12/1/2005

بقلم عا دل حبلي
مما لاشك فيه ان المسؤول الاول عن المعاناة القاسية للشعب الفلسطيني هو الاحتلال الصهيوني ( الاسرائيلي) الذي احتل الارض ودمر البيوت فوق رؤوس اصحابها , ومارس سياسة العقاب الجماعي والمجازر والطرد الجماعي ( الترانسفيير )ضد الشعب الفلسطيني في العام 1947 –1948 وما تلاها من اعوام , وتكررت هذه الماساة في العام 1967 عندما اقدمت العصابات الصهيونية ( الاسرائيلية ) على احتلال ما تبقى من فلسطين واجزاء اخرى عربية , ممارسة القتل والتدمير والطرد والاقتلاع ضد الشعب الفلسطين .

هام الانسان الفلسطيني في الارض بحثا عن ملجأ له ولاولاده .ويحفظ فيه ما تبقى له من كرامة استباحها العدو الصهيوني .

وفي نكسة العام 1967 , كما في نكبة العام 1948 سكن الفلسطيني في مخيمات في دول الطوق , سوريا , لبنان , ومصر والاردن , وبدأت رحلة العذاب والشقاء والبحث عن الذات والهوية .

في العام 1953 بزغت فكرة الثورة وتجسدت في العام 1959 فكرا ونهجا , وفي العام 1965 نضجت واصبحت ثورة ضد المحتل والمحيط المتأمر , هذه الثورة التي التي وقف ضدها الانظمة الرسمية العربية مطلقة عليها تسميات عديدة , فالانظمة الاشتراكية اطلقت على الثورة الفلسطينية صفة الاخوان المسلميين والانظمة الاسلامية وصفتهم بالشيوعيين والكفرة , والانظمة الاخرى نعتتهم بالعملاء لامريكا وبريطانيا ….. , لكن مارد الثورة والكفاح الفلسطيني اثبت كفاءاته وصدقه وايمانه بعدالة قضيته وتلمس الطريق الصحيح , واستطاع ان يكون رقما صعبا في المعادلة الاقليمية والدولية , حيث بدأت ابواب الدول المساندة لقضايا التحرر والحرية للشعوب تفتح امامه , فكانت العلاقة الصينية الفلسطينية والفيتنامية والجزائرية والمصرية مع الرئيس الراحل – ……… وكانت معركة الكرامة في العام 1968 حيث انتصرت الارادة الفلسطينية والعربية على ما كان يسمى بالجيش الذي لايقهر وبعد هذا الانتصار اخذت الثورة الفلسطينية وفتح بعدا شعبيا وجماهيريا اوسع ويعود ذلك الى حنكة وصدقية الرئيس القائد ابو عمار وقيادة فتح واعضائها الذين اصروا على المواجهة مهما كلف الثمن وقالوا لن نسمح بهزيمة بعد الرابع من حزيران وبعد هزيمة 67 , وقد قال القائد ابو عمار في الكرامة سيلقن الاعداء الصهاينة في الكرامة درسا لن ينسوه ابدا وفي الكرامة سنغير المعادلة في المنطقة , وليس مسموحا لاي هزيمة ان تتسلل , بل لابد من نصر يعيد للانسان العربي توازنه وثقته بنفسه ,وكانت معركة الكرامة وكان النصر الفلسطيني العربي .

بعد نكسة حزيران غادر الفلسطينيون ارضهم رغما عتهم واتجهوا الى دول الطوق المحيطة بفلسطين ومنها لبنان وباعداد قليلة وبعد بروز الشكل العلني للثورة الفلسطينية وابرام اتفاق القاهرة بين الدولة اللبنانية والثورة الفلسطينية الذي ينص على تنظيم الوجود الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في لبنان , وبوجب هذا الانفاق اتيح للعديد من من الفلسطينيين لتنقل ما بين الاردن وسوريا ولبنان على بطاقة هوية صادرة عن الثورة الفلسطينية , العديد من هؤلاء الفلسطينيين اتوا الى لبنان مع الثورة الفلسطينية وتزوجوا من فلسطينيات او من لبنانيات وكونوا اسرا وعوائل وبقيت حياتهم الاجتماعية شبه عادية مثلهم مثل اخوانهم الذين هاجروا في العام 1948 وسكنوا المخيمات الخمسة عشر , الا ان الاجتياح الصهيوني ( الاسرائيلي )على لبنان قد احدث تحولات كبيرة في السلطة اللبنانية , حيث تولت السلطة بعض الشخصيات التي الغت الاتفاق ( القاهرة ) ومن طرف واحد ودون مراعاة التبعات التي ستنتج عن ذلك حيال حياة ما يقارب ال 25 الف فلسطيني يقيمون على الاراضي اللبنانية وفق هذه الاتفاقية وضاربة عرض الحائط بكل القيم الانسانية والاخوية , حيث ان هؤلاء ال 25 الفا من الفلسطينيين لا يملكون اية اوراق ثبوتية او بطاقات هوية صادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين ( انروا )او عن دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابعة لوزارة الداخلية اللبنانية , ولم تكلف الحكومات اللبنانية المتعاقبة من رئاسة الرئيس بشير الجميل الى الان لم تبذل جهدا او تولي هذه القضية اي اهتمام من اجل ايجاد حل ووضع حد لمعاناتهم , بل اتخذت اجراءات زادت معاناتهم معاناة حيث بدءات الاجهزة الامنية اللبنانية تلاحقهم تحت حجة الاقامة الغير شرعية في البلد وزجت الالاف منهم في السجون , هذه الاوضاع فرضت عليهم حصارا وصعوبة في التنقل وبذلك فقدوا اي فرص للعمل خارج نطاق المخيمات والتي هي اماكن سكناهم والتي تعيش حياة البؤس والفقر والحرمان والحصار اصلا , وتتركز معاناة ومشاكل هؤلاء الفلسطينيين ( فئة النازحين ) في المجالات الصحية والتعليمية والخدماتية بالاضافة الى المشكلة الكبرى وهي عدم وجود الاوراق الثبوتية لديهم , فوكالة غوث وتشغيل اللاجئيين الفلسطينيين لاتمنحهم او تقدم لهم اي نوع من الخدمات الصحية والاستشفائية وكذلك في المجالات التعليمية فمسموح لاولادهم اكمال فقط المرحلة التكميلية ( الاعدادية ) اما في مجال التقديمات الغذائية والتي اصبحت بالنسبة للاجئ المقيم ولديه كل الاوراق الممنوحة للاجئ فهي موسمية ففئة النازحون لاتستفيد منها بالمطلق .

حياة هذه الشريحة من الفلسطينييين مهددة امنيا من قبل الدولة اللبنانية ( بالاعتقال والسجن ) ولا تستفيد من الغطاء القانوني ل (انروا) حيث لاتمنحهم وثائق او بطاقات تدلل على شخصيتهم وهم ايضا حياتهم الاجتماعية صعبة للغاية وشبه معدومة فالشباب من الذكور والاناث لا يستطيعون الزواج لعدم توفر الاوراق الثبوتية , كل هذه العوامل مجتمعة ادت الى تفشي العديد من الامراض النفسية في هذه الشريحة من الفلسطينيين , وهم في تسائل دائم الى متى سيستمر حالحهم على هذا الواقع ؟ والى من يتوجهون لايجاد حلول لمشكلاتهم المستعصية ؟ , وبالتالي لابد من وجود حل كما قالت الفتاة ايمان حسين خليل البالغة من العمر 25 عاما والتي تقدم لخطبتها الكثير من الشبان وعند تعذر اتمام معاملات عقد القران لعدم توفر الاوراق الثبوتية الخاصة بها تضطر الى فسخ الخطوبة والغاء الزواج وهذه الفتاة تتساءل ما الحل ؟ ومن المسؤول ؟ ونحن بدورنا نترك هذا السؤال برسم الضمير الدولي والعربي ومؤسساته والضمير اللبناني والفلسطيني ممثلا بهيئاته الرسمية والشعبية ونناشدهم بالتدخل الفوري والسريع لانقاذ الانسانية من خلال انقاذ هؤلاء الفلسطينيين والذين لاذنب اقترفوه حتى يحاسبو ا من ابناء جلدتهم واخوتهم بهذا الشكل المهين للانسانية وللعادات والاخوة العربية