منظمة العفو الدولية
رقم الوثيقة: MDE 24/076/2004
7 ديسمبر/كانون الأول 2004
سوريا: أوقفوا اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان
والناشطين من أجل حقوق الإنسان
تحث منظمة العفو الدولية السلطات السورية على التوقف عن المضايقة المستمرة للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين من أجلها، وإلى وقف عمليات اعتقالهم وتقديمهم لمحاكمات جائرة وحبسهم ومنعهم من السفر. ففي 6 أكتوبر/تشرين الأول، تواصلت أمام محكمة جزاء حماة محاكمة عبد الكريم ظعّون، أحد أمناء “لجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان”. وكان عبد الكريم ظعون قد اعتقل في 12 سبتمبر/أيلول بالعلاقة مع تقرير كتبه، بصفته مفتشاً صحياً، عن الأوضاع داخل سجن حماة. كما لا يزال رئيس “لجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان”، أكثم نعيسه، رهن المحاكمة أمام المحكمة العليا لأمن الدولة بتهم تحتمل إصدار حكم بالسجن عليه لمدة تصل إلى 15عاماً.
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني، مُنع مدافعان عن حقوق الإنسان من “المنظمة العربية لحقوق الإنسان – سوريا” من السفر لحضور مؤتمر لحقوق الإنسان في العاصمة المصرية، القاهرة. حيث أوقف رئيس “المنظمة العربية لحقوق الإنسان – سوريا”، محامي حقوق الإنسان محمد رعدون، وزميله الدكتور محمود العريان، في مطار دمشق. وكثيراً ما يمنع المدافعون عن حقوق الإنسان من السفر خارج البلاد، وقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات السورية فيما سبق إلى رفع القيود المفروضة على سفر المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين هيثم المالح وأنور البني ورزان زيتونة.
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني أيضاً، علمت منظمة العفو الدولية أنه لم يسمح لأفراد عائلة سجين الرأي عبد الرحمن الشاغوري بزيارته في سجن صدنايا، مع أنهم قد حصلوا على تصريح بزيارته من الاستخبارات العسكرية. ولم يتلق عبد الرحمن الشاغوري أية زيارة من أهله أو محامية منذ اعتقاله في فبراير/شباط 2003. وفي 20 يونيو/حزيران 2004، حكم عليه بالسجن لمدة سنتين ونصف السنة لإرساله مقالات بالبريد الإلكتروني إلى أصدقاء وأقارب له معظمها مأخوذ عن موقع “أخبار الشرق” على شبكة الإنترنت ويتعلق بحقوق الإنسان والأوضاع السياسية في سوريا.
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني أيضاً، تلقت منظمة العفو الدولية معلومات تؤكد على بواعث قلق صحية خطيرة تتعلق باثنين من سجناء الرأي الستة المحتجزين منذ صيف 2001. إذ يعاني المحامي حبيب عيسى، البالغ من العمر 62 عاماً، من آلام مزمنة في الظهر ويحتاج إلى عملية لفتق أصيب به. كما يعاني الدكتور عارف دليلة، البالغ من العمر 64 عاماً، من إصابة خطيرة في القلب تتطلب خضوعه لعملية، وربما لزرع جهاز لتنظيم دقات القلب. وقد تبين في سبتمبر/ أيلول أن حبيب عيسى قد تعرض في مايو/أيار 2002 للضرب المبرح على أيدي حرس السجن، وذلك في الشهر نفسه الذي عُلم فيه عن تعرض الدكتور عارف دليلة للضرب أيضاً. وكان الرجلان قد اعتقلا في 2001، وحكم عليهما بالسجن لمدة خمس وعشر سنوات، على التوالي، لمشاركتهما في الحركة المؤيدة للديمقراطية وحقوق الإنسان التي لم تعش طويلاً، وعرفت باسم “ربيع دمشق”. ولا يزال الرجال الستة جميعهم في الحبس الانفرادي منذ فترة طويلة.
ولا يزال عدد من سجناء الرأي الآخرين محتجزين بسبب أنشطة تتعلق بحقوق الإنسان. ومن بين هؤلاء، لا يزال الطالبان محمد عرب ومهند الدباس محتجزين رهن المحاكمة أمام المحكمة العليا لأمن الدولة لمشاركتهما في أنشطة سلمية من قبيل الاحتجاج على قانون جديد ينهي كفالة التوظيف لخريجي كلية الهندسة. وفي 27 يونيو/حزيران 2004، حُكم على ثلاثة من ناشطي حقوق الإنسان الأكراد بالسجن مدة عامين لكل منهم بسبب مشاركتهم في مظاهرة سلمية أمام مبنى اليونيسف في دمشق كانت تدعو إلى احترام حقوق الأكراد السوريين.
وفي 1 أبريل/ نيسان 2004، حكم على أربعة شبان من داريا، القريبة من دمشق، بالسجن ما بين ثلاث وأربع سنوات بعد مشاركتهم في العام الماضي في أنشطة سلمية من قبيل إنشاء مكتبة مجانية وثني الناس عن التدخين والمشاركة في مظاهرة صامتة في 2003 لمناهضة الغزو المتوقع للعراق الذي تقوده الولايات المتحدة.
إن منظمة العفو الدولية تدعو إلى إسقاط جميع التهم الموجهة إلى عبد الكريم ظعون وأكثم نعيسة ومحمد عرب ومهند الدباس، وإلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي في سوريا. وتحث السلطات السورية على ضمان تعديل التشريع الذي سجن بموجبه سجناء الرأي ليتماشى مع المواد 18- 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه سوريا كدولة طرف منذ العام 1969، والذي يكفل الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع والانتساب إلى الجمعيات، والحق في ممارسة هذه الحريات من دون تدخل لا مبرر له. وبالإضافة إلى ذلك، فإن منظمة العفو الدولية تحث السلطات السورية على احترام إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر/كانون الأول 1998، والذي ينص في مادته الأولى على أنه “لكل شخص الحق، بصورة فردية وعلى نحو جماعي مع آخرين، في تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والنضال من أجل حمايتها وتحقيقها على المستويين الوطني والدولي”.
**********************************************
بهية مارديني: ايلاف 26/12/2004
عقدت اليوم محكمة امن الدولة العليا في سورية العديد من المحاكمات ومنعت دخول ممثلي السفارات الاجنبية حيث تواجد امام مبنى المحكمة ممثلين عن السفارتين الالمانية والكندية والعديد من السفارات الاوروبية ، واعتصم امام المبنى وسط العاصمة السورية اكثر من خمسين ناشطا وحقوقيا اضافة الى اهالي المتهمين تضامنا معهم .
و اجلت هيئة المحكمة الحكم في قضية الطالبين محمد عرب ومهند دبس حتى 6 – 3 للتدقيق واعتبرت زوجة دبس المحاكمة تمثيلية وغير انسانية، وقضت هيئة المحكمة بسجن الكردي كاوا محمدحنّان اربع سنوات بتهمة الاساءة الى دولة صديقة ، وذلك في اشارة الى تركيا ،ومحاولة اقتطاع جزء من الاراضي السورية والانتساب الى جمعية سرية ،واستجوبت الكردي اسماعيل عبد الرحمن اوسي من حزب الاتحاد الديمقراطي واجلت محاكمة عبد الحي ابو خشبه ثلاثة شهور وهو متهم بتجاوز الحدود السورية العراقية ، كما اجلت محاكمة الاخوين عمر ورضوان درويش الذين كانوا في العراق منذ 25 سنة وعادوا الى سورية بعد سقوط بغداد فتم القبض عليهما، واجلت محاكمة الحدث مصعب الحريري المتهم بالانتماء الى جماعة الاخوان المسلمين والذي يحاكم وفق القانون 49 القاضي باعدام كل من ينتمي الى هذه الجماعة والذي تم القبض عليه وعلى والدته ثم اخلي سبيل والدته ليبقى هو في السجن . وكان الطالبان عرب ودبس قد اعترضا على مرسوم رئاسي يقضي بعدم الزام الدولة بتعيين المهندسين بعد تخرجهم ، واعتبرت السيدة منال زوجة الطالب مهند دبس في تصريح ل”ايلاف” “المحاكمة تمثيلية ومماطلة وليس لها معنى ، فالمعطيات موجودة ومتوافرة امام هيئة المحكمة فلماذا تؤجل للتدقيق؟”.
اما عن توقعاتها للجلسة القادمة الشهر الثالث قالت” لااتوقع شيئا فما يحصل خارج اطار التوقعات وخارج المنطق وخارج الانسانية “.
وقال نجيب ددم محامي الطالبين عرب ودبس في تصريح ل”ايلاف”تم تاجيل المحاكمة دون سبب واضح مع انهما موقوفين منذ الشهر الرابع ورفضت المحكمة طلب اخلاء سبيلهما وهذا مايؤثر على دراستهما ووضعهما العائلي . واضاف ددم كنا نتوقع ان يصدر الحكم او أن يقبلوا تقديم شهادات ثلاثة طلاب زملاء لهم ولكنهم لم يبتوا في الامر ولم يعلنوا قرارهم بالموافقة على شهادة الشهود او اصدار حكم نهائي. واعتبر المحامي والناشط الحقوقي انور البني في تصريح ل”ايلاف” تعليقا على التاجيل ان السلطات السورية مصرة على انتهاك القانون وقمع الحريات ومتمسكة بدور محكمة امن الدولة العليا لارهاب النشطاء وتخويف المجتمع.
وقال المحامي فيصل بدر ل”ايلاف” انه حكم على الكردي جنّان باربع سنوات للاساءة لتركيا في عمله السياسي اضافة الى تهم اخرى وجهت له ، وهو عضو في حزب الاتحاد الديمقراطي واكد بدر انه في استجواب الكردي اوسي اليوم والذي اجلت محاكمته و المنضم الى ذات الحزب قال ان حزب الاتحاد الديمقراطي كان شرعيا ومقبولا من قبل الحكومة السورية عندما انتسبا اليه .
واجلت المحكمة النظر في قضية عبد الحي ابو خشبةو الذي اعتقلته منذ سنتين وعشرة ايام بتهمة تجاوز الحدود السورية العراقية وقالت والدة ابو خشبه في تصريح ل”ايلاف” انه مصاب بانفصام في الشخصية وفق تقرير لمشفى ابن سينا للامراض العصبية واكدت اخت ابو خشبه لايلاف انها تقدمت بخمس مرات بطلب لزيارة اخيها الا ان السلطات ترفض ذلك وهو اب لطفل وطفلة لم يرونه منذ اكثر من سنتين.
اما بالنسبة للاخوة درويش والذين كانوا في العراق لمدة 25 عاما فقد التقت ايلاف بابن عمر درويش الذي قال انه يسمع من سجناء تم الافرج عنهم ان والده يتعرض للتعذيب في السجن وانه في زنزانة منفردة وطالب مرارا بزيارته الا ان السلطات المختصة لم تسمح له.
وتم اليوم تاجيل محاكمة الحدث الحريري الذي يواجه حكما بالاعدام لانه متهم بالانتساب الى جماعة الاخوان المسلمين وفي سياق ذي صلة تم اليوم في مدينة حلب الشمالية السورية استجواب المحامي مصطفى سليمان عضو لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في سورية واجلت الجلسة حتى اواخر الشهر القادم ليوكل المتهم محاميا حيث يحاكم تاديبيا على خلفية اجتماع تم في مكتبه مع عدد من النشطاء والحقوقيين
————————————————————–
**محاكمة عضو لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الانسان في سوريا-المحامي مصطفى سليمان
بيــان
المنظمة العربية لحقوق الإنسان – سوريا
بتاريخ 19-12-2004 قرر رئيس مجلس فرع نقابة المحامين بحلب إحالة المحامي مصطفى سليمان إلى الدعوى التأديبية بحجة استقباله لبعض زملائه وأصدقائه في مكتبه ، وقد تم في هذا الاستقبال حوار عام حول بعض القضايا الحقوقية .
ولما كانت المادة \87\ من النظام الداخلي لنقابة المحامين قد نصت على انه :
” يحظر على المحامي أن يدلي بمعلومات معدة للنشر في وسائل الإعلام في دعوى هو وكيل فيها ”
ومن قراءة المادة المذكورة يتضح أن المشرع قد فصل بين المحامي المهني والمحامي المواطن ، إذ لم يقيد المشرع المحامي المواطن بأية قيود ، الأمر الذي يجعل ما قام به المحامي مصطفى سليمان لدى استقباله زملائه في مكتبه لا يرقى إلى مستوى الاجتماع المنصوص عنه في المادة \87\ من قانون تنظيم مهنة المحاماة وبالتالي لا يشكل زلة مسلكية .
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية إذ لا ترى في تصرف المحامي الأستاذ مصطفى سليمان زلة مسلكية ، تطالب مجلس فرع نقابة المحامين في حلب حفظ الدعوى المذكورة .
مجلس الإدارة دمشق في 26-12-2004
حيان نيوف : ايلاف 25/12/2004
تحولت قصص الفساد في سورية إلى واقع معاش يومياً لم تتمكن الصحافة من الوقوف عليه حتى الآن ، ولعل أحدث جوانب قصص الفساد بسورية هذه الأيام هي خشية الكثير من العائلات السورية من أن تقضي ليلة راس السنة على ” مصابيح الكاز ” وذلك بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء الذي يترافق مع عزلة دائمة عن العالم عندما تتعطل خطوط الهاتف في بعض المناطق السورية ولا تجد من يصلحها.
أحد المواطنين السوريين من ريف اللاذقية ، وهي إحدى أجمل المدن السورية ، قال ل ” إيلاف ” إنه عاش معزولاً عن العالم كما لو أنه ينتمي لعصر حجري لا كهرباء أو هاتف فيه. وأوضح المواطن ” ك . ع ” بعض جوانب قصته ، قائلا : ” إذا أرعدت السماء في منطقة بعيدة عن منطقتنا تنقطع الكهرباء عندنا وإذا هطلت قطرة مطر تتوقف خطوط الهاتف عن العمل حيث خطوط الهاتف عندنا لا يوجد لها مثيل في العالم فهي تصدر ضجيجاً وتخشّ ويمكن أن يدخل على الخط أكثر من صوت وهذا ( التسميع الهاتفي ) “.
وعن عدم توجهه إلى المسؤولين وتقديم شكوى بحق المقصرين ، قال المواطن السوري إنه راجع الشخص المسؤول عن موضوع الهاتف فاعتبر أنه الأمر ” تهديد له ” ، وهكذا برأي هذا المواطن أصبح بعض المسؤولين ينظرون إلى الحديث عن الفساد والتقصير أنه ” تهديد ”
ووصف المواطن السوري وضعه بالقول إن الأحوال الجوية متقلبة الآن في سورية ” ونحن في الأعياد ونخشى أن نحرم من الكهرباء والهاتف خلال هذه الفترة ونحتفل برأس السنة على مصابيح الكاز كما كانت سورية أيام الحرب العالمية رغم أننا نعيش عصر الشراكة مع عالم الأوروبيين “.
وعلمت ” إيلاف ” أن ظاهرة أعطال الكهرباء والهاتف بسورية تحولت إلى ” ظاهرة شعبية ” ، حيث يمكن أيضا العثور على عشرين موظف في بناء واحد نصفهم يشرب الشاي دون عمل ولا يوجد خارج البناء في العمل على الأرض سوى موظفان أو ثلاثة.
وينظر السوريون إلى الكهرباء أنها أرخص من الهاتف لذلك يمكن أن يتحمّلوا بعض ” مصائبها ” قليلاً ، وأما الهاتف فلا الموظف يرضى مناقشته وإصلاح الأعطال بطئ جدا ومع ذلك تأتي فواتير الهاتف على السوريين ثقيلة جداً.
وأخيراً ، وفي قرية من قرى ريف اللاذقية توفي مؤخراً مواطن ” درويش ” يدعى ” أبو الشباب ” وروى الناس عنه أنه كان يرفض أن تأتي الكهرباء إلى منزله وعاش طوال حياته بلا كهرباء وذلك لأنه” لا يريد أن تتفضّل الدولة عليه”- كما نقل الناس عنه
حتّى بابا نويل!
************************************************
عقلية القمامة
عمر البحرة
omarbhra@eim.ae
الحوار المتمدن – العدد: 1059 – 2004 / 12 / 26
جاء الانفجار الثاني في مدينة دمشق منطقة المزة وفي وسط المدينة كي يرسل رسالة خارجية واضحة لكل أجهزة الأمن و القمع السورية أن وجودها مثل عدمه وأن هذا الجهاز يمكن اختراقه بكل سهولة و مع ذلك فالرعب و الخوف من هذه الأجهزة لا يزال هو سيد الموقف ، فهذه الأجهزة قد استطاعت بضغوطها وممارساتها القذرة أن تحجم دور المعارضة السورية في السقف الأدنى للمطالبات ، أما دور هذه الأجهزة في حماية الوطن فهو أخر ما يمكن أن تستطيع القيام به نظرا للسقف الفكري و التقني المنخفض لموظفي هذه الأجهزة وانشغالهم مثل نظيرهم الجيش السوري بأمور الراقصات و السهر و الرشوة و التحكم بمصائر العباد ، و خاصة أن هذين الجهازين ينالون نصيب الأسد من الموازنة المالية السنوية ، و بنفس الوقت لا يمكن أن تجد آلية قتالية في هذا الجيش العتيد تعمل بكفاءة و من يريد التحقق من مقولتي عليه النزول لشوارع دمشق في ساعات انصراف الموظفين و يشاهد بأم عينه آليات و سيارات الجيش المتوقفة و المهترئة و هي غير صالحة حتى للبيع في السكراب و يشاهد كيف ينشغل الجنود بدفع السيارات الكبيرة المخصصة لنقل الجنود بتزامن مع مرور ضباط هذا الجيش بأفخم السيارات و أثمنها ، وبالطبع لا يكلف الضابط الهمام نفسه بالنظر نحو تلك السيارات المهترئة لهذا الجيش فهو يعرف تماما أن التكوين العقائدي للجيش يؤهله للإنتصار على أقوى الأعداء و أكبر مثال هزيمة هذا الجيش العقائدي في اصغر معاركه .
بعد الخلاف بين الزميل حكم البابا و الكاتب الصحفي نبيل فياض لابد لي من أن من أن أقف في المنتصف بين الرأيين ولابد من التنويه بأن هنالك حركة تطور و إصلاح في طرق التعامل في أفرع المخابرات السورية و هذا التطور المتجلي بتحسن المعاملة و بحسن الاستقبال و بتوقف الشتائم ، و اعتقد أن طرق التعامل الحضارية الجيدة في فروع المخابرات تطبق فقط على فئة معينة من المثقفين و الأشخاص المتعلمين و بعض كبار السن ، و مع ذلك فإن مجرد الاستدعاء الاعتباطي الذي تمارسه أفرع الأمن و مجرد إقلاق راحة المواطن لأسباب غير مفهومة حتى لصاحب العلاقة في بعض الأحيان و لفترات تصل لعدة أشهر بشكل يومي يعتبر انتهاك صارخ و مرعب لحقوق الإنسان .
وإن سمعة أفرع الأمن السابقة و سمعة عناصرها الفاسدة و الجاهلة لا ولن تؤهلها كي تتحول بين يوم و ليلة إلى جهاز أمني يقوم بأداء وظيفته بالشكل الأمثل ، حتى لو تم تغيير الديكور العام لهذه الأفرع ولو أستقبل المستدعى للفرع من قبل كبار الضباط مع الابتسامات الصفراوية و الاعتذار عن هدر الوقت الثمين .
وفي هذا المقال لا أريد التعرض لممارسات أجهزة المخابرات المتعلقة بأعضاء التنظيمات أو أصحاب السوابق و الشبهات السياسية بل أتحدث فقط عن الأشخاص العاديين الذين يقودهم سوء الحظ أو تشابه الأسماء أو مجرد تصادف و جودهم البريء في أماكن ما بسبب أو بدون سبب إلى زيارة الأفرع الأمنية و لعدة مرات أو لعدة أشهر و بشكل يومي و من دون توقيف و من دون أي سبب مقنع لاستدعائهم اليومي ودون سبب مقنع لمنعهم من الذهاب يوميا إلى عملهم وقوت عيشهم ، وأمام أبواب أفرع الأمن يوميا تشاهد عشرات بل مئات من المراجعين بعضهم فاقد للبصر و الأخر يحمله أولاده على نقالة و الأخر على عكازات و أخر تعدى الثمانين من العمر و أخر مشتبه باسمه أو باسم والده أو مشتبه بصورته أو بالخال على خده و أخر عربي يزور القطر للسياحة فيفاجأ أنه يستدعى للسياحة الداخلية طيلة فترة إجازته هذا إذا لم تنتهي الإجازة و هو مستغرق في زيارة الأفرع المختلفة
دائما ما يردد المسؤول و المواطن السوري أن سوريا هي البلد الأكثر أمان في العالم ، و كنت أتسأل عن أي أمان يتحدثون ، عن الاعتقالات أم عن تسلط الأجهزة الأمنية و الوظيفية و تنافسها في السرقة من عرق الشعب وعن أي أمان حين تسرق سيارات و أموال السياح ويضربون ومن دون أن تأخذ حقوقهم من قبل الشرطة ،لا بل أن الشرطة تتعاطف مع السارق في كثير من الأحيان بسبب مكونات الحقد تجاه بعض أثرياء النفط العرب التي درست بشكل أو بأخر من ضمن المناهج التربوية والتدريسية الغير مكتوبة و لقنت شفهيا من خلال مدرسي الثقافة القومية الاشتراكية التي صممت أساسا من أجل ترسيخ مفاهيم الوحدة العربية ، وعن أي أمان حين تخترق أجهزة العدو مدننا بكل سهولة كي تضع أجهزة تنصت أو تقوم بتفجير استفزازي في وسط المدينة ، أو حين يستدعى المواطن لأتفهه الأسباب لأفرع الأمن ، و أي أمان و أمان يا ربي أمان
و أكاد أجزم أن العدو الإسرائيلي لا يحلم ولا يتمنى أكثر من تلك الخدمات التي تقدمها له أجهزة المخابرات القمعية في سورية تلك الخدمات في الحفاظ و الدفاع عن كل فاسدي السلطة و عن كل مرتشي وناهب و بنفس الوقت ، تهريب كل الكفاءات و الخبرات سورية وتطفييش كل من هب ودب و جعل الحياة في سورية لا تطاق .
دائما ما يبدأ التحقيق مع المواطنين بمقدمات عن الوطن و الوطنية و المواطنة و غالبا ما ينتهي التحقيق بعملية نصب أو رشوة أو سرقة ، وأغرب ما شاهدته في ساحات فروع المخابرات تلك السيارات العسكرية الكبيرة و الصغيرة منها ، و هي سيارات للخدمة الفعلية لكنها في الواقع و كأنها أشبه بالسيارات المحالة للكسر و السكراب ، و هنالك في جانب أخر سيارات الضباط الفخمة ، وفي ساحات الفرع يعربد سائقي الضباط بسياراتهم المرسيدس ،و شاهدت أحد سائقي الضباط يندفع بسيارته المرسيدس بسرعة باتجاه المراجعين و بدأ في أظهار مهاراته في القيادة و قدراته على التشفيط ، و أي جهاز أمني بهذا التسيب يستطيع الحفاظ على مصلحة الوطن
استغربت أن معظم لا بل كل أصدقائي قد تم التحقيق معهم مرة أو أكثر في أفرع الأمن المختلفة و لمدد قد تمتد لأشهر و بتهم لا تصدق لسذاجتها ، ذلك أثناء سنوات الانفتاح الأخيرة .و لا أنكر أن السهرة كانت من أجمل السهرات من كثرة ما ضحكنا على جهل المحققين ، و يبدوا أن أفرع الأمن السوري تستخدم رصيدها السابق من القمع و الإرهاب و التعذيب ، و أعتقد أن هذا الجهاز غير قادر على التعامل مع ابسط التحديات القادمة ، بسبب قلة الخبرة العملية الفعلية ، خاصة بعد الضغوط الدولية التي أدت في ما أدت لقصقصة أجنحة هذه الأفرع و تقليص قدراتها القمعية ، مما أدى لتحول المحققين لأساليب تحقيق أبعد من أن يعرفها هؤلاء الذين لم يخضعوا لأي دورة تدريبية أو معلوماتية منذ نعومة أظافرهم و أكثرا ما بقي لهم من علم هو قرقعة شراب المته وهات ياكاس رايح و ياكاس جاي
سألت أحد الأصدقاء وقد كانت له تجربة في الزيارات الودية لأفرع الأمن ولمدة لا تقل عن شهر عبر زيارات يومية ، عن موضوع التحقيق معه وماذا حققوا معك فأجابني أننا كنا نسولف أي نتحدث ففي كل يوم يسألوني نفس الأسئلة و نفس المواضيع و فهم لا عمل لهم ويريدون أن يتسلوا ……….
أخر قال لي أنهم استدعوه كي يسألوه عن علاقته براقصة ، الأسئلة تدور عن ما يدور بينهم وحول علاقته بالراقصة ، وهم يريدون أن يعرفوا لماذا نقلت مركز عملها إلى بيروت ، و أخر لأنه استصدر تصريح من نفس الفرع لدخول المناطق الحدودية وقد خطر ببالهم أن يسألوه عن سبب زيارته للمنطقة الحدودية بعد أن كان قد زارها بشكل أسبوعي و لسنوات طويلة .
أحدهم قال هامسا إياك و الراقصات الروسيات فإنهن مراقبات من قبل عناصر المخابرات كي لا يقمن علاقات في أثناء فترة السماح لهم بالتجول في المدينة و ذلك خدمة لأصحاب الكباريهات، قد يكون همس الصديق فيه نوع من الدسيسة ، لكن الواقع يقول أن هذه هي فكرة الشارع تجاه المخابرات ، فلا أحد في الشارع يستنظف عناصر المخابرات فهم أكثر الناس فسادا و أكثر هم جهلا و أكثرهم تحكما بقيم و مصائر البشر ، وهذه القصص صورة واضحة عن أثر الحقد الذي تتركه ممارسات الأفرع الأمنية الودية
عقلية القمامة
لم يكن يخطر ببالي أبدا حين كنت التقط بعض الصور لسوق تجاري محاط بالقاذورات ، أن اتهم بسبب هذه الصور الملتقطة للباعة المساكين و للجو العام المحيط بالسوق بالجاسوسية و أن اقضي جل إجازتي ما بين أقسام الشرطة و أفرع المخابرات ، لم يكن يخطر ببالي أبدا أن تصوير القمامة يمكن أن يصنف تحت باب الخيانة رغم إنني أعرف أن في بلدنا الكل متهم طالما أنه لا يقرقع كاس المته
بدأت زيارتي لأفرع الأمن بعد مشكلة افتعلها أحد المخبرين الجهلة ، أدت إلى اعتقالي من قبل شرطة مخفر اليرموك ، والغريب أنه أثناء التحقيق معي اكتشف الضابط ( الهمام و المثقف كما أدعى عن نفسه ) في قسم شرطة اليرموك أنني مقيم في حي الأكراد أي ركن الدين حين لمعت عيناه و كأنه وجد ضالته فأنا التقط صور للقمامة و بنفس الوقت أمت بصلة للأكراد رغم أنني دمشقي الأصل إذا يمكن القبض على المتهم بالجرم المشهود مع كافة الإثباتات و الوثائق ، شخص يصور القمامة و له قرابة كردية و عنده موقع على الانترنت و يتعامل مع الأمريكان فهو ينشر موقعة على شبكة الانترنت من خلال تعاونه مع شركة أمريكية ، ومن ثم بعد حقيق وصد ورد ومداخلات طويلة انتهى الموضوع بعد مصالحة مع المخبر العتيد وذهبت لمنزلي .
بعد أيام من تلك الحادثة فوجئت باستدعائي إلى فرع المخابرات العسكرية للتحقيق ، وذلك بعد أن لاحظت أنني مراقب في تحركاتي ، و بعد أربعة أيام من التحقيق الودي و التدقيق صباحا مساء ومن دون اعتقال بالطبع انتهى التحقيق ، لكن سعادتي لم تدوم حين تم نقلي إلى فرع فلسطين لفتح تحقيق مشابه و بنفس التفاصيل ، لكن الأمر قد يختلف هنا فالضابط المسؤول عن التحقيق هنا واثق بنفسه جدا و أحكامه قطعية وغير قابل للنقاش ،على العكس من كبار الضباط في الفرع العسكري فهم أكثر حضارية و أكثر تواضعا و أفضل تعاملا ، و استمرت العلاقة و تعطيل الوقت ما يقارب 9 أيام بسبب أن الضابط الهمام الغيور على الوطن يريد أن يلم بكافة جوانب الموضوع ، فقد تغيرت التهمة من الجاسوسية إلى تصوير القمامة و لم يقتنع بسبب تصويري للقمامة و يعتقد أن هنالك جهات أجنبية قد تستفيد من الصور و أنني أريد تشويه صورة سورية في الخارج بنشر صور القمامة وأنني أحاول تهريب السياح و الإساءة للوطن و للدخل القومي .
لا أعرف ما هو السبب من تكرار الاستدعاء من أكثر من فرع و توالي التحقيق من فرع لأخر وذلك بعد أن يتم إغلاق الملف في الفرع السابق ، ومن ثم ما علاقة أجهزة الاستخبارات بالتحقيق مع مواطن أفرج عنه من قبل الشرطة المدنية ، وهل هذا يعني أن الشرطة المدنية لا تقوم بمهمتها على الوجه الأمثل ، وإذا كانت كذلك فلماذا لا تغلق أقسام الشرطة ، و تتولى المخابرات هذا العمل ، أم أن المخابرات لا تزال هي القيمة على القيم و الوطن و طالما هي كذلك فلماذا لا تحقق مع الفاسدين وهم أكثر من أن يحصوا ، الواقع أنني لا أجادل أبدا في حق الاستخبارات في التحقيق مع المواطن الفاسد ، لكني أجادل هنا في آلية الاتهام الأساسية و التي تجعل من أي فعل بناء يعرض صاحبه للاتهام و للتحقيق ، لم أكن أتوقع يوما أن تتفرغ أفرع المخابرات للتحقيق في أسباب تصوير القمامة و أن يتحول تصوير القمامة إلى اتهام بالجاسوسية و خاصة أن التصوير كان بكاميرا و عدسة أكبر من أن يحملها أغبى جاسوس في الأيام الأولى لاختراع التصوير فما بالنا بعصر التصغير و الأقمار الصناعية ،و لماذا هذا الخوف من الصورة و التصوير في زمن الأقمار الصناعية و الهواتف المتحركة المزودة بالكاميرا ، ومع التطور التقني في علم التصوير الرقمي وبنفس الوقت علم التصغير بحيث أصبحت الكاميرا التجارية بحجم حبة الدواء ، ولم أكن أتوقع أن يحقق معي كبار الضباط في تهمة من هذا النوع في وقت يمتلئ الوطن بالفساد و الفاسدين وهم ينتظرون من ينظر بأمر فسادهم وإفسادهم
ولم أكن أتوقع انتهاء التحقيق معي في فرع فلسطين للمخابرات بعد دروس طويلة في القومية و الوطنية و حب الوطن و كم كنت أحتاج لهذه الدروس من هذا الضابط الجاهل الفاسد ،الذي قام بالاستيلاء على جهاز GPS تحت حجة أن الجهاز ممنوع في حين أن معظم السيارات الحديثة التي تستورد و تدخل بزيارة للقطر السوري بما فيها سيارته مزود بهذا الجهاز إذا دروس في القومية و الوطنية ، و النهاية سرقة و رشوة كي أتمكن من الخروج و السفر و العودة لعملي ، و في الواقع أنني لم أستطيع الإجابة على أسئلة أبني حول لماذا استولى الضابط على الجهاز ذلك لأنني لا أستطيع أن اكرر نفس الحجج التي ساقها ضابط الأمن فالصغير سوف يعتقد أنني استصغر ذكائه و أنني اضحك عليه .
شديت رحالي خارج القطر بعد أقل من ساعتين من انتهاء التحقيق غادرت الوطن وخاصة بعد أن علمت أن هنالك 17 فرع للمخابرات فإذا أستغرق الوقت 13يوما لزيارة فرعين و يوم للشرطة فليزم أكثر من إجازة كي ألبي دعوات بقية الأفرع و مشاهدة الضباط بوجههم البشوش وضحكاتهم الصفراوية وهم يلعنون أمريكا والغرب لضغوطها عليهم و جعلهم يضحكون في وجهنا نحن المواطنين ، بعد أن كنا لا نحلم بالنظر لأسفل كعب البسطار العسكري الذي بنهال به رجال الأمن على رؤوسنا
و أقسمت قسما لن أستطيع الوفاء به بأنني لن ازور وطني طالما يتحكم بمصائر البشر هنالك بعض الجاهلين أصحاب عقلية القمامة