراً لباحث المركز فإن البرغوثي تعرض للضرب العنيف، وجرى شبحه لساعات طويلة. وأفاد الشاهد أنه استطاع تمييز صوت المعتقل المذكور فور إدخاله إلى غرفة تحقيق مقابلة للزنزانة التي كان محتجزاً بها، وإنه كان يسمع صراخه واستغاثاته عندما كان يتعرض للضرب، كما وكان يسمع صوت المحققين، وأن التحقيق معه جرى حول علاقته بالقوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة. وذكر أنه شاهده مشبوحاً من خلال فتحة صغيرة في جدار الزنزانة، حيث يكون أسلوب الشبح المستخدم بربط اليدين من الخلف بقيود حديدية تُطْبِقُ على الرسغين، ثم شدها بسلسلة حديدية (جنزير) بأعلى نافذة الغرفة، حتى يصبح جسد المعتقل معلقاً وأطراف أصابعه تلامس الأرض. وذكر الشاهد أيضاً أنه سمع أحد المحققين في اليوم الثالث على اعتقال البرغوثي، السبت الموافق 16/2/2008، يسأله إنْ كان يتقيأ، وذلك قبل نقله إلى زنزانة ملاصقة للزنزانة التي كان يُحْتَجَزُ فيها. وأشار إلى أنه ضُرِبَ في الساعات الأولى من اعتقاله على بطنه، وإنه ميّز ذلك من خلال الصرخات التي أطلقها المعتقل. كما وأن الشاهد نفسه جرى تعريضه للتعذيب، وشاهد باحث المركز آثار التعذيب على رسغي يديه جراء شبحه لساعات طويلة.

وقال الشاهد: ” … وفي حوالي الساعة 8:30 صباح يوم الخميس الموافق 21/2/2008، حضر عسكري وطلب من الشيخ مجد أن يأكل ويشرب الماء والعصير، إلا أنه تقيأ، وبعد ذلك شعرت بأن الزنزانة فُتِحَتْ، ومن خلال ثقب صغير في الجدار شاهدت العسكري يسحب الشيخ حيث كان يضع يديه تحت كتفيِّ الشيخ ويسحبه، وعندما طلب منه الوقوف أجابه بأنه لم تعد لديه أعصاب تُمَكِّنُه من الوقوف. وفي ساعات العصر نقلوه إلى الشرفة، وبقينا نسمع صوته وأنينه لغاية الساعة 8:30 صباح يوم الجمعة الموافق 22/2/2008، وبعد ذلك سكت الصوت”.

يشار إلى أن الشيخ البرغوثي كان متزوجاً وأباً لثمانية أطفال أكبرهم في الخامسة عشرة من عمره، وإنه كان يعمل إمام مسجد قرية كوبر، ونفى ذووه أنه كان يعاني من أيِّ أمراض كالتي ورد ذكرها في تقرير الطب الشرعي وأفضت إلى وفاته. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، واستناداً لتحقيقاته فإنه يؤكد ما يلي:أولاً:

    •  لقد تجمعت عدة دلائل لدى المركز، وهي شهادة الشاهد والصور التي أُخِذَتْ للضحية قبل دفن الجثمان، وإشارة تقرير الطب الشرعي حول وجود “سحجة بسيطة شافية تقع على الساعد الأيمن والأيسر” و”وجود تلون على الركبة والفخذ الأيمن والأيسر” تحمل دلالة واضحة على تعريضه للتعذيب وإساءة المعاملة أثناء احتجازه لدى جهاز المخابرات العامة التابع للحكومة الفلسطينية في رام الله.

ثانياً:

    •  إن سبب الوفاة ـ كما ورد في تقرير الطب الشرعي ـ وبيان جهاز المخابرات العامة الذي تناقلته وسائل الإعلام، يؤكد على أن المعتقل كان يعاني من مرض خطير، إذ أن الأمراض المذكورة في التقرير ليست أمراضاً فجائية، ما يعني أن جهاز المخابرات العامة لم يعرض المذكور على طبيب لحظة احتجازه وفق ما ينص عليه القانون، وإنْ عرضه واستمر باحتجازه داخل مركز التحقيق التابع له، فإنه في كلا الحالتين يتحمل المسؤولية القانونية عن الوفاة.

ثالثاً:

    •  خلال فترة الاحتجاز لم يقم محامٍ بزيارته، كما لم يُسْمَح لذويه بزيارته، حيث أفاد شقيقه بأنهم توجهوا في حوالي الساعة 2:00 بعد ظهر يوم الإعلان عن الوفاة لزيارته في مقر الجهاز، إلا أنهم مُنِعوا من ذلك.

رابعاً: 

    يذكر بأن التعذيب محظور بموجب القانون الفلسطيني وأنه يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان التي تكفلها المعايير والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984. ويؤكد المركز أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم، وأن مقترفيها لن يفلتوا من العدالة.

وفي ضوء ما تقدم، فإن المركز يطالب بما يلي:

أولاً: تشكيل لجنة تحقيق محايدة للكشف عن ملابسات وفاة المعتقل مجد البرغوثي، وفي حال ثبوت تورط أي من الأشخاص في تعذيبه وإساءة معاملته، أو تعريضه للإهمال الطبي، يطالب المركز بتقديمهم ورؤسائهم إلى القضاء.

ثانياً: فحص مدى قانونية إجراءات الضبط والإحضار والتوقيف للمتوفى، ومكان احتجازه.

ثالثاً: التوقف فوراً عن سياسة الاعتقال السياسي.

رابعاً: قيام النائب العام والقضاة بصفتهم متفقدي السجون ومراكز الاعتقال بزيارات فورية لمراكز التوقيف الرسمية والمعلن عنها للاطلاع على الإجراءات القانونية للضبط والإحضار والتوقيف، وإغلاق كافة المراكز غير المعلن عنها كونها مراكز احتجاز غير قانونية.