20/1/2007
بسام القاضي
قبل عام ونيف، أطلقنا حواراً وطنياً حول قانون الجمعيات السوري، مواكبة للعمل الجاد الذي قامت به منظمات وجمعيات مدنية عدة، وكذلك جهات حكومية على رأسها الهيئة السورية لشؤون الأسرة.
وخلص ذلك النقاش، الذي أجبر جهات معارضة له، خاصة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، على المشاركة فيه وإن بطريق الإعاقة التي أشرنا إليها في وقتها، إلى جملة من النتائج الهامة منها:
1- أن المجتمع الديمقراطي العصري لا يمكن له أن يقوم، مهما كانت الشعارات، دون قانون جمعيات ديمقراطي وعصري أيضاً، يعتمد القضاء مرجعاً وحيداً لحل المنازعات، ويرفع أية سيطرة من أي نوع كان على عمل الجمعيات، باستثناء سلطة القضاء المدني العادي والمستعجل.
2- أن المجتمع المدني في سورية، ليس محل ثقة وحسب، بل هو قادر على القيام بمهامه كاملة. وأنه لا يحتاج إلى أي “وضع يد” عليه كما جرى ويجري حالياً. وأن ما يسمى “الإشراف” ليس إلا تدخلاً سافراً في عمله لا يهدف في الواقع إلا تحويله إلى “بيادق” على شطرنج بعض الجهات الحكومية. وتكمن خلفه مصالح بضمنها مصالح نفوذ وأخرى شخصية.. وقد قامت الجهات المشاركة في هذا الحوار بتقديم مشروعين لقانون جمعيات جديد…… التتمة…
3- أن دولة في العالم لا تستطيع أن تقوم بمهام المجتمع المدني ومنظماته، مهما كانت إمكانياتها الاقتصادية والمؤسساتية، ومهما كانت رغبتها. وأن التضييق على هذه المنظمات والجمعيات لا نتيجة إلا المزيد من تفاقم المشاكل داخل المجتمع، وبين المجتمع والدولة.
4- أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تعارض بشدة قانون جمعيات ديمقراطي وعصري، كما عارضت النقاش العام حوله بكل وسائلها المتاحة. وقد عبرت عن ذلك خاصة خلال النقاش الذي دار في ندوة عقدتها الوزارة مضطرة بعد أن لم تستطع إيقاف النقاش بالوسائل “الأخرى”، وشاركت فيه وفود أوربية، وعبرت خلاله د. ديالا الحاج عارف صراحة عن تأييدها لقانون جمعيات متشدد “لحماية بلدنا من الداخل، وحماية الأوروبيين في الخارج.. من الإرهاب!!”. ((اقرأ تغطية الورشة..)).
واليوم، في حوار شيق أجرته الزميلة فريال زهرة مع السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: د. ديالا الحاج عارف، ونشرته جريدة تشرين في عددها الصادر صباح يوم 8/12/2007، ((اقرأ الحوار….)) تعود السيدة الوزيرة لتؤكد مجدداً وقوفها الحاسم ضد أي قانون ديمقراطي وعصري، وضد حق المجتمع المدني ومنظماته في المشاركة في كشف سلبياته والعمل على تطويرها! وهو ما عملت عليه عمليا خلال الفترة الماضية عبر ممارسات عدة بينها حل مجالس إدارة جمعيات لم تعرف كيف “تدخل اللعبة” مثل مجلس إدارة جمعية رعاية الأيتام بالسويداء الذي كشف سرقات وابتزازات وممارسات ليس من باب المبالغة وصفها بالعار! ومن بينها التعميم الذي نشرناه في الافتتاحية السابقة 0((اقرأ المادة…))
والذي منعت بموجبه التعامل مع رابطة النساء السوريات التي مضى على وجودها وعملها في سورية أكثر من نصف قرن!! بل تكاد لا توجد جمعية واحدة في سورية ليس لديها ركام من الشكاوى على ممارسات الوزارة تجاهها. ولا حجة في ذلك إلا أن يكون هناك طرف حيادي حقاً ومستقل حقاً له الصلاحية التامة في استقصاء رأي هذه الجمعيات والمنظمات، لنرى حينها كم منها سوف تعبر عن رضاها عن أداء الوزارة، بل حتى حيادها تجاهه!! أما أن نسأل هذه الجمعيات الآن، في ظل الوضع القائم، فإن الجمعيات الراغبة في “الانتحار” (أي الحل وفق القانون الذي يتيح للوزارة حلها بجرة قلم!) هي وحدها التي ستعبر صراحة عن واقع الحال!
