5/12/2008
ألقى الشاعر الأردني إسلام سمحان قصائد خلال أمسية شعرية في بيروت مساء يوم الجمعة 5 كانون الأول استضافها مركز “سكايز” للدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية حيث قدّم للأمسية الياس خوري، ورافق إسلام على الناي العازف ناصر بدران. وامتلأت تقريبا قاعة المركز المتواضعة في مؤسسة سمير قصير بالحضور، وأظهر الحضور احتفاء خاصا ببعض قصائده مثل “قصيرة للغاية” و”مرة واحدة فقط” و”على قلق كأن الريح تحتي” وقصيدة “حين يقولك الكلام” في رثاء محمود درويش.
قدّم بداية خوري إسلام قائلا “إننا نحتفي هنا بالشعر…المفارقة أن القبائل العربية كانت في السابق تحتفل بمولد شاعر جديد”، لكن ” كل الأنظمة العربية اليوم تخشى الشعر” وتضع شعراء في السجن مثلما حدث مع إسلام. وأضاف خوري بأن الكتاب “صار عدوا بالنسبة إليهم…مثلا منعت الرقابة تقريبا نصف الكتب في معرض الكتاب في الكويت”. ثم تحدث خوري عن ظروف توقيف إسلام وتكفيره ومحاكمته في الأردن.
تحدث إسلام بداية بأن كل شاعر “عليه أن يمر في بيروت”، وأن الشعر يمكن أن يكون “مقاومةً بالحب والقصائد”، وبأن كثيرا من الشعراء مرّوا بمحنة السجن. وابتدأ بالقاء قصيدة جديدة عن بيروت بعنوان “اصنعوا الفخار بأعينكم”:
أتمشى في شوارعها/ ألمح نبض الأرصفة/ أرى الناس يعجنون الأعراس/ اسمع دندنة المشاة/ بالأغنيات/ عما قليل تمرّ خيول المعركة/ فلا سرج هنا ولا سيوف تلعلع/ الطفلة نائمة/ بأمان الحب/ والأم تكدس غبار الطائرات/ العاشق يشق طريقا للوردة/ العاشقة تعصر برتقالة النور/ فجهزوا أباريق الفخار/ اصنعوا الفخار بأعينكم/ والقوها على وجه الحرب كي تغور
هناك عند دوالي العجوز/ تحت سروتها/ رقصنا للفرح الغائب/ ورقصنا حتى بلعتنا الأرض/ بفرحتها/ لكنها ماتت عصافير الجنوب/ عندما أمطرت سماء الله قنابل/ اصنعوا الفخار بأعينكم/ والقوها على وجه الحرب كي تغور
اتمشى في شوارعها/ كل الأشياء عاشقة/ اعمدة الكهرباء الخشبية/ مأذنة والمجدلية/ بقية الرصاص ورصاص البقية/ لكنها كل الأشياء/
اعدمها عماء البندقية/ والقوها على وجه الحرب / كي تغور.
قم ألقى مقاطع من ديوانه الذي يحاكم عليه مثل قصائد “قصيرة للغاية” وهي التي يحاكم على أبيات منها، و”برشاقة ظل” وغيرها. كما ألقى قصائد من خارج الديوان مثل “كطير عائد”. وكان مما ألقاه إسلام بيتا كتبه في ديوانه “برشاقة ظل” قبل أن يسجن: “مرة واحدة فقط/ سافرت في المجاز بلا مزاج/ وانتهيت في المعتقل”. وأثناء إلقاء إسلام مقطع: “لا يخفى/ على أحد/دمه… دمه/كان معلقا مثل لوحة”، التفت أحد الحضور على لوحة سمير قصير الحمراء المعلقة فوق إسلام.
وكان عازف الناي ناصر بدران ينتظر عموما انتهاء إسلام من إلقاء القصيدة أو مقاطع منها ليقدم مقطوعات طويلة على الناي، أو يدندن بخفة أحيانا أثناء الإلقاء. يذكر أن بدران يعمل ضمن مشروع “الكمنجاتي” في ثلاث مخيمات فلسطينية في لبنان ضمن المؤسسة التي أسسها العازف رمزي أبو رضوان في رام الله.
وتلا إلقاء الشعر حوار بين الشاعر والجمهور، تحدث فيها إسلام عن ظروف توقيفه وملابساتها، وبأن الشاعر عرار سجن في السابق وأنه الشاعر الذي يسجن بسبب شعره اليوم في بحسب ما يعلمه. و تحدث في سياق أحد الأسئلة عن ظروف توقيفه في السجن حيث نقل إلى زنزانة انفرادية وكان إلى جانبه معتقل آخر من “الإخوان المسلمين”، وعندما تعارفا وتحدث كل عن ظروف توقيفه قال له المعتقل: “لعنك الله”، فردّ عليه إسلام” سامحك الله”، وكأن “الأدوار قلبت” كما قال إسلام، لكنهما في النهاية تحادثا وشجع المعتقل لأن يغني في النهاية أعنية يحبها لعبدالحليم حافظ.
تحدث خوري في نهاية الحوار قائلا بأنه “علينا أن نجادل ثقافيا من يكفرون، هذا دورنا كمثقفين ومعنيين بالدفاع عن الثقافة وحرياتها، علينا أن نعود إلى تراث من الجدل حيث قال القاضي الجرجاني ‘الشعر بمعزل عن الدين’ لا أن ننسحب من هذا الجدال، ونستخف بهم، ونجعلهم يدمرون الثقافة”.
وفي نهاية الأمسية التي امتدت لأكثر من ساعة، وقع إسلام بعض دواوينه للحضور.