12/4/2006
امير مخول
هل حقا ان ايفيت ليبرمان رئيس حزب يسرائيل بيتينو هو خارج الاجماع الصهيوني المهيمن؟, وهل هو خارج فلك حزب كديما الحاكم والذي هو مزج بين نهج حزب العمل ونهج الليكود؟ وهل ليبرمان ونهجه اكثر عنصرية من نهج حزب كديما او حزب العمل وهذا الاخير صاحب “مدرسة” الدمغرافيا الاسرائيلية؟ وان كان حزب كاديما تعبيرا عن المزج بين رؤية الامن القومي الاسرائيلي القائمة على المركبين الاكثر عدوانية وعنصرية دمغرافية حزب العمل من ناحية ورفضية الليكود التقليدية لاية تسوية من الناحية الاخرى, وكلا المركبين هما من مركبات اللاءات الاسرائيلية المعهودة والمجمع عليها صهيونيا.
اذا كان فرق جوهري فليأت به احد, وان لم يكن فلماذا يحصر بعض النواب والساسة العرب وحتى بعض المؤسسات الاهلية وعدد من وسائل الاعلام حملتهم في ليبرمان ويذهب احد النواب العرب لحد مطالبة “اخلاقية” فعالة من حزب العمل وكاديما للالتزام بالامتناع عن المشاركة في ائتلاف يشارك به ليبرمان. فهل يوهم النائب العربي نفسه او جماهير شعبنا انه اقرب في قيمه الى حزب العمل من حزب العمل الى ليبرمان.
برنامج ليبرمان الانتخابي ونهجه لا يخرجا البتة عن جوهر برنامج حزب العمل وبرنامجه حتى النهاية يندرج في سياسة حزب كاديما واستراتيجية “التجميع” العنصرية الاستعمارية.
ان من يركز حملته على ليبرمان من باب نزع شرعيته انما يمنح الشرعية لنهج كاديما وحزب العمل سواء شاء ذلك ام لا. اي يقول نعم لاحزاب صهيونية معينة ولا لاحزاب اخرى. وعمليا يتناقض ذلك مع الموقف خلال الحملة الانتخابية “ولا صوت للاحزاب الصهيونية”.
وفي هذا السياق اثار سلوك عضو الكنيست احمد طيبي التساؤلات (او لم يثرها يتعلق بوجهة النظر) عندما اطلق غدا الانتخابات مبادرة تهدف كما عنوانها الى منع ليبرمان وحزب يسرائيل بيتينو من دخول الائتلاف الحاكم. والشركاء الذين ارادهم الطيبي لهذا الموقف هم حزب العمل وكاديما.
وسؤال اخر يطرح هنا هو لماذا نطالب باستبعاد ليبرمان من الائتلاف القائم على الحل الاسرائيلي الصهيوني احادي الجانب القائم اذا كان يمثل هذا الاجماع. فهل ليبرمان اكثر عنصرية من جوهر النظام الحاكم والدولة, ام انه وليدهما وتعبير عن اعادة انتاج عنصريتهما.
أليس من الافضل لنا ان يكون ليبرمان هو وجه اسرائيل وهو كذلك بدل ان يكون شمعون بيرس احد اخطر اقطاب التنظيرات العرقية والدمغرافية الصهاينة وهو المشرف على تطبيق خطة التطهير العرقي في النقب والتي تحمل اسم “خطة تطوير النقب والجليل”؟ ورغم ذلك يحاول بيرس ان يظهر بمظهر بطل السلام وان تظهر اسرائيل من خلاله كدولة مسالمة وضحية ضحاياها نحن الفلسطينيين في الوطن والشتات.
وبكلمات اخرى, في ظل المعادلة العالمية حيث يتم التعامل مع الاحتلال الاسرائيلي كما لو كان الاحتلال هو ضحية ضحاياه الفلسطينيين, وحيث يجري التعامل مع الراي العام الاسرائيلي كما لو جنح نحو السلام, فليس بالضرورة الا يكون من مصلحتنا ان يكون ليبرمان وزيرا في حكومة اسرائيل, ليشكل التعبير الحقيقي عن اسرائيل الحقيقية والتي لا تستطيع الا تكون ليبرمانية. ومن الافضل لنا ان يطبق خطة التجميع الاستعمارية والعنصرية ليبرمان الى جانب بيرس واولمرت, من الاخيرين وحدهما. فالادانة للاجماع الحاكم والمهيمن هي بسبب جوهره وليس بسبب نتيجته ليبرمان.
الموقف الاوروبي: الشرعية لليبرمان ونزعها عن ضحايا الاحتلال
موقف نزع شرعية الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في حين يقبل العالم بنتائج الانتخابات الاسرائيلية ويحترمها حتى وان كانت عنصرية ودموية وعدوانية. هذا الموقف هو موقف يتماشى مع ما سمي تاريخيا في حقبة الاستعمار التقليدي الاوروبي في افريقيا “رسالة الرجل الابيض”. هم يقرروا معيار الدمقراطية الفلسطينية من خلال عدم احترام نتيجة حسم دمقراطي فلسطيني في الضفة والقطاع ويعاقبون الفلسطينيين جماعيا لانهم صوتوا كما صوتوا, وهم ذاتهم الاتحاد الاوربي يعتبرون المعيار الاسرائيلي مهما طفح عنصرية وعدوانية كحسم دمقراطي يناسب معاييرهم.
الموقف المطلوب فلسطينيا وعربيا
للاسف الشديد فان الفرج العربي الذي كان متوقع اي يكون يوما للقضية الفلسطينية اصبح بشكل مطلق الفرج العربي لاسرائيل. وهذا التحول هو تعبير عن الخضوع العربي الرسمي لمعادلة توازن القوى لصالح اسرائيل والولايات المتحدة, بدل معايير ومتطلبات الحل العادل للقضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والتخلص منه. فقالموقف العربي الرسمي من حكومة اولمرت ومن نتائج الانتخابات الاسرائيلية هو تابع للموقف الامريكي والاوروبي الرسمي الذي يرى ان حكومة اسرائيل بقيادة كاديما ستكون حكومة سلام.
لكن حكومة “السلام” تقوم بمجزرة متواصلة في عزة مدعومة سياسيا من الولايات المتحدة ومتشجعة من الموقف الاوروبي الرسمي الذي يسهم في محاصرة الشعب الفسلطيني ومعاقبته بسبب حسمه الدمقراطي ليصبح الموضوع نتائج هذا الحسم وليس شرعية الاحتلال.
المطلوب فلسطينيا في الوطن والشتات وكذلك عربيا ودوليا من قبل القوى المناصرة للشعب الفلسطيني وللحق الفلسطيني اطلاق حملة عالمية تؤكد ان كاديما ليس حزب سلام وان الانتخابات الاسرائيلية عبرت عن الاجماع الاسرائيلي المستحدث القائم على رؤية الامن القومي الجديدة بما فيها تجاه الفلسطينيين من جانبي الخط الاخضر, من باب الرؤية الدمغرافية والتطهير العرقي والتبادل السكاني لضمان الكتل الاستيطانية الاستعمارية الاسرائيلية في القدس وكل مناطق الضفة الغربية, وتحويل الجدار الصهيوني الى حدود اسرائيل المقبولة دوليا وعربيا وحتى فلسطينيا كامر واقع.
ففي حين تشن اسرائيل حملة داخلية ودولية مكثفة لنزع شرعية اي خيار فلسطيني فان المطلوب ليس رد فعل دفاعي فحسب بل اطلاق حملة لنزع شرعية الاجماع القومي الاسرائيلي المتبلور, وهي استراتيجيا تصب في نزع شرعية حوهر المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العدواني والعنصري. وليبرمان كجزء من هذا الاجماع هو الحلقة التي بالامكان الانطلاق منها لكن بهدف ادانة الاجماع الاسرائيلي ونزع شرعيته وليس انقاذه من خلال التعامل مع ليبرمان كما لو كان خارج هذا الاجماع.