24/8/2008

امتنع صباح اليوم مئات المعلمين والمعلمات في قطاع التعليم الحكومي عن التوجه إلى مدارسهم في قطاع غزة في أول يوم لبدء العام الدراسي 2008 – 2009 وهو أمر يهدد بتوقف العملية التعليمة أو بإحداث تشويش كبير يؤثر على حق الطلاب بالتعليم، ويسهم في مزيد من تدهور مستوى التعليم في الأراضي الفلسطينية عموماً وفي قطاع غزة على وجه الخصوص.

لاتحاد العام للمعلمين دعا إلى إضراب يبدأ من يوم الأحد الموافق 24/08/2008 وينتهي الخميس الموافق 28/08/2008، وحسب ادعاء الاتحاد العام فإن قراره يأتي احتجاجاً على قيام وزارة التربية والتعليم العالي في حكومة غزة بحركة تنقلات في صفوف مدراء المدارس على نحو وصفته بالتعسفي. كما حاولت حكومة غزة استباق الإضراب المزمع ولوحت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق من يقوم بالتشويش على المسيرة التعليمية، وبذلك يصبح المعلم بين فكي كماشة، حيث يتخوف من إمكانية قطع راتبه كما حدث مع مئات الموظفين الحكوميين في أوقات سابقة أو يتعرض للعقوبات القانونية، مما يعني أن المعلمين سيتعرضون للعقوبة أياً كان موقفهم وأن العملية التعليمية ستتعرض لتشويش كبير.

هذا ويعمل في قطاع التعليم الحكومي حوالي (14000) معلماً ومعلمة، وحسب أحدث التقديرات فقد بلغ عدد من قطعت رواتبهم من قبل السلطة الوطنية في رام الله في أوقات سابقة حوالي (700) من الموظفين في قطاع التعليم الحكومي، وفقاً لمصادر الوزارة في غزة. كما تشير أعمال الرصد التي يقوم بها المركز إلى التزام أعداد كبيرة من المعلمين بعدم الذهاب إلى المدارس ويصعب في الوقت الراهن الحديث عن حجم هذا الامتناع بالنظر لتفاوت نسبته بين مدرسة وأخرى.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يؤكد على أن الحق في الإضراب هو حق مكفول بموجب القانون، فإنه يشدد على أن المشاركة في الإضراب هي خيار طوعي ولا يمكن أن يجبر الموظف أو يعاقب عليه. ويعبر المركز عن استنكاره الشديد للزج بقطاع التعليم وغيره من القطاعات الخدماتية والمؤسسات الحكومة والأهلية في آتون الصراع السياسي المحتدم بين حكومتي الضفة الغربية وغزة.

والمركز إذ يرفض التهديدات الموجهة للمعلمين والمعلمات أياً كان مصدرها، فإنه يؤكد على رفض تعطيل العملية التعليمية، ويدعو إلى التحقيق في ادعاءات قيام وزارة التعليم في غزة بإجراءات تعسفية مع التأكيد على حق الإدارات العامة في اتخاذ التدابير والقرارات اللازمة لضمان حسن سير العملية التعليمية في إطار القانون وأن لا يسمح بتحول الانتماء السياسي إلى ذريعة لمخالفة الأصول من قبل الموظفين الحكوميين.

والمركز يجدد في هذا السياق استنكاره الشديد لاستمرار سياسة قطع رواتب الموظفين الحكوميين، ويؤكد أنها تشكل انتهاكاً مركباً لحقوق الإنسان حيث لا يقف أثار هذه السياسة على انتهاك حق الموظف في تلقي أجره بل يطال مستوى معيشة أسرته وحقهم في الحياة، كما يطال حق كل إنسان في التعليم، الذي يترجم في هذا السياق بعدم وضع عوائق تمنع الحصول على التعليم، ولاسيما من قبل الجهات الرسمية التي يجب أن تحمي هذا الحق.

هذا ويؤكد المركز على أن القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الخدمة المدنية قد وفرا مجموعة من الضمانات التي تكفل حق الموظف في الحصول على راتبه، وعدم جواز استقطاعه أو الحجز عليه أو قطعه إلا وفقاً لإجراءات محددة وبعد إجراء التحقيق الإداري وتمكين الموظف من الدفاع عن نفسه في حالة اتهامه بمخالفة إدارية أو جزائية، ومنحه الحق في التظلم والاستئناف. كما أن القانون يمنع اتخاذ إجراءات إدارية تعسفية ضد أي موظف عام، ويمنحه الحق في التظلم والاستئناف ضد هذه القرارات، وهو حق لا يعني اتخاذ إجراءات صورية فقط.

عليه فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان يعبر عن استهجانه الشديد لهذه الممارسات التي تضاعف من معاناة الموظفين وتسهم في تدهور الأوضاع الإنسانية المتدهورة أصلاً في قطاع غزة. فإنه يطالب الحكومتين في الضفة وغزة وحركتي حماس وفتح بالكف عن المماحكات والمناكفات السياسية التي تزج بمختلف القطاعات الخدماتية والمؤسسات الأهلية – بأشكال ووسائل مختلفة – في آتون صراع لا طائل من وراءه سوى مضاعفة معاناة الفلسطينيين التي يسببها الاحتلال وفي مزيد من الانتهاكات المرفوضة لحقوق الإنسان. ويطالب المركز الاتحاد العام للمعلمين النظر في قراراته وآثارها المتوقعة على حقوق الإنسان والبحث في وسائل من شأنها حماية حقوق المعلمين والموظفين في قطاع التعليم دون التأثير على سير العملية التعليمية. كما يعيد التأكيد على أن الإضراب حق طوعي ولا يمكن أن يجبر الموظف أو يعاقب عليه، وإلا تحول إلى موقف سياسي وليس مطلبي كما ينظمه القانون.

انتهى