13/11/2006

تعليقا على الأحداث العنيفة التي حدثت في شارع طلعت حرب وعدد من المواقع الأخرى من جمهورية مصر العربية من تحرش بالنساء والفتيات في الشارع وصلت إلى حد نزع ملابسهن مما دفعهن إلى الهروب إلى داخل المحال على جانبي الشارع هربا من حالة العنف الجنسي الجماعي الذي أصاب جموع الشباب في الشارع يود مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي أن يؤكد على ما يلي:

  • أنه لا يمكن الفصل بين تلك الأحداث وتلك التي سبقتها في يوم 25 مايو 2005 وما تلاه من مظاهرات للقوى الديموقراطية حيث كان البلطجية يتحرشون بالنساء بأمر رجال الداخلية في محاولة لترهيب المواطنين وتغريبهم عن النزول إلى الشارع.. فإذا كان التحرش في مايو 2005 قد تم بأمر من الداخلية فإنها عمليا قد قدمت التصريح وجواز المرور لهذا النوع من العنف وقد حذرنا يومها من أن اليوم سوف يأتي قريبا حين تتحرك تلك الميليشيات بشكل مستقل غير منتظرة لتصريح الداخلية.. وإذا كان هؤلاء قد تحرشوا بنساء كفايه يوم 25 مايو بعد أن أقنعتهم الداخلية بأنهن أعداء للوطن.. فإنهم في أول أيام العيد قد اخذوا المبادرة بيدهم.. وانطلقوا يفرضون سطوتهم على الشارع.
  • أن المذنبين في حق هؤلاء النساء والفتيات اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي في الشوارع لا يقتصرون على الشباب الذين مارسوا هذا التحرش وإنما يضمون أيضا رجال الأمن المتواجدين بالمكان والذين لم يتعودوا حماية المواطن بعد أن أصبح جل مهمتهم هو الهجوم على المواطنين وحماية النظام.. وحيث أن أحدا من رجال الحكم أو نسائه لم يكونوا متواجدين في هذا الحدث فقد اعتبرت الشرطة أن الأمر لا يهمها.. بل أن رجال الشرطة قد يشاركون بعضا من هؤلاء الشباب موقفهم في ضرورة دفع النساء بعيدا عن الفضاء العام.. بعيدا عن الشارع. كما يضمون أيضا بعض أصحاب الفتاوى من رجال الدين وغيرهم ممن يركزون على المظهر والملبس والشكل ويحملون النساء مسئولية كل ما وصلت إليه البلاد من حالة تردي وانحطاط.. إن التركيز المتزايد على أهمية ما ترتديه النساء والفتيات وإصدار الأحكام على المظهر وكأنه الدليل على حسن الأخلاق أو فسادها يبعث برسالة واضحة للرأي العام بأن المرأة مسئولة عما يحدث لها إذا لم تنصاع لأوامر هذا أو ذاك الشيخ أو صاحب الفتوى.
  • أن رد فعل الداخلية هو دليل جديد على أن هموم المواطن وأمنه ليسا على قائمة اهتماماتها.. فبدلا من أن تسعى إلى التحقيق في الأمر تكتفي إما بنفي الأمر أو بإعلان أن أحدا لم يتقدم لها ببلاغ.. متناسية أن سنوات من القمع والوحشية البوليسية قد جعلت أقسام البوليس هي آخر ما يلجأ إليه المواطنون بحثا عن العون والأمن.. إذا كانت الداخلية تتساءل لماذا لما يتقدم لها أحد ببلاغ فنحن بدورنا نسأل الداخلية والنائب العام وماذا فعلتم بالبلاغات التي قدمتها لكم نساء 25 مايو 2005 مدعومة بالصور والأفلام والشهادات؟ لقد أغلقتم التحقيق وقررتم أن لا وجه لإقامة الدعوى، هذا غير التشهير بهن واتهامهن بتأليف الحكايات والمبالغة.. فكيف تتصورون أن أحدا سوف يلجأ إليكم بحثا عن العدالة؟
  • إن رسائل التهديد التي ترسلها وزارة الداخلية ورجالها في الصحافة إلى المدونين الذين سجلوا أحداث تلك الأيام هي رسائل مردودة إلى صاحبها.. ذلك ان شهادات المدونين إنما هي دليل على غياب أمن المواطن من أجندة الداخلية المصرية.. وإذا كان في هذه البلاد عدالة لكان أولى بها أن تحاسب رجالها المتواجدين في مكان الحادث الذين برروا عدم تدخلهم بأن عدد البلطجية “كبير”، وأن تحاسب من اتخذ قرار إطلاق سراح البلطجية والمسجلين خطر ليستخدمهم في قمع المظاهرات.
  • إن اتهام المدونين بتلويث سمعة مصر هو اتهام قديم ورث.. فسمعة مصر لا قيمة لها أن لم تكن تعبير عن الحقيقة.. وإذا كان الواقع المصري اليوم يفيض بالقهر والقمع والتمييز على أساس الجنس والدين والعقيدة.. فإن واجب كل محب لهذا الوطن هو أن يكشف تلك الأمراض الاجتماعية والسياسية والنفسية وأن يتناولها بالدراسة والفهم للوصول إلى سبل مشتركة للقضاء عليها.. إن سياسة أخفاء الغسيل القذر لا تنتج إلا مزيدا من العفن والروائح الكريهة مهما تفنن أصحاب المصلحة في تغطيتها ومحاولات حجبها.. علاج الغسيل القذر غسله ونشره والتخلص مما بلي منه.. وإذا كانت سمعة مصر هي جل ما يهم الداخلية وأقلام السلطة.. فإن مصر ذاتها، بنسائها ورجالها، هي ما يهمنا.

    إن مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف إذ يعلن تضامنه التام مع النساء اللاتي تعرضن للعنف في أيام عيد الفطر، وإذا يعبر عن شكره ويعلن عن تضامنه مع المدونين المصريين الذين تصادف وجودهم في المكان وقاموا.