26/12/2005

المستنقع الطائفي نتن بلا شك، ومقاربته ولو لكشف المكاره التي يثيرها في الحياة العامة كمقاربة نافخ الكير، حسب الحكمة المأثورة، فهو إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة.

ما أقدم عليه الحاكمون في دمشق من اللجوء إلى شيخ عقل الطائفة الدرزية المقيم في سورية، لتصفية حسابهم مع وليد جنبلاط، أمر لا يتفتق إلا عن عقل مفعم بالإحساس الكريه، الