8/3/2008
يحتفل العالم هذا اليوم الثامن من آذار بيوم المرأة العالمي، وهو اليوم الذي كرسه العالم انتصارا لقضايا المرأة ودعما لنضالها من اجل المساواة والتأكيد على دورها الريادي في مختلف مجالات الحياة إلى جانب التأكيد على ضرورة ضمان تمتعها بمختلف الحقوق التي تكفلها لها المعايير والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.
يحل الثامن من آذار على النساء الفلسطينيات في هذا العام وهن يواجهن أقسى الظروف بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المنتهجة ضد المدنيين الفلسطينيين، ومن ضمنهم، النساء. فالأيام القليلة التي سبقت هذا اليوم الذي يحتفل فيه العالم كله بالنساء، شهدت إشراك النساء الفلسطينيات في دفع ثمن باهظ لقاء إصرار دولة الاحتلال الإسرائيلي على إنفاذ العديد من تدابير الاقتصاص من المدنيين ناهيك عن الأعمال الانتقامية التي طالتهم وممتلكاتهم بشكل متعمد ومقصود.
أحدث أشكال العنف المنظم الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي كان جريمة الحرب الأخيرة في مخيم جباليا والتي امتدت في الفترة ما بين 28 نوفمبر إلى 4 مارس 2008، والتي أدت إلى مقتل ( 110 ) مواطنين فلسطينيين من بينهم ( 27 ) طفل وطفلة و(6) نساء تتراوح أعمارهن بين 19 و 60 عاماً، سقطن جميعهن في يوم واحد. ووفقاً لتحقيقات المركز بصدد ظروف مقتلهن، فقد قتلن جميعاً أثناء تواجدهن داخل منازلهن جراء الاستخدام الإسرائيلي المفرط للقوة المميتة بدون تمييز. بين هؤلاء الضحايا غادة العبد عبد الله، 27 عاماً، قتلت في 1 مارس 2008، جراء سقوط صاروخ إسرائيلي داخل منزلها. أصاب الصاروخ المطبخ بشكل مباشر بينما كانت بداخله تعد طعام الإفطار لصغارها. بين الضحايا أيضاً سعاد رجب عطا الله، تبلغ من العمر 60 عاماً، وابنتيها ابتسام، 25 عاماً، ورجاء، 30 عاماً، اللاتي قتلن جراء القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلهن بشكل مباشر بثلاثة صواريخ. وبمقتل النساء الستة، يرتفع عدد القتلى من النساء الفلسطينيات خلال العام 2008، جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين واستهتارها بأرواحهم، إلى 13 امرأة.
إلى جانب ذلك، تأثرت حياة النساء الفلسطينيات بسياسة العقاب الجماعي وإجراءات الحصار المشدد الذي تواصل إسرائيل تطبيقه بحق سكان قطاع غزة على وجه خاص منذ يونيو 2007، والذي تصاعد بالتزامن مع الحصار الدولي منذ مارس 2006. ففي إطار حصارها، صعدت إسرائيل من إجراءات الخنق الاقتصادي والاجتماعي المطبقة بحق سكان القطاع، والتي لم تستثن منه النساء. واستمرت بتكريس واقع أشبه بسجن جماعي كبير يسكنه ما لا يقل عن 1.5 مليون فلسطيني، محرومون من حرية التنقل والحركة عدا عن حرمانهم من أبسط احتياجاتهم الأساسية واليومية بما فيها إمدادات الغذاء والدواء اللازمة لعيش السكان المدنيين.
انعكس ذلك كله على الأوضاع المعيشية للنساء الفلسطينيات والتي بلغت حداً كارثياً على مختلف المستويات. وعلى وجه خاص، عانت النساء المريضات جراء إمعان إسرائيل في إنفاذ سياسة الحصار وحرمانها للمرضى الفلسطينيين من حقهم في السفر لتلقي العلاج. وقد أسفرت هذه السياسة منذ يونيو 2007 عن وفاة 7 نساء جراء حرمانهن من السفر لتلقي العلاج اللازم، إضافة لـ 6 نساء توفين من بين الجموع التي ظلت عالقة على معبر رفح بفعل إغلاقه حوالي شهرين.
إلى ذلك، تواصلت معاناة النساء الفلسطينيات المتعلقة بالعنف الممارس بحقهن داخل المجتمع، فالنساء الفلسطينيات ما زلن يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف النفسي والجسدي والجنسي. ومن ناحية أخرى، تواصل إجراء انتهاك حق النساء في الحياة عبر قتلهن على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف. ووفقاً لتوثيق المركز، فقد أسفرت ظاهرة قتل النساء على خلفية الشرف خلال العام المنصرم عن مقتل 14 امرأة فلسطينية.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يجدد في هذه المناسبة تقديره ودعمه المطلق للنساء الفلسطينيات اللاتي يواجهن ظروفا بالغة الصعوبة جراء ممارسات الاحتلال الاسرائيلي وإمعانها في فرض سياسة الحصار فانه يؤكد على أمور عدة منها
- يدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري والعاجل لوقف الجرائم الإسرائيلية ووضع حد للانتهاكات التي تقترفها قوات الاحتلال الاسرائيلي والتي تخلف أثارا مأساوية على الشعب الفلسطيني عموما وعلى النساء الفلسطينيات بشكل خاص
- وقف سياسة الحصار المفروض على القطاع باعتبارها عقابا جماعيا على المدنيين تحول دون تمتعهم بالحقوق المكفولة بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني
- أن تضع السلطة الوطنية الفلسطينية حدا لمظاهر العنف الداخلي وفوضى السلاح.
- أن تتضافر الجهود المجتمعية والمؤسساتية لوضع حد لظاهرة العنف ضد المرأة.