18/1/2009
كشف إعادة الانتشار الذي نفذته قوات الاحتلال من المناطق الشرقية لمدينة غزة، والشرقية والشمالية والغربية من محافظة غزة عن كارثة إنسانية حقيقية وعن مزيد من جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال عدوانها الذي تواصل منذ السابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 2008 وحتى الساعة الثانية من فجر اليوم الموافق للثامن عشر من كانون الثاني (يناير) 2009.
وقد وقف باحثو المركز – من خلال الزيارات الميدانية التي قاموا بها صباح اليوم – على حجم الأضرار التي وصلت حد مسح مناطق سكنية بشكل كامل وتحويل المنازل السكنية والمنشآت الأخرى إلى أكوام من التراب والركام، الأمر الذي حدث في مناطق عزبة عبد ربه والسلاطين والعطاطرة وحي الإسراء وشرق بيت حانون في المحافظة الشمالية ومنطقة جبل الريس وجبل الكاشف والأجزاء الشرقية من أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح، لدرجة تغيرت معها معالم هذه المناطق بل أن جبل الكاشف لم تكتفِ قوات الاحتلال بتدمير المنازل المقامة عليه بل عمدت على تجريف أجزاء كبيرة من تلاله الرملية. كما عثر على عشرات الجثث المتحللة تحت أنقاض المنازل السكنية وتلك التي قامت الجرافات بدفنها، ويثور شك جدي لدى المركز من أن بعضهم دفنوا أحياء. وقد بلغ عدد عدد الشهداء الذين وصلت جثثهم إلى المستشفيات (62) شهيداً من بينهم (8) أطفال و(10) سيدات ومن بين الجثث (56) وجدت متحللة.
وبالإضافة إلى الخروقات التي ارتكبتها قوات الاحتلال لوقف إطلاق النار الذي أعلنته من خلال مواصلة إطلاق النار والقصف بالقذائف المدفعية من الدبابات والبوارج الحربية وبالصواريخ من الطائرات، الذي استهدف في معظمه مناطق مفتوحة في محيط المناطق الآهلة بالسكان، قتلت قوات الاحتلال عند حوالي الساعة 10:30 من صباح اليوم الأحد الموافق 18/01/2009 المواطن ماهر عبد العظيم أبو رجيلة، (22 عاماً)، بعد أن فتحت نيران رشاشاتها تجاه سكان المنطقة الشرقية من بلدة خزاعة الواقعة شرقي محافظة خانيونس، الذين عادوا يتفقدون منازلهم التي أجبروا على مغادرتها واللجوء إلى مراكز الإيواء التي افتتحتها وكالة الغوث الدولية.
وبذلك ترتفع حصيلة الشهداء وفقاً للإحصاءات والأرقام الأولية التي جمعها باحثو مركز الميزان إلى أن قوات الاحتلال قتلت (1253) شهيداً من بينهم (280) طفلاً و(95) سيدة. وأوقعت قوات الاحتلال (4009) جريحاً من بينهم (860) طفلاً و(488) سيدة.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن مركز الميزان لحقوق الإنسان أطلق حملة توثيق ميداني جند خلالها (15) باحثاً ميدانياً (6) محامين بهدف حصر الخسائر البشرية والأضرار في المنشآت والممتلكات، وتوثيق عشرات الحالات التي يظهر فيها بوضوح ارتكاب قوات الاحتلال لجرائم حرب من خلال فتح ملفات خاصة لهذه الحالات بالإضافة إلى توثيقها من خلال الاستمارات مسبقة الإعداد التي يعمل بها المركز منذ تأسيسه.
مركز الميزان يشدد على على الأهمية القصوى لضمان عدم معاودة قوات الاحتلال الإسرائيلي لعملياتها العسكرية في قطاع غزة، والتي تميزت بالشراسة وعدم الاكتراث بقواعد القانون الدولي المتعلقة بحماية المدنيين وممتلكاتهم أثناء النزاعات المسلحة. والمركز، إذ يواصل أعمال الرصد والتوثيق لنتائج الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، فإنه يطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات ومواقف حازمة يؤكد من خلالها على ضمان سلامة ورفاه المدنيين الفلسطينيين في كل الظروف، خاصةً وأن الترتيبات أحادية الجانب القائمة لا تبشر بنهاية العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ويشير المركز إلى أن توقعاته بشأن ارتكاب قوات الاحتلال لجرائم حرب في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرتها والتي لم يكن من الممكن الوصول إليها كانت صحيحة، حيث بدأت عشرات جثث لعائلات ومدنيين بالتدفق على المستشفيات، مما يوجب التحقيق في الظروف التي تم فيها قتل هؤلاء الأشخاص، وفي الادعاءات المتزايدة بأن جنود الاحتلال لم يبذلوا أي جهد لجمع الجرحى وإغاثة المدنيين، مما يشكل انتهاكاً صارخاً للقواعد والقوانين الدولية المتعلقة بالنزاعات المسلحة.
كما يشدد مركز الميزان لحقوق الإنسان على ضرورة الإسراع في تقديم الغوث لسكان قطاع غزة، وخاصةً من فقدوا بيوتهم وأرباب أسرهم وأماكن رزقهم بفعل القصف الإسرائيلي. ويدعو المركز الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين والحكومة الفلسطينية إلى ضرورة العمل على تجهيز مراكز إيواء صالحة ومجهزة لإيواء مئات الأسر ممن دمرت منازلها بالكامل أو النظر في آليات أخرى على نحو عاجل لتأمين مأوى لهم لحين إعادة إعمار منازلهم.
ويعيد المركز تأكيده على ضرورة التدخل الدولي لمنع قوات الاحتلال من استهداف المدنيين، والمستشفيات والملاجئ والمنازل، وكذلك التحقيق في الممارسات التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية بما يتماشى ومبادئ ونصوص القانون الدولي، خاصةً في ظل تعمد تلك القوات ارتكاب مذابح في صفوف المدنيين ولاسيما الأطفال منهم.
كما يعيد المركز مطالبته بضرورة أن تسارع الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة للتحرك الفوري لضمان إلزام دولة الاحتلال باحترام نصوص الاتفاقية المخصصة لحماية المدنيين في وقت الحرب.
ويجدد المركز دعوته لمؤسسات المجتمع المدني في أنحاء العالم كافة أن تواصل نشاطات الضغط والتأثير على حكوماتها للتحرك العاجل لضمان احترام معايير حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والمركز يجدد تذكير المجتمع الدولي من أنه يتحمل مسئولية تشجيع مجرمي الحرب من الإسرائيليين على مواصلة جرائمهم.
انتهى
مركز الميزان لحقوق الإنسان