14/05/2008

يصادف الخميس الموافق الخامس عشر من أيار/ مايو 2008، ذكرى مرور ستين عاماً على نكبة فلسطين. تأتي هذه الذكرى في ظروف تشهد فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة ممارسات تجدد النكبة بالنسبة للضحايا الفلسطينيين وتعمق شعورهم بالظلم والاضطهاد. وشهدت نكبة فلسطين في العام 1948 أكبر عملية تهجير قسري وتطهير عرقي في التاريخ الحديث، فيما يتواصل حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير ولاجئيه من حقهم في العودة والتعويض. تأتي الذكرى الستون للنكبة والممارسات الإسرائيلية التي تفضي إلى الآثار نفسها متصاعدة، ولاسيما استمرار أعمال البناء في جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية وتشديد الحصار والإغلاق في قطاع غزة، وسط تصاعد هو الأكبر في أعمال القتل التي شهدها العام 2008، وسط تخلي المجتمع الدولي عن واجباته القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يواصل صمته إزاء الممارسات الإسرائيلية التي ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

تاتي الذكرى هذا العام 2008 في ظل تصعيد هو الأسوأ لأعمال القتل واستمرار الحصار الذي يقضى على وجه الحياة في قطاع غزة ويطال بآثاره السكان جميعهم ولاسيما الأطفال والنساء والمسنيين. وفيما يشهد الاقتصاد الفلسطيني انهياراً في قطاع غزة تتدهور على نحو متسارع الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان وتتسع ظاهرتا الفقر والبطالة لتطال الغالبية العظمى من السكان وتوثر على مجمل حقوقهم الإنسانية.

وتشير إحصاءات مركز الميزان لحقوق الإنسان حول الضحايا والخسائر التي لحق بالسكان في قطاع غزة خلال الانتفاضة إلى مضي قوات الاحتلال قدماً في جرائمها، بحيث دمرت (7652) منزلاً سكنياً، من بينها (3017) منزلاً دمرت كلياً وشردت نحو (25855) قسرياً عن منازلهم ، وجرفت (33.273) دونماً من الأراضي الزراعية، ودمرت (377) منشأة عامة من بينها مدارس ودور عبادة ومؤسسات، و(898) منشأة تجارية وصناعية، فيما دمرت (647) مركبة، هذا بالإضافة إلى جرائم القتل التي واصلتها وأسفرت عن مقتل (3123) شخصاً، من بينهم (615) طفلاً. وتشير الاحصاءات نفسها إلى أن (332) فلسطينياً قتلوا على أيدي قوات الاحتلال منذ مطلع العام الجاري الأمر الذي يظهر استمرار تصعيد قوات الاحتلال لأعمال القتل.

وأصاب الحصار الإسرائيلي بالشلل معظم المرافق العامة والأعمال الخاصة، بما في ذلك قطاعات التعليم بمراحله المختلفة والصحة والعمل والزراعة والتجارة والنقل والمواصلات، في قطاع غزة. كما طال الشلل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والخاصة، وبدأت آثاره تظهر على عمل الوكالات الدولية ذات الطابع الغوثي والإنساني كوكالة الغوث الدولية وبرنامج الغذاء العالمي والمنظمات الطبية. كما أن هناك تهديداً جدياً بتوقف الإمدادات الإنسانية، التي بات سكان القطاع يعتمدون عليها بشكل شبه كامل.

وتظهر نتائج مراقبة مركز الميزان لحقوق الإنسان النتائج الخطيرة لأزمة نقص الوقود والمحروقات، التي بدأت تطال بشكل مؤثر نواحي الحياة كافة، ما يهدد بآثار كارثية وأكثر حدة على حياة ورفاه السكان المدنيين، خاصةً وأن هذه الأزمة جاءت في وقت يعاني فيه قطاع غزة من نقص حاد في الإمدادات المختلفة، وفي غياب أي مخزون يمكنه أن يلبي الاحتياجات الأساسية للسكان في حدها الأدنى.

وأسفر الجدار عن تشتيت آلاف الأسر ودفع العشرات منها إلى هجرة أراضيهم قسرياً، وتحديدا تلك القاطنة في البلدات والقرى التي تسبب الجدار في تقسيمها وفصلها إلى نصفين كما هو الحال في القرى والبلدات المحاذية لمدينة القدس ومنطقة بيت لحم، وقلقيلية وطولكرم. ويحاصر الجدار المدن والتجمعات الحضرية الفلسطينية، ويحول دون تطورها واتساعها، كما يقضم عشرات آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين الزراعة، ويتلف آلاف الدونمات المزروعة جراء منع أصحابها من الوصول إليها ورعايتها. هذا بالإضافة إلى مساس الجدار بجملة حقوق الإنسان بالنسبة للمدنيين في المناطق التي يحاصرها الجدار.

مركز الميزان إذ يستنكر الجرائم الإسرائيلية المتواصلة، فإنه يؤكد أنها تشكل انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتبرز هذه الانتهاكات مدى تحلل دولة الاحتلال من التزاماتها القانونية. مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري، بالنظر إلى كون قضية الشعب الفلسطيني هي قضية حقوق تكفلها الشرعية الدولية. ويطالب المجتمع الدولي بالخروج عن صمته ومواجهة الاستحقاقات القانونية والإنسانية التي يوجبها عليه القانون الدولي، من خلال وقف الجرائم المتواصلة بحق السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوفير الحماية الدولية العاجلة لهم ورفع الحصار اللاانساني المفروض على قطاع غزة ووقف أعمال البناء المتواصلة في الجدار، كخطوة أولى نحو إعمال قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع في المنطقة، لاسيما حق اللاجئين في العودة والتعوي