23/2/2006

(تصريح حول الموقف من قضية التمويل الأميركي الرسمي للمعارضة السورية)


وردت إلى المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية تساؤلات تتعلق بموقفنا من قرار الإدارة الأميركية تخصيص مبلغ خمسة ملايين دولار لما يسمى بعملية دعم الديمقراطية في سوريا . ويهمنا بهذا الخصوص أن نبين ما يلي :

أولا ـ إن قسما كبيرا من المبلغ ، أي ما يقارب 2 مليون دولار ، قد تم منحه فعلا منذ عدة أشهر لبعض المجموعات السياسية السورية الناشطة على الأراضي الأميركية ، فضلا عن منظمة سورية واحدة على الأقل من منظمات حقوق الإنسان السورية . أما الإعلان عن المنحة الآن فلسببين : أولهما تأمين ” تغطية قانونية ” لعمليات الصرف التي حصلت بالفعل ؛ وثانيهما توجيه رسالة هي الأولى من نوعها للنظام السوري في الوقت الذي دخل فيه التحقيق بقضية اغتيال الرئيس الحريري مرحلة حاسمة .

ثانيا ـ كنا أول جهة سورية تدخل في عملية تفاوض بشأن الحصول على تمويل من جهات أميركية . وقد جرى الأمر قبل أكثر من عامين مع برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة الوقف الأميركية لدعم الديمقراطية NED من أجل الحصول على تمويل عملية تحقيق على الأراضي السورية واللبنانية في مصير الآلاف من المفقودين من البلدين وتوثيق جرائم نوعية ارتكبت فيهما . وحين لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن ذلك ، بسبب الشروط السياسية التي وضعت ، واكتشفنا أن مشاريع الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يريدون تمويلها يجب أن تكون مصممة على مقاساتهم واحتياجاتهم هم لا احتياجاتنا نحن ، أعلنا عن الأمر ونشرناه كما يتذكر الجميع ، انطلاقا من وجوب الالتزام بالشفافية أمام الناس .( انظر الرابط أدناه ) .

ثالثا ـ إن إعلان الإدارة الأميركية عن هذه المنحة في هذا الوقت بالذات ينطوي على شيء من الوقاحة والنفاق ، خصوصا وأنه يتزامن مع وقف أموال المساعدات للسلطة الفلسطينية بعد النجاح الكاسح لحركة ” حماس” في انتخابات برلمانية غير مسبوقة في شفافيتها عربيا . وبغض النظر عن موقفنا من حركة ” حماس” كحركة أصولية ، وهو ما يوحد نظرتنا إزاء جميع الحركات المشابهة ، إلا أننا لا نملك إلا استنكار هذا النفاق الأميركي الذي يوقف المساعدات عن شعب ومعاقبته على اختياره الديمقراطي الحر ، ويعلن في الوقت نفسه عن منحة مالية لدعم “الديمقراطية” في مكان مجاور لا يبعد عنه سوى مئتي كيلو متر !

رابعا ـ لقد أثبتت التجربة العيانية الملموسة أن الإدارة الأميركية لا يمكن أن تقدم منحا مالية لوجه الله والديمقراطية وحقوق الإنسان ، بل في إطار تنفيذ أجندة سياسية غير شريفة . ولعل الأخطر من ذلك أنها لم تقدم أي منح من هذا النوع لمجموعات حقوقية أو سياسية تتسم بالنزاهة ونظافة الكف ، بل إلى جهات وشخصيات سمعتها في مجال الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان على مستوى وضيع جدا من الدناءة ، باستثناء حالات نادرة جدا خضعت لظروف خاصة واستثنائية جدا كحالة المفكر والمناضل المصري سعد الدين ابراهيم . ( أحد زبانية الإدارة الأميركية من المعارضين السوريين استخدم قبل عدة أشهر مبلغ خمسة آلاف دولار من المنح الأميركية التي حصل عليها من أجل نشر خبر أشبه بإعلان مدفوع الأجر في موقع إلكتروني واسع الانتشار ادعى فيه أن زوجة أحد المعارضن السوريين نظمت مؤتمرا دوليا للسحاقيات في باريس . وكان ذلك بسبب رفض زوج السيدة المذكورة العمل السياسي مع هذا المتمول الأميركي المعارض ! والقضية الآن أصبحت منظورة أمام القضاء !) .

خامسا ـ إن أفضل خدمة يمكن أن تقدمها الأدارة الأميركية لقضية الديمقراطية في سورية هي عدم التدخل في شؤون المعارضة السورية ، ووقف تعاملها مع ” المعارضين ” السوريين الطفيليين الذين يتعاطون مع قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان كأي نخّاس أو تاجر رقيق أبيض .
فهؤلاء مرغوا قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية بالوحل ! أليس جديرا بالملاحظة أن جميع من قبلت الإدارة الأميركية التعاون معهم وتمويلهم حتى الآن من “المعارضين” السوريين لا يتمتعون بأدنى احترام أمام الشعب السوري ، وأنهم جميعا معارضون طفيليون لم يقتربوا من العمل السياسي والديمقراطي المعارض إلا خلال السنوات الثلاث الأخيرة حين أصبحت قضية التغيير في سورية أجندة سياسية دولية ؟ وأليس جديرا بالملاحظة أن معظم هؤلاء عملوا سنوات طويلة لصالح جهات مشبوهة وإجرامية كالنظام العراقي وما شاكله ؟!! سادسا ـ إننا ننظر لقرار الإدارة الأميركية تقديم هذه المنحة باعتباره مشروعا لنشر الفساد المالي والسياسي والأخلاقي فيما يسمى بـ ” المعارضة ” السورية ، وينطوي على المغزى نفسه الذي ينطوي عليه تصريح رامي مخلوف يوم أمس حول استعداده لتقديم مبلغ مواز له لهذه المعارضة !