والحوار طويل ومليء بالقضايا التي يجب الرد عليها. لكننا سنكتفي هنا بنقاش بضعة نقاط فقط. على أمل أن يساهم الجميع، خاصة الجمعيات والمنظمات في سورية، في هذا الحوار. وهذه الجمعيات والمنظمات مسؤولة اليوم، برأينا، مسؤولية مباشرة عن صمتها عما يجري. ولا يمكن اعتبار هذا الصمت، إذا استمر، إلا تواطؤا لا يبرره خوف ولا “واقع”!
في الحوار:
1- حين سألت الزميلة زهرة إن كان قانون الجمعيات الجديد سيطرح للحوار العام، تهربت السيدة الوزيرة من الإجابة الصريحة على هذا الأمر قائلة: “تعلمين أنني لست بمفردي صاحبة القرار، لا بد أن تأخذ الحكومة بمجملها قراراً كغيره من القوانين. سيعامل كغيره من القوانين”! هذا يعني ببساطة أن القانون سوف يقر “تحت الطاولة”. وسوف نستيقظ ذات صباح لنرى عناوين الصحف تقول: إصدار قانون الجمعيات الجديد! وسنكون مرة أخرى بيادق في يد “الخبراء القانونيين” الذي يعملون داخل الغرف، ويخضعون لشروط وضغوط وتعديلات و.. كل من له مصلحة وذو نفوذ!! أما الجهات المعنية بهذا القانون مباشرة، أي المجتمع برمته، والمثقفون، والجمعيات والمنظمات المرخصة وغير المرخصة و.. و.. فما عليها إلا أن “تنطح رأسها بالحيط” حينئذ.. والواقع أن هذا يعبر بدقة عما قلناه أعلاه: هذه الجهات الحكومية تخشى حقيقة الحوار العام حول قانون الجمعيات. لأن هذا الحوار، كما كشف سابقاً واقع الحال، سيكشف اليوم أن مشروع القانون ليس إلا تعديلاً سطحياً وشكلياً للقانون القائم. تعديلا لن يتجاوز التسهيلات الشكلية في الأوراق الإدارية. ولن يتضمن أية خطوة جدية نحو استقلالية هذه الجمعيات عن وصاية الوزارة مباشرة.
2- الوصاية!.. إنها هاجس الوزارة وبعض الجهات الحكومية التي لا تستطيع أن ترى أحداً يعمل خارج أوامرها! تقول السيدة الوزيرة في حوارها: “أنا مصرة أن يكون مادة قانونية في القانون الجديد تتيح للوزارة أن تقول أن الجمعية الفلانية لم تستطع أن تنسب أكثر. ومعنى ذلك أنها غير قادرة ليست لها شعبية وبالتالي لم تجذب الناس إليها وبالتالي أيضا لا لزوم لها في المجتمع ولم تكن نشيطة”! أما “بالتالي” الأخيرة التي لم تقلها د. عارف صراحة فهي: وبالتالي سنحلها!
وهذه المرة سنرد على هذه الأطروحة بجملة للدكتورة ديالا الحاج عارف قالتها في الحوار ذاته، فقد قالت ردا على سؤال حول عدم وجود خطة للوزارة لضمان التوزع الجغرافي للجمعيات: “لم أسمع إطلاقاً بأن هناك دولة وضعت عدداً محدداً من الجمعيات على أساس جغرافي أو إقليمي أو توازن”. وردنا: “لم نسمع إطلاقا عن دولة وضعت حداً لعدد أعضاء الهيئة العاملة لأية جمعية، فإذا لم تحققه حلت”! لتتفضل السيدة الوزيرة بأن تقول لنا أي قانون جمعيات في أي بلد من العالم المتحضر يتضمن مثل هذه الفقرة؟
وأيضا: لماذا لم تقل لنا السيدة الوزيرة كيف سيكون عدد أعضاء الهيئة العامة لجمعية تعنى بالمسنين مثلا: خمسون أو أكثر؟! وفق أي منطق سيكون على جمعية تعمل على تطوير واقع الطفل في قرية لا يتجاوز جميع عدد سكانها، من المهد إلى اللحد، 1000 مواطن ومواطنة (وهناك الكثير من القرى تقل عن هذا الرقم)، سيكون عليها أن تجمع هذا الرقم أو ذاك في هيئتها العامة؟ وأكثر من ذلك، لم نفهم حقا ما هي العبرة من ذلك؟ وما يضير الوزارة، أو الحكومة، أو المجتمع أن تكون الجمعية هي عشرة أعضاء فقط يعملون في مجال ما يرغبون بالعمل به، ولا يهتم به أحد آخر من العشرين مليون الذي يشكلون هذا المجتمع؟!
