3/4/2008
واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض حصارها المشدد، الذي يطال الوقود والمحروقات، وأدى إلى شل حركة المواصلات الداخلية إلى حد كبير. وهو ما تسبب في معاناة كبيرة للسكان، بحيث أصبحوا ينتظرون لساعات لحين العثور على سيارة تقلهم من مدينة إلى أخرى. وبالتالي تغيب الموظفين عن أعمالهم وحرمان الطلبة من الوصول إلى جامعاتهم.
هذا ويواجه السائقون صعوبات بالغة في الحصول على وقود لسياراتهم، الأمر الذي أجبر العشرات منهم على التوقف عن العمل بسبب عدم توفر الوقود، فيما ينتظر العدد الأكبر منهم في طوابير طويلة ولساعات طويلة في انتظار أن يحصلوا على كميات محدودة جداً من الوقود. هذا ولا حظ باحثو المركز أن مظهر السيارات المتوقفة في محطات الوقود لأيام أصبح جزءاً من المشهد العام في قطاع غزة، حيث يضطر السائق أن يترك سيارته متوقفة في المحطة إلى حين تسمح قوات الاحتلال بمرور الوقود، أملاً في الحصول على كمية من الوقود تعيده إلى مزاولة عمله مرة اخرى.
كما يتسبب الحصار في عرقلة وتوقف قطاع الصيد البحري عن العمل، الذي يشغل حوالي (5000) فلسطينياً، بين صيادين وتجار أسماك وعاملين في المجال، حيث يعمل (3000) صياداً في قطاع غزة. وينعكس التقليص الحاد في كميات الوقود والمحروقات التي تسمح سلطات الاحتلال بمرورها إلى قطاع غزة بشكل مباشر على قطاع الصيد البحري حيث تعمل محركات زوارق الصيد الصغيرة كافة على البنزين كوقود لها، فيما تعمل محركات مراكب الصيد الكبيرة وعددها حوالي (16) مركباً على مادة السولار، ويستهك المركب الواحد منها (700) لتراً من السولار في اليوم الواحد أي أن استهلاك المراكب كافة يصل إلى (11200) لتراً من السولار. ويضاف إلى ذلك استخدام غاز الطبغ في الإضاءة لتجميع الأسماك.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال قلصت على نحو كبير كميات الوقود والمحروقات التي تسمح بمرورها إلى قطاع غزة. وكانت محكمة العدل العليا الإسرائيلية أصدرت الأحد الموافق 27/01/2008 قراراً يسمح لقوات الاحتلال بتقليص كميات الوقود والكهرباء التي تسمح بمرورها إلى قطاع غزة. وذلك إثر تقدم عشر من مؤسسات حقوق الإنسان من بينها مركز الميزان بطلب للمحكمة لتصدر أمراً احترازياً يمنع سلطات الاحتلال من وقف تزويد قطاع غزة بالوقود والكهرباء، حيث تشكل هذه الإجراءات عقوبات جماعية تتسبب في خلق أزمة إنسانية خانقة تهدد حياه ورفاهة سكان القطاع. واشترطت المحكمة على حكومة دولة الاحتلال مراعاة الحاجات الإنسانية الدنيا لسكان قطاع غزة عند اتخاذ القرارات بشأن تزويد الوقود والكهرباء.
والجدير بالذكر أن حاجة قطاع غزة من الوقود تصل إلى أكثر من (510 آلاف) لتر يومياً، فبالإضافة إلى مولدات الطاقة الكهربائية التي تسد العجز في كميات الطاقة الكهربائية في المستشفيات والبلديات وآبار المياه والشركات الخاصة، يوجد في قطاع غزة (8000) سيارة أجرة تعمل على السولار يصل متوسط استهلاكها اليومي إلى (20) لتراً يومياً، (2620) شاحنة تستهلك ما متوسطه (50) لتراً يومياً، و(119) رافعة تستهلك ما متوسطه (30) لتراً يومياً، و(1136) قاطرة مقطورة، تستهلك ما متوسطه (70) لتراً يومياً، (7566) مركبة نقل تجاري، تستهلك ما متوسطه (30) لتراً يومياً، و(254) حافلة، تستهلك ما متوسطه (50) لتراً يومياً.
كما تصل حاجة القطاع من البنزين إلى (200 ألف) لتر يومياً، وهي الكمية التي كانت تسمح قوات الاحتلال بدخولها حتى في بداية التقليص الذي شرعت به في منتصف شهر أكتوبر 2007، وحاجته اليومية من غاز الطبخ تصل إلى (250 طناً) تقل قليلاً في موسم الصيف، فيما يشهد القطاع نقصاً حاداً في أنابيب الغاز الفارغة، بحيث يصل سعر الأنبوبة إلى (100$) دولار أمريكي، بعد أن حظرت سلطات الاحتلال دخولها دون أن تكترث إلى الزيادة، التي تسببها الزيادة السكانية الطبيعية، أو الحاجة إلى التخلص من الأنابيب القديمة، التي تصبح غير آمنة بمرور الوقت، في الطلب على الأنابيب الجديدة.
والجدول الآتي، المستند إلى الرصد اليومي الذي يقوم به مركز الميزان لحقوق الإنسان، يوضح الكميات التي سمحت بدخولها إلى القطاع خلال الربع الأول من العام 2008:
مركز الميزان لحقوق الإنسان يجدد استنكاره الشديد لاستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وأن تبرير دولة الاحتلال بأنها تلبي الحاجات الدنيا للقطاع من المحروقات هو أمر يتناقض مع القانون الدولي الإنساني، الذي يؤكد على ضمان تلبية حاجات السكان على إطلاقها، وأن هذه القاعدة تنشئ حقاً للسكان وليس واجباً على قوة الاحتلال فقط، وأن الحاجات الدنيا هي ابتكار إسرائيلي غير مسبوق في التاريخ وليس له أي أساس في القانون الدولي الإنساني.
عليه مركز الميزان لحقوق الإنسان يجدد مطالبته المجتمع الدولي بالخروج عن صمته والقيام بواجبه القانوني والأخلاقي تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما في قطاع غزة، بالتحرك الفوري لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة ويتهدد حياة سكانه ومصادر رزقهم، وتوفير الحماية الدولية للسكان.
انتهى