9/2/2005

علم المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية أن حوالي عشرة عمال سوريين قتلوا في لبنان خلال الأيام القليلة التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري . وفيما تحدث بعض المصادر عن أن عدد القتلى ” تجاوز الثلاثين قتيلا ” ، أكد مصدر حقوقي في دمشق أن العدد ” لم يتجاوز العشرة ” ، وهو ما أكده الرقيب ( م.د) الذي يعمل موظفا في سلك الأمن العام اللبناني على نقطة عبور” المصنع ” الواقعة على الخط دمشق ـ بيروت . ولدى سؤالنا له عن صحة المعلومات القائلة بأن ” عدد العمال السوريين الذين قتلوا على خلفيات الأوضاع المستجة في لبنان قد تجاوز الثلاثين ” ،قال الرقيب (م.د) ، الذي طلب الإشارة لاسمه بالأحرف الأولى ، إن الرقم مبالغ فيه جدا ، مؤكدا أن عدد الجثث التي تم تسجيل عبورها نقطة ” المصنع ” الحدودية ” هو فقط تسع جثث ” . لكنه أشار إلى ” احتمال عبور جثث أخرى من النقطتين الحدوديتين الأخريين المؤديتين إلى الأراضي السورية، وهو ما لم نستطع التأكد منه حتى الآن .

في هذا السياق ، كشف مواطنون من محافظة السويداء (جنوبي سورية ) عن أن ” عاملا سوريا ينتمي إلى بني معروف (أبناء الطائفة الدرزية ) من المحافظة هو في عداد العمال السوريين الذين قتلوا في لبنان ” . وقال هؤلاء المواطنون ” إن العامل كان معتقلا لدى فرع المخابرات السورية في بيروت ، الواقع في منطقة الرملة البيضاء ، بتهمة إيصال معلومات لأعضاء من الحزب التقدمي الاشتراكي (بقيادة وليد جنبلاط) تتعلق بتحركات لعناصر المخابرات السورية ، وقيامهم بتوزيع السلاح على محازبين تابعين للحزب القومي السوري وحركة أمل . وذلك قبل عدة أيام من وصوله جثة هامدة إلى ذويه ” . وأضاف هؤلاء الموطنون ” أن طبيبا شرعيا من أبناء المنطقة كشف على الجثة وأكد أنها مصابة بطلقين ناريين من عيار8.5 مم ، أحدهما في مؤخرة الرأس والآخرين في أعلى الظهر ، فضلا عن تهتك في الجمجمة ” . ومن المعلوم أن هذا العيار يقتصر على مسدسMakarov الروسي الصنع الذي لا يحمله في سورية إلا ضباط الجيش والمخابرات ” !

هذا ونقلت صحيفة ” أخبار الشرق ” السورية المستقلة عن مصادرها في دمشق أخبارا متطابقة حول مقتل العديد من العمال السوريين في لبنان ، مشيرة إلى أن ” موجة غضب عارمة تسود الشارع السوري بعد تواتر الأخبار عن قتل المزيد من العمال السوريين في لبنان ” ، وأن هذا الغضب مرده ” عدم تطرق خطاب الرئيس الأسد في مجلس الشعب إلى هؤلاء العمال البؤساء الذين قذف بهم حظهم العاثر لكي يعملوا خارج بلدهم ويدفعوا حياتهم ثمناً لأخطاء السياسيين، بينما اكتفى الخطاب بمهاجمة الذين ينتقدون السلطات السورية ” .

إن ” المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية ” ، وإذا يندد بهذه الجرائم التي يتحمل النظام السوري القسط الأكبر من المسؤولية عنها ، يطالب سلطات هذا النظام بفتح تحقيق رسمي حول هذه ” المجزرة العمالية ” والكشف عن تفاصيلها ، لا سيما وأن المعلومات المتوفرة تفيد بتورط المخابرات السورية في لبنان بارتكاب هذه الجرائم أو بعضها، إما بدافع إثارة وتسعير ” حقد ” المواطنين السوريين على أشقائهم اللبنانيين ، أو على خلفية اتهامهم بالاتصال بقوى لبنانية معارضة للوجود العسكري ـ المخابراتي السوري في لبنان . ونعتقد أن امتناع النظام السوري عن ذكر ما يتعلق بهذه الجرائم ، وهو المعروف باستثماره لأي واقعة تخدم مصالحه الأنانية الضيقة ، يزيد من مصداقية المعلومات عن تورط عناصر مخابراته بهذه الجرائم أو بعضها على الأقل !