في الواقع إن مثل هذا البند لن يكون للتنفيذ الواقعي. وتعرف السيدة الوزيرة ذلك كما يعرفه الجميع. لكنه سيكون سيفاً مسلطاً على رقاب الجمعيات. وبحده سيجري قص رقبة من تريد دون أي مشكلة!
3- “دون أية مشكلة”؟ نعم دون أية مشكلة. فما زال القضاء المدني العادي، والذي ينص الدستور على أن جميع المواطنين سواسية أمامه، خارج أي اعتبار من اعتبارات الوزارة. فمن سيعطي الموافقات ويشرف ويدير ويقرر هي الوزارة! ومن سيحمي من الإرهاب وتسلل الأعداء هي الوزارة! ومن سيقرر صلاحية هذا العمل أو ذاك، أو هذا الاسم للجمعية أو ذاك، أو هذا التمويل أو ذاك.. هي الوزارة! وماذا إذا اختلفت جهة ما مع الوزارة؟ لتشتكي للوزارة! هذا هو واقع الحال اليوم الذي جعلنا في موقع لا نحسد عليه لا عربياً ولا دولياً من حيث عدد الجمعيات ونشاطها ودورها وحريتها! ولنقلها صراحة، مع احترامنا الشديد لجميع البلدان الأخرى، ولجميع النشاطات والناشطين والخبراء في مختلف المجالات: إنه لمن المعيب أننا مازلنا حتى اليوم بحاجة إلى خبراء وخبيرات من الأردن ومصر واليمن و.. عند كل ندوة أو ورشة عمل أو تدريب..! بينما يختفي النساء والرجال في سورية، الذين أمضوا عمرهم في العمل المجتمعي في مختلف مجالاته، لعجزهم عن تطوير عملهم ومراكمة خبراتهم.. ليس لنقص فيهم، ولك بسبب قانون ينتمي إلى دهور أخرى، ووزارة تضع نصب أعينها أن يكون كل نفس بإذن من مكاتبها!
5- مرة أخرى: نعم. كل نفَسٍ بإذن من مكاتبها! ولله لم أجد شخصاً واحداً يدلني على بلد يُقرر فيه أن الجمعيات المرخصة النظامية لا يمكنها أن تقوم بأي تعاون مع جهة حكومية في البلد ذاته دون موافقة “وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل”! وكما يقول المثل: “إيدي بزناركم” أخبروني عن بلد واحد لا يمكن فيه لجمعية أن تقيم نشاطاً مع جهة حكومية من البلد ذاته إلا بموافقة جهة ثالثة؟!
ولأن د. ديالا الحاج عارف، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هي أيضا ليس لديها مثل واحد! وتعرف حق المعرفة أن هذا المنع، لم يتم إلا لأن الوزارة لا تريد لشيء أن يتم إلا عبر أختامها، لم تجد ما ترد به على سؤال الزميلة فريال سوى باللجوء إلى اتهام رئيس مجلس إدارة أو أعضائه بأنهم تجاوزوا الهيئة العامة! وهذا غريب حقاً: هل تقصد السيدة الوزيرة أن على مجلس الإدارة أن يرجع في كل تعاون مع أية جهة حكومية في بلده إلى اجتماع الهيئة العامة ليأخذ إذنها؟! هل هناك أي منطق قانوني أو تنموي أو من أي نوع لهذه المطالبة؟ طبعا لا. ويعرف الجميع أنه: لا. لكنها مجرد حجة في الواقع. حجة لمنع الناس من العمل. وبالتحديد لمنع أية جهة حكومية أخرى من عمل أي شيء مع منظمات المجتمع المدني دون موافقتها. وهي موافقة لن تحصل إلا للجمعيات التي تضمن الوزارة أنها “طيعة” بما يكفي لكي لا تثير لها المشاكل. أي بما يكفي لكي لا تنتقد الوزارة، أو عملها، أو تقول أية كلمة ليست متطابقة مع التصريحات والآراء الرسمية للوزارة!
