21/1/2009
واصلت قوات الاحتلال انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي ارتقت إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ولم تقتصر الجرائم الإسرائيلية على أعمال القتل والهدم والتدمير، بل طالت المعتقلين ممن اعتقلتهم قوات الاحتلال من مناطق سكناهم التي سيطرت عليها خلال العدوان الذي استمر على مدى أربع وعشرين يوماً.
وتشير المعلومات المتوفرة للمركز إلى أن قوات الاحتلال شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف السكان المدنيين تركزت في مناطق العطاطرة والسلاطين والتوام وعزبة عبد ربه من بلدتي جباليا وبيت لاهيا والمناطق الشرقية من أحياء الزيتون والتفاح والشجاعية شرقي مدينة غزة. واعتقلت خلال الحملة المئات من المدنيين. وحسب إفادات شهود العيان التي صرحوا بها للمركز فإن قوات الاحتلال تعمدت إذلالهم والحط من كرامتهم الإنسانية، كما تعمدت تعريض حياتهم للخطر، حيث كانت تحتجزهم في مناطق عمليات عسكرية لأيام.
وحسب المعلومات التي جمعها المركز، فإن قوات الاحتلال أجبرت المعتقلين على خلع ملابسهم وكانت تضعهم في حفرة كبيرة تم إعدادها مسبقاً بحيث تضع كل مجموعة من المعتقلين يتراوح عددها بين 50 – 60 شخصاً، وكانت تبقيهم في الحفر لساعات طوال بلغت في بعض الحالات ثلاثة أيام متواصلة. وبعد ذلك تقوم بنقلهم بواسطة شاحنات وهم معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي إلى منطقة (زدي تيمان)، وهي منطقة تبعد حوالي عشرة كيلو مترات عن مدينة بئر السبع، وتحتجزهم في خيام وحاويات حديدية، دون أن تحقق معهم وإنما تقتصر على معرفة بياناتهم الشخصية فقط في مخالفة واضحة للإجراءات القانونية المتبعة .
ويشار إلى أن محامي المركز قاموا بمتابعة المعتقلين الذين تم تحويلهم إلى محكمة بئر السبع لتمديد اعتقالهم ولم تسمح سلطات الاحتلال للمحامين بالاطلاع على أي معلومات تخص المعتقلين الآخرين الموجودين في الموقع المذكور أعلاه أو أوضاعهم أو حتى أعدادهم، و أفرجت قوات الاحتلال عن عشرات المعتقلين بعد احتجازهم لعدة أيام في ظروف بالغة القسوة كما جرت الإشارة، فيما لا تزال تحتجز العشرات.
وفي سياق مواصلة القضاء الإسرائيلي تشريع جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، فقد تقدمت النيابة العامة بطلب لدى المحكمة المركزية في بئر السبع باعتبار معتقلين من قطاع غزة ممن تم اعتقالهم خلال العدوان الأخير( مقاتلين غير شرعيين) مما يعطي الصلاحية لدولة الاحتلال لمواصلة احتجاز المعتقلين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية دون حكم محدد وبدون إصدار لائحة اتهام ضدهم أو تقديهم لمحاكمة عادلة.
يذكر أن قوات الاحتلال لجأت في الماضي إلى هذا ا لإجراء بعد أن عجزت عن الحصول على بيّنات تثبت تورط معتقلين في أية أعمال يخالف عليها القانون الإسرائيلي أو حصولها على معلومات تصلح لتقديم لائحة اتهام ضده.
ويشار إلى أن الكنيست الإسرائيلي سن قانون (المقاتل غير الشرعي) في العام 2002 بهدف تشريع احتجاز الأسرى اللبنانيين دون دلائل تكفي لمحاكمتهم، حيث يمنح رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي التقدم لدي المحكمة المركزية بطلب اعتبار أي مواطن من قطاع غزة مقاتلاً غير شرعياً وذلك وفقا لمواد سرية وتقارير المخابرات الإسرائيلية، ودون بينة مقبولة لدى المحاكم العادية. كما يمنح هذا القانون المحكمة الإسرائيلية حق إصدار قرار باحتجاز المعتقلين الفلسطينيين لمدة غير محددة.
مركز الميزان لحقوق الإنسان يعبر عن استنكاره الشديد لجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي تواصلها قوات الاحتلال ويرى المركز في استمرار احتجاز مواطنين فلسطينيين واعتبارهم مقاتلين غير شرعيين حلقة في هذا السياق. كما يشدد المركز على أن هذا الإجراء يشكل انتهاكاً جسيماً لمبادئ حقوق الإنسان، ولاسيما معايير المحاكمة العادلة والحماية الواجب توافرها للمعتقلين.
مركز الميزان إذ يعبر عن استهجانه لاستمرار حالة العجز التي تلف موقف المجتمع الدولي من الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة، فإنه يرى في الإجراء الإسرائيلي بحق معتقلي غزة تعبيراً عن مدى استخفاف دولة الاحتلال بالمجتمع الدولي وتحللها من التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي. عليه فإن المركز يدعو المجتمع الدولي للتحرك العاجل للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين. ويشدد المركز على أن عجز المجتمع الدولي عن الوفاء بواجباته القانونية شكل – ولم يزل – عامل تشجيع لدولة الاحتلال على المضي قدماً في جرائمها.
انتهي
مركز الميزان لحقوق الإنسان