18/7/2005

الأحداث المؤلمة التي كانت بلدة القدموس مسرحاً لها مساء الثلاثاء (12تموز) أثارت وتثير القلق العميق عند جميع الوطنيين والغيورين على البلاد وأمنها وسلامتها0 صحيح أن هذه الأحداث قد بدأت بين أفراد0 لكن الدائرة اتسعت، لتتحول إلى فلتان كبير

ونوع من الفتنة الخطيرة التي توقظّ الحزازات القديمة وتورث الأحقاد الجديدة0 لقد ألحقت هذه الأحداث أذى معنوياً ومادياً كبيرين0 فعدا عن انتشار التوتر في منطقة مهمة وشموله دائرة واسعة من الناس، أصيب بجراح عدد ليس بالقليل من المواطنين وتوفى واحد منهم

وأتلف عدد من المحال التجارية والبيوت السكنية0 وعلى الرغم من السيطرة المتأخرة لقوات الأمن على الوضع ، فالتوتر لا يزال قائماً يشير إلى أن النار لا تزال تحت الرماد ، ويذكر بأحداث مصياف في ربيع هذا العام، مما يتطلب التنبه للحيلولة دون انفجار جديد أخطر وأوسع مدى0

لا يمكن لأي مجتمع أن ينعم بالاستقرار ، فكيف بالازدهار ، دون وحدة وطنية تقوم على حفظ الحقوق وصيانتها0 ولا يمكن للوحدة الوطنية أن تصان دون أن يكون الأمن مصاناً أيضاً0 وبين الأمن الوطني وأمن المواطنين الأفراد علاقة صميمة0فلا رسوخ للأمن

إذا لم يكن الأفراد أمينين على حياتهم وحرياتهم وأعراضهم وأموالهم، أي على حقوقهم الأساسية0 الأفراد، والجماعات( وخصوصاً الصغيرة منها) من حقهم أن يتطلبوا وجود القانون العادل وسيادته، وأن يتأكدوا من سهر السلطات على تطبيقه وحمايتها لحقوقهم الأساسية0 فإذا ترهلت قوى الأمن ، وعجزت عن القيام بدورها، الذي كلفت به من الشعب والذي يكافئها عليه مادياً ومعنوياً

تدب جرثومة الفوضى في البلاد، ويبحث الناس عن الحماية في أمكنة أخرى وينكفئون إلى التكوينات الفئوية، وتبدأ الدولة من حيث هي التعبير عن الكّل الاجتماعي، بفقدان الشرعية المؤسسة لقيامها، ويأخذ الخراب بالانتشار، الأمر الذي يثير شهية الطامعين ، وهم ليسوا بعيدين عن بلادنا0

إن جمعية حقوق الإنسان في سورية إذ تعبر عن ألمها العميق من الأحداث، وتعاطفها مع الضحايا، تتوجه إلى ذوي العقل والحكمة والإرادة الطيبة بضرورة القيام بدورهم المطلوب منهم، وإلى المواطنين الذين تعزّ عليهم بلادهم وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية بضرورة الحفاظ على الأمن ومنع الفتنة من التجدد

لأن الله والشعب والتاريخ يلعنون من يوقظها0 وفي الوقت ذاته تتوجه إلى السلطات بضرورة التدخل في الوقت المناسب وليس بعد فوات الأوان، وتنبه إلى أن الحلّ الأمني لوحده لا يمكن أن يكون الدواء الشافي لما نحن فيه0 فالبلاد جربته كثيراً وطوال عقود

فلم يؤدّ إلاّ إلى تفاقم الأمور0 فلا مناص من إعادة النظر بالكثير من البنى القائمة والسياسات الممارسة ، وإعادة البناء على أساس الحرية والديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والمصلحة الوطنية0

جمعية حقوق الإنسان في سورية