6- حول رفض الوزارة الترخيص لرابطة النساء السوريات تقول السيدة الوزيرة: “رابطة النساء السوريات ليست جمعية، هي فصيل من الحزب الشيوعي السوري، وأنت تعلمين أن قانون الجمعيات يقول أن الجمعية يجب أن لا يكون لها أهداف سياسية أو دينية، وهذا ليس بقانوننا بل بكل قوانين العالم”.
أولاً ليس صحيحاً هذا الأمر. ففي دول الخليج قاطبة يمكن أن تقوم جمعيات ذات أهداف دينية. وفي سورية هناك الكثير الكثير من الجمعيات ذات أهداف دينية وتعرف السيدة الوزيرة وغيرها ذلك. وهي جمعيات مرخصة. وفي الدول الأوربية يمكن أن تقوم جمعيات لأهداف سياسية وتعمل بها بوسائل سلمية..
وثانياً أن قانون الجمعيات لا ينص على أنه لا يحق للجمعيات أن تكون تابعة لحزب رسمي في الدولة هو أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي تقود الدولة والمجتمع وفق المادة الثامنة من الدستور ذاته. ثالثا يعرف الجميع أن رابطة النساء السوريات ليس لها أهداف سياسية أو دينية. وهي لم تعمل، منذ تأسيسها قبل أكثر من نصف قرن، في المجال السياسي. بل فقط في قضايا الأسرة عموما والمرأة خصوصاً. وبالتالي فإن كلام السيدة الوزيرة لا ينطبق على هذه الجمعية إطلاقاً. تماماً كما أنه لا ينطبق على الكثير من الجمعيات والمنظمات الأخرى التي رفضت الوزارة الترخيص لها، أو ما زالت أوراقها تنام في الأدراج منذ سنين.
وما يثير فعلا هو أن السيدة الوزيرة أجابت بنعم حين سألتها الزميلة فريال: “هل المشكلة في الاسم “رابطة”؟”! يعني هل إذا تقدمت رابطة النساء السوريات بطلب ترخيص تحت اسم: جمعية النساء السوريات، ستحل المشكلة؟! ولن تعود ذات “أهداف سياسية”؟!
7- آخر ما سنرد عليه في هذه العجالة هي رد السيدة الوزيرة على التساؤل حول تجمع سوريات. إذ قالت: “أولا لم اسمع بشيء اسمه “تجمع سوريات”.. إذا كانت جمعيات مرخصة وأرادت ان تقيم اتحاداً مع بعضها فلتقل ذلك صراحة للوزارة، وسندرس مبررات هذا الاتحاد ومدى تلاقي أهدافهم. أنا كوزارة لست ضد الفكرة وهم يعملون للمرأة ويريدون اتحاد للجمعيات النسائية لم يتقدموا بطلب لذلك ولم نرفض، ولكن هم يسمون أنفسهم تجمع دون أن تكون هناك جهة قبلت التجمع، نفتح الباب أن كل ثلاثة متضررين من التدخين يذهبون إلى الإدارة المحلية ويقولون اننا نمثل كل المتضررين، أو ثلاثة أو أربعة معوقين يأتون إلينا ويقولون نحن نمثل معوقي سورية. هذه مسألة تحتاج إلى تنظيم وضوابط. المشكلة أنهم يحاسبوننا على النوايا دون معرفة نيتنا”!
وما مشكلة الوزارة مع أية ثلاثة متضررين من التدخين يقولون أنهم يمثلون مدخني سورية؟ وهل إذا سموا أنفسهم “رابطة مدخني سورية” صاروا ناطقين باسم جميع المدخنين؟ ولن يمنحوا ترخيصاً لهذا السبب؟ وهل تذكر السيدة الوزيرة أن هناك جمعية في درعا تدعى “جمعية المتقاعدين المدنيين”؟ وأخرى في السويداء تدعى “الجمعية السورية للمعوقين جسدياً”؟ وثالثة في حماه تدعى “جمعية المرأة العربية”؟ ورابعة في حمص تدعى “جمعية العلماء بحمص”؟ وخامسة في حلب تدعى “جمعية الشبيبة المثقفة”؟ وسادسة في دمشق تدعى “أصدقاء البيئة؟……. فهل كل من هذه الجمعيات هي ناطق حصري بما يدل عليه اسمها؟ ولماذا إذن منحت الترخيص؟!
وأساساً: وهل يكون العمل المجتمعي على غير هذا النحو؟ ألا تولد الجمعيات بأن يكون هناك شخص واحد لديه طفل معاق يقرر أنه سينذر جزءا من وقته للمعاقين؟ أم أن المشكلة هي في مكان آخر؟ في حساسية قديمة من أي تجمع أو اتحاد يكسر احتكار التجمعات والاتحادات؟ أليست هناك مادة ما تزال على قيد الحياة في قانون الاتحاد النسائي ما زالت تعده الجهة الوحيدة العاملة في قضايا المرأة في سورية؟
ومع ذلك هم لم يقولوا ذلك. ما فعلته الجمعيات التي أعلنت صيغة تنسيقية فيما بينها هو أنها سمت هذه الصيغة باسم ما هو “تجمع سوريات” وكان يمكن أن يكون: تجمع الأمل. أو تجمع الغد، أو تجمع المرأة.. أو أي اسم آخر..؟ لكن الواقع أن المشكلة هي في التجمع ذاته لا في الاسم. السيدة الوزيرة سمعت بالتجمع وتعرفه جيداً. وكذلك تعرف جيداً أنها لا يمكن أن توافق بحال من الأحوال على وجود هذا التجمع. وحين يكون هناك سلوك يمتد لعقود من الزمن لا يكون استنتاج الأمر متعلقاً بالنوايا! وحين تفرغ أدراج الوزارة من الطلبات المهملة أو المرفوضة، يمكن أن يصير عدم التقدم بمثل هذا “الطلب” محاكمة على النوايا. أما الآن، فلا يوجد شخص واحد في سورية، والسيدة الوزيرة بضمنهم، لا يعرف أنه لن يوافق على مثل هذا الطلب.
من جهة أخرى، السيدة الوزيرة والزميلة فريال يعرفون أن التجمع لا يضم جمعيات مرخصة فقط، بل أيضاً جمعيات ليست مرخصة. ((اقرأ بيان تأسيس التجمع………))
وعلى الأقل ثلاثة جمعيات من الجمعيات المنضمة إليه ليست مرخصة. وبضمنها رابطة النساء السوريات التي رفضت الوزارة الترخيص لها، بل وأصدرت تعميماً منعت بموجبه جميع الجمعيات التابعة للوزارة أن تتعاون مع الرابطة أو أي من المنضويات تحتها! وهذه الجمعيات التي شكلت “تجمع سوريات” هي:
جمعية المبادرة الاجتماعية، الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة، رابطة النساء السوريات، لجنة دعم قضايا المرأة، مجموعة كوكب اللاعنف، منتدى السوريات الإسلامي، المنتدى الفكري.
أخيراً..
كنا نأمل فعلاً أن ما جرى خلال السنين الماضية من تطور لحركة المجتمع السوري، خاصة لجهة نشاط وتطور عمل الجمعيات فيه، سيكون رافعة قوية للقيام بإلغاء كلي لقانون الجمعيات الحالي سيء الصيت، ولكل العقل الاحتكاري والوصائي الممارس اليوم تجاه هذه الجمعيات.. لكن الحوار هذا خيب أملنا خيبة شديدة. من الواضح الآن أن القانون الجديد الذي سيمرر دون حوار عام، أي من تحت الطاولة، لأن “المعنيون” لا مصلحة لهم بحوار عام يعيد وضع الأصابع على الجراح، ويسمي الأشياء بمسمياتها، لن يكون سوى نسخة “مزوقة” عن القانون الحالي! ومن الواضح أنه حتى هذا “التزويق” سيتم القضاء عليه عبر تعليمات تنفيذية تلائم الأفكار التي طرحت في هذا الحوار..
كنا نأمل أن يكون المسؤولون قد عرفوا أن قانون جمعيات عصري وديمقراطي لن يكون عوناً لهذا المجتمع وجمعياته ومنظماته وحسب، بل عوناً لهم إذا كانوا يعدون “خدمتهم في الدولة” هي مسؤولية حقاً لا امتيازاً. لكن من الواضح أن الأمر ليس كذلك.. على الأقل عند البعض..
ومن الواضح أيضاً أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وجهات أخرى غيرها، ما تزال تعتقد أنه بإمكانها إيقاف عقارب الساعة، بعد أن فشلت في إعادتها إلى الوراء..