19/2/2008
نظم مركز الميزان لحقوق الانسان والمرصد الوطني للإعلام والإتصال عند ظهر اليوم الثلاثاء الموافق 19/2/2008 ورشة عمل تحت عنوان “وثيقة وزراء الإعلام العرب، تقييد أم تحييد للحريات الاعلامية؟” وشارك في الورشة مجموعة من الإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني، وعدد المهتمين.
وأوضح مدير اللقاء رامز يونس أن هذا اللقاء يأتي بهدف إثارة نقاش وحوار حول وثيقة “مبادئ تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية” التي صدرت عن اجتماع وزراء الإعلام العرب الذي انعقد في جامعة الدول العربية بتاريخ 12/2/2008، مشيرا الى أن اجتماع وزراء الاعلام جاء بناءً على طلب مصر، وبدعم من المملكة العربية السعودية وتمخض عنه وثيقة نهائية غير ملزمة اعتمدتها جميع الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية- بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية- عدا لبنان وقطر.
وتحدث في الورشة كل من مدير مركز الميزان عصام يونس، ومدير مركز المرصد الوطني ناصر عليوة. واشار عليوة في مداخلته الى الأبعاد السياسية والاعلامية لمضمون هذه الوثيقة، معتبراً أنها تسهم في “تعميق حالة الرقيب العربي” على حرية الصحافة. واستهجن عليوة موقف السلطة الوطنية الفلسطينية التي سارعت بالموافقة على هذه الوثيقة، واصفاً هذا الموقف بالـ”اصطفاف الغريب العجيب مع النظام العربي الرسمي”. ورأى أن تجربة فلسطين عبر منظمة التحرير ثم السلطة الفلسطينية كانت تشهد حالة من الانفتاح و الحرية، وكانت كل خلافاتنا تطرح بحرية، معتبراً ان حالة من الحول السياسي اصاب من وقع على هذه الوثيقة.
ووصف هذه الوثيقة بانها “هجوم معاكس على ما تم انجازه على صعيد الحريات العامة والصحفية، والحالة المتقدمة من الحرية التي وصلت اليها بعض الفضائيات بشكل خاص”، مشيرا الى أن النظام العربي الرسمي حاول أن يقر عدد من التقييدات بناء على عموميات مثل سلامة الدول، والسلم الاهلي، وغيرها من المحددات العامة التي تتيح للدول أن تسحب سيفها ضد أي عمل إعلامي تعتقد أنه ينتهك هذه المحددات الفضفاضة.
وطالب عليوة في ختام كلمته الجميع بالتضامن من أجل العمل على تطوير هذه الوثيقة، أو اسقاطها من تاريخنا الثقافي والحضاري.
بدوره، انتقد عصام يونس الوثيقة، معتبراً أنها تتضمن مساساً خطيراً بحرية التعبير وتداول المعلومات حيث أنها تفرض قيوداً صارمة على حرية البث الفضائي في المنطقة العربية وتقنن وجود رقيب على ما تنشره المحطات الفضائية من أخبار أو حوارات أو أحداث حية بدعوى احترام السيادة الوطنية وعدم التأثير على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام. واتفق يونس مع عليوة في أن هذه المحددات فضفاضة وغير محددة، متساءلاً من يستطيع أن يضمن أن يتم ضبط سلوك فضائيات مثل الحرة أو BBC التي ستنطلق قريباً.
واعتبر أن الوثيقة تؤسس لتغول أكبر من قبل الدول العربية على صعيد تقييد الحريات، مؤكداً أنه كان الأولى على السلطة الفلسطينية أن تتحفظ على هذه الوثيقة لا الموافقة عليها. وشدد يونس على أن هذه الوثيقة اذا ما أريد لها أن تنظم حالة البث وصناعة الاعلام، واذا كانت مرجعيتها زيادة هامش الحريات وتنظيمه فهذا شيء ايجابي، ولكن ما جاء في الوثيقة يدلل على ان هناك حالة من التشريع لاعادة تقييد الحريات الإعلامية.
وأكد على أنه يجب على الدولة حماية قطاع الاعلام لضمان حق الجمهور في الاطلاع الذي ليس للحكومة أن تقيده. وتطرق يونس الى عدد من المفاهيم والمحددات العامة التي احتكمت اليها الوثيقة، مثل عدم تناول الرموز الوطنية بالتجريح، وفساد الاخلاق، والمصالح العليا للدول العربية، وغيرها من المحددات، متسائلاً لتوضيح المعنى هل الوزير المتهم بالفساد هو رمز وطني لا يجوز الكتابة عنه، وهل الحديث عن التمييز الواقع بحق المرأة يمس بالسلم الاجتماعي، وما هو المقصود بفساد الاخلاق هل تعليم التربية الجنسية يشكل دعوة لفساد الاخلاق.
ودعا يونس في ختام مداخلته الى اعادة صوغ مجمل القوانين العربية المنظمة لحرية الإعلام بما يضمن حق المواطن في الحصول على المعلومة، وتلمسها من مصادرها المختلفة.
هذا وشهدت الورشة مداخلات عدة من الحضور الذين شاركوا بآرائهم حول الوثيقة، مؤكدين في ختام الورشة على ضرورة عقد مزيد من الورش لنقاش الوثيقة مع المؤسسات الاعلامية التي تعمل في مجال الانتاج والبث، مطالبين برفع توصيات هذه الورش الى وزارة الاعلام الفلسطينية لتعديل وتطوير موقفها من الوثيقة، ومن ثم المساهمة في الارتقاء بها على مستوى الدول العربية.