7/3/2005

طالعتنا جريدة الأسبوع في عددها الصادر في 7/3/2005 بمقال عن منظمات المجتمع المدني، في إطار حملاتها السنوية المعهودة ضد منظمات حقوق الإنسان، مستغلة فرصة قبول عدد من المنظمات لدعم من السفارة الأمريكية بالقاهرة.

وكان الأجدر بالجريدة الموقرة أن تتحدث عن التعاملات السياسية والاقتصادية ذات الشأن التي تصر الحكومة المصرية علي الاستمرار فيها مع ما تسميه بالصديق الأمريكي الذي يملك بيده مفاتيح اللعبة. نعم اللعبة! لعبة تدمير المدن والقري علي رأس من فيها من المدنيين الأبرياء. لعبة التعذيب المشين في سجن أبو غريب وغيره من سجون العراق، أو موقف حكومتنا الموقرة التي سمحت للطائرات والسفن الأمريكية الغازية بالمرور عبر مجالنا الجوي ومياهنا الإقليمية، قابلة بشكل عملي إعادة رسم خريطة المنطقة وفقا لهوي بوش الأب وبوش الابن..

كان الأجدر بالجريدة الموقرة أن تتحدث عن الحكومة التي تضع يدها في يد مجرم الحرب شارون وتستضيفه علي أرضها ويرفرف علمه في قلب القاهرة حتى في أقصى لحظات العنف والمذابح التي تتحدث عنها جريدة الأسبوع، كان الأجدر أن تطالب بإغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة التي لم تعد تقهر غير مواطنيها.. ناهيك عن اتفاقية الكويز التي هللت لها الحكومة المصرية ووقعت عليها عيني عينك ثمنا لتوقيع اتفاقية تجارة مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ثم تريد أن تقنعنا اليوم أنها ضد “التدخل الأجنبي”، أو حي جاردن سيتي الذي أغلقه الأمن المصري أمام جمهور الشعب المصري لصالح أمن وراحة بال قاطني السفارة الأمريكية والبريطانية في مصرنا المحروسة!!!

هذا عن التمويل الأجنبي عموما، أما عن موقف المجتمع المدني الذي يضم بالمناسبة كل من هم ليسوا حكومة أو أحزاب ولا يقتصر على المنظمات الأهلية ناهيك عن منظمات حقوق الإنسان، فإننا نعلن للمرة الألف أن موقف بعض من منظمات حقوق الإنسان من الحكومة الأمريكية واضح لكل ذي عينين حيث أعلنوا في كل مناسبة رفضهم التعامل مع السفارة الأمريكية بسبب مواقفها الداعمة للمحتل الإسرائيلي وأعادوا التأكيد علي موقفهم هذا مرة أخري بعد الغزو الأمريكي للعراق، ووقعوا على كل بيانات التنديد بالسياسيات الأمريكية في مصر وخارجها وتظاهروا أمام السفارة البريطانية ضد السفير البريطاني الذي رفض إعطاء تأشيرة دخول انجلترا لستة من الطلاب المصريين ممن أصيبوا في عيونهم برش بنادق الأمن المصري المدرب والممول أجنبيا.. وشاركوا من خلال عضويتهم في لجنة الدفاع عن الديمقراطية بالتوقيع على بيان يرفض بشكل واضح وقاطع مبادرة كولن باول لتنمية الديمقراطية في الشرق الأوسط ، وإذا كان ولابد أن نكرر موقفنا فإننا نعيد التأكيد علي رفضنا للديمقراطية الأمريكية التي تبيد في طريقها المدنيين الأبرياء لتأتي بحكومات أكثر تبعية وعمالة لسياستها الاستعمارية ومخططاتها المشبوهة للمنطقة العربية والشرق أوسطية.. كما رفض الاختيار الثنائي المستحيل بين إمبريالية تنهب ثروات العالم وتحصد أرواح أبنائها وبين نظام اعتاد التعذيب والاعتقال حتى أنه حول قانون الطوارئ لقانون دائم يجثم على أنفسنا جميعا. .

كذلك فإننا نوضح أن موقفنا من رفض الدعم أو التمويل الأمريكي لا يمتد للدعم غير المشروط لمنظمات المجتمع المدني من الجهات الداعمة لحقوق الإنسان والتي لا تفرض أجندة بعينها علي من تدعمه.. ونعتبر ذلك دعما شعبيا من منظمات أهلية إلى منظمات أهلية لم يقتصر دعمها على النضال ضد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بل وقفت إلى جانب المناضلين من أجل الحرية والتحرر في كافة بلدان العالم العربي وعلى رأسها فلسطين المحتلة..

إننا إذ نعلن هذا الموقف نطالب المنظمات الست التي قبلت هذا الدعم الأمريكي بمراجعة موقفها وإلغاء الاتفاقيات والعقود المبرمة بينها وبين السيد ديفيد وولش، مؤكدين أن تحقيق الديمقراطية وإعمال مبادئ حقوق الإنسان في مصر لن يتحقق عن طريق الحكومة الأمريكية بل تحديدا في موجهتها وبفضح دورها المقيت في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان وإيران وأفغانستان وجواتيمالا وفي دعم الديكتاتوريات العربية…

لم يعد بالإمكان الصمت علي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ترتكب تحت راية العلم الأمريكي، كما لم يعد بالإمكان الصمت علي انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ولا علي التواطؤ الرسمي مع السياسات الأمريكية. ولم يعد بالإمكان الصمت علي الهجوم المشبوه ضد منظمات المجتمع المدني ممن يدعون امتلاكهم وحدهم الحكمة والوطنية حتى وإن أحاطت بهم وبدورهم هذا عشرات من علامات الاستفهام.

مركز النديم