11/11/2008

ينظر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقلق شديد لاستمرار سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في فرض مزيد من سياسات العقاب الجماعي على السكان المدنيين في قطاع غزة، ومنع دخول رسالات وإمدادات الأغذية والسلع الحيوية، خاصة الوقود الصناعي الخاص بتوليد الكهرباء واحتياجاته من الحبوب والقمح. وقد عاش أكثر من 30% من سكانه وسط ظلام دامس ليلة أمس، فيما بدأت طوابير السكان حول المخابز في محاولة لشراء كميات من الدقيق والخبز، بعد وقف توريد السولار الصناعي والدقيق خلال الستة أيام الأخيرة. ويخشى المركز استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وتفاقمها، رغم سماح سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بدخول نحو 427410 لتراً من السولار الصناعي صباح اليوم، وهو ما يكفي لتشغيل المحطة ليوم واحد فقط.

وكانت سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، قد أغلقت يوم الأربعاء، الموافق 5/11/2008، كافة معابر قطاع غزة التجارية، وأوقفت مرور كميات السلع الأساسية المحدودة التي كانت تسمح بمرورها. كما أوقفت تدفق إمدادات الوقود والمحروقات المقلصة أصلاً إلى قطاع غزة، ما فاقم الأوضاع الإنسانية في مدن وقرى ومخيمات القطاع، والمتدهورة أصلاً، جراء استمرار فرض العقاب الجماعي على سكان القطاع المدنيين منذ 15/06/2007.

ووفقاً لمتابعة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وتقارير باحثيه من محافظات القطاع المختلفة، فقد بدت معالم التأثير السلبي تظهر في القطاع منذ يوم الأحد، الموافق 9/11/2008، حيث أدى إغلاق معبر ناحل عوز، المخصص لإمداد القطاع بالوقود، إلى نقص كبير في كمية وقود الطاقة اللازمة لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، والتي تنتج نحو ثلث احتياجاته اليومية. وأفاد المهندس حسن النبيه، نائب المدير العام في سلطة الطاقة والكهرباء، لباحث المركز، أن إدارة المحطة اضطرت إلى وقف إحدى وحدات توليد الطاقة الكهربائية، وذلك بسبب تدني إمداداتها من الوقود الصناعي. وقد انعكس ذلك على الطاقة الإنتاجية لمحطة التوليد، حيث انخفضت من 70 ميجا وات إلى 50 ميجا وات. وأضاف أن المحطة ستتوقف عن العمل كليا إذا استمر وقف إمدادها بالوقود، خصوصا أن المحطة تستهلك كامل الكميات الواردة، والتي تصل إلى 2,5 مليون لتر أسبوعياً، أولاً بأول دون وجود أي مخزون احتياطي.

وقد توقفت المحطة عن العمل عند الساعة السادسة والنصف من مساء أمس، وذلك بعد أن استنفذت كافة كميات الوقود الصناعي فيها. وغرقت أحياء عديدة في الظلام الدامس، خاصة أحياء مدينة غزة، كبرى مدن القطاع والتي يقطنها نحو 570 ألف مواطناً. وقد اضطرت شركة توزيع الكهرباء إلى إعادة العمل بجدولة قطع التيار الكهربائي في مدن القطاع، وذلك من أجل مواجهة العجز الناجم عن توقف محطة التوليد. جدير بالذكر أن قطاع غزة يعتمد على ثلاثة مصادر للتزود بالكهرباء، حيث توفر محطة توليد كهرباء غزة نحو 67 – 70 ميجا وات (34%) ، وتمد إسرائيل القطاع بـنحو 120 ميجا وات ( 58,5%)، ويستورد القطاع من مصر نحو 17،5 ميجاوات. ولم تسمح السلطات الحربية المحتلة سوى بدخول نحو 427410 لتراً من السولار الصناعي صباح اليوم، وهو ما يكفي لتشغيل المحطة ليوم واحد فقط، ما يعني استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية على حياة السكان المدنيين ومن ناحية أخرى يشهد قطاع غزة نقصا في معظم السلع الأساسية خصوصا في كميات الدقيق والقمح، وذلك جراء استمرار إغلاق المعابر التجارية، حيث نفذ مخزونها، والمقدر بنحو 500 طناً يوميا. وأفاد السيد زياد الفرا، مدير عام شركة المطاحن الفلسطينية في خان يونس، لباحث المركز يوم أمس، أن الشركة ستتوقف عن إنتاج الدقيق بشكل كامل خلال 48 ساعة، وذلك بسبب توقف تزويدها بالقمح منذ يوم الثلاثاء 4/11/2008. وأضاف أن الشركة كانت تتلقى يومياً نحو 500 طناً من القمح يوميا قبل إغلاق سلطات الاحتلال للمعابر، وأنها لم تتلق أية إمدادات منذ ستة أيام. وأوضح أن الكمية المتبقية من القمح في الشركة لا تزيد عن 600 طناً ، أي أنها لا تكفي لإنتاج يومين اثنين، وبات يخشى من عدم قدرة الشركة على تلبية التزاماتها مع وكالة الغوث الدولية، والتي تزودها بنحو 300 طناً يومياً وفقاً لعقود بينهما.

وأفاد صبري أبو غالي ، احد موردي القمح في القطاع، انه و نتيجة لازدياد وتيرة إغلاق المعابر التجارية خلال الشهر المنصرم، لم يتم فتح المعبر سوى 5 أيام لإدخال القمح، ما فاقم من أزمة القمح وأدى إلى نفاذ الكميات المحدودة الموجودة في الصوامع. كما أدى ذلك إلى توقف 3 مطاحن من أصل 5 في قطاع غزة، و من المتوقع توقف المطحنتين الأخريين خلال يوم غد الأربعاء إذا لم يتم توريد كميات جديدة من القمح.

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان استمرار فرض المزيد من القيود، ويرى أنها تمثل شكلاً من أشكال العقوبات الجماعية وأعمال الانتقام التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين. كما أنها تشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب. ويدعو المركز المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بالخروج عن صمته، والضغط الفاعل على سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي من أجل رفع المعاناة الإنسانية عن نحو 1,5 مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة، وضمان السماح الفوري والحر لوصول إمدادات القطاع واحتياجاته الضرورية من الوقود و المحروقات، وكافة الاحتياجات الأساسية كالأغذية والأدوية.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان