15/12/2004

سميرة صباغ

في جميع أنحاء العالم نجد هناك نسبة من السكان هم مختلفون عن غيرهم في تأمين احتياجاتهم. أي ذوي احتياجات خاصة. وهذه النسبة متغيرة من بلد إلى آخر حسب التطور الصحي والوعي الثقافي في تلك المجتمعات. الأمر الذي يجعل الأسرة تتجنب التعرض للإعاقة قدر الإمكان.

نرى هذه النسبة تتراوح بين 3% و9% من عدد السكان. وذلك لأسباب متعددة ترجع في معظمها إلى الوعي والتطور الحضاري وارتفاع مستوى المعيشة بين أفراد المجتمع وتجنب الحروب.

وهؤلاء الأفراد يشكلون عبئاً على أسرتهم ومجتمعهم يتفاوت في تأثيره حسب رعاية الدولة ومشاركتها في رعايتهم من خلال المؤسسات الخيرية الخاصة والعامة.

وكذلك من خلال التدريب والدراسة وظهور الأفكار والخطط التي يصنعها المختصون لرعاية هذه الشريحة من المجتمع.

الاهتمام بذوي الحاجات الخاصة عالمياًً:
اهتمت الأمم المتحدة بذوي الحاجات الخاصة من خلال رعايتها للطفولة. وقد صدر القرار 247 لعام 1975 الخاص بوضع برنامج لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

وبين عامي 1983 و1992، في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة /37/ صدر برنامج يوضح ويؤكد رعايتهم. وأعلن عام 1989 عالمياً عن حقوق الطفل وحمايته والعناية بنموه وتعليمه. وخص الطفل المعوق بحقه في الحياة الكريمة وتأهيله للاعتماد على ذاته والمشاركة الفعالة في مجتمعه.

وفي عام 1993، انعقد مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان الذي اهتم بذوي الاحتياجات الخاصة وأعطاهم حق المساواة ببقية أفراد مجتمعهم. وأعطاهم حق التعلم والعمل وركز على إزالة جميع العقبات التي تعيق تحقيق ذلك. خاصة في القاعدة رقم 6 للقرار التي نصت على تنمية مهارات وقدرات الأفراد ووضع استراتيجية لتعليم ذوي الحاجات الخاصة في مراحل الطفولة والشباب.

الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة في العالم العربي:
عقدت الكثير من الندوات وورشات العمل بالتعاون مع المؤسسات الدولية والجمعيات الخيرية العربية والدولية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة مثل منظمة اليونسكو واليونسيف ومؤسسة كريم رضا سعيد والجمعية السويدية. وذلك لوضع رؤية مستقبلية وتحديد الأولويات المشتركة بين الدول العربية والتنسيق والتعاون بينها للاهتمام بتعليم الصغار والكبار وتأهيلهم ليتوصلوا للاعتماد على أنفسهم.

الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة في سورية:
يرجع الاهتمام بذوي الحاجات الخاصة في سورية إلى عام 1970. جرى إحصاء سكاني للقطر ركز فيه على تعداد المعوقين مع تحديد نوع الإعاقة بين عامي 1984 و1994. تبين فيه:

في هذا التعداد نلاحظ ما يلي:
إن التعداد غير دقيق، وقد يرجع ذلك إلى أن الأهالي يخفون الحالات إما خجلاً منها، او عدم الاعتراف بها لتأخر الوعي الاجتماعي والصحي.

لذلك فالأعداد هي أكثر من ذلك بالتأكيد. لأن الأعداد يعضها تناقص.

تأخر الوعي الصحي يجعل الأهل يتأخرون في اكتشاف الإعاقة.

إن تشخيص الإعاقة يحتاج إلى مختصين لتحديد نوع الإعاقة.

وهنا يجب أن ننبه إلى أن نسبة الإعاقة بصورة عامة، إن كانت 3% فبحسب تعداد السكان تصل تقريباً إلى 60.000 شخص. وهي في سورية على الأغلب نحو 5-7% من السكان. أي نحو 120.000 من مجموع السكان.

ونحن نؤكد أننا بحاجة إلى مسح ميداني حديث لمعرفة العدد الواقعي لنتمكن من وضع خطة استراتيجية مناسبة لهذه الشريحة من المجتمع. ولتشمل المعاقين جميعاً بحيث لا يهمل أحد.

إن الكشف المبكر عن إعاقة الأفراد ذو أهمية كبيرة لضمان تأهيلهم. ولكي تتمكن الأسرة من اتخاذ الإجراءات المنابة لرعايتهم بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة.

وفي سورية نصت المادة 29 من المرسوم 54 لعام 1970 على إحداث مراكز لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.

وقد صدر مؤخراً مرسوم يمنح العاملين في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة تعويضاً إضافياً يصل إلى 50% من الراتب الأصلي. وهو تشجيع للعاملين في هذا المجال.

كما وضعت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بالتعاون مع مؤسسة كريم رضا سعيد في عام 1995 منهجاً تعليمياً للمعاقين فكرياً. وقامت بتدريب الكوادر العاملة على تنفيذه في المؤسسات الخاصة بهم.

وقامت وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسة كريم رضا سعيد بوضع برنامج خاص لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدارس العادية وذلك لتشمل الرعاية أكبر عدد ممكن. وبدأ ذلك البرنامج بالتجريب منذ عام 2002 في خمس مدارس في القطر من قبل مختصين قامت الوزارة بتدريبهم وتدريب الكادر العامل في هذه المدارس. وما زال العمل على هذا البرنامج مستمراً في سورية. وتقوم وزارة التربية بتقييم تنفيذه لدراسة تطوير العمل بهدف الوصول إلى نجاحه وأفضل فائدة ممكنة.

وقامت وزارة التربية بدراسة ميدانية في أعوام 1993 و1995 حملت عنوان واقع فئات التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة وأساليب معاملتهم في الصفوف الأربعة الابتدائية.

وأقامت دورات تدريبية عام 1996 حول أساليب التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في غرفة الصف.

وفي عام 2002 ظهرت الحاجة إلى تشكيل لجنة وطنية لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم النظامي في 20/3/2002.

ومن مهام اللجنة الوطنية وضع الاستراتيجية العامة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن مدارس التعليم النظامي.

وشاركت في المؤتمر الوطني والإقليمي الذي عقد في لبنان في 7/10/2001. وزارت اللجنة الوطنية مملكة الأردن للاستفادة من تجربته.

وساهمت مؤسسة كريم رضا سعيد بتدريب المربيات في رياض الأطفال مع جمعية نقطة الحليب الخيرية السورية لتطبيق الدمج المبكر.

إن أسلوب الدمج الذي بدء بتنفيذه في العديد من الدول أثبت فاعليته في تطور العملية التعليمية والارتقاء بقدرات المعلمين في التعامل مع التلاميذ والتواصل معهم وإيجاد أفضل الأساليب لتعليمهم وتربيتهم.

نساء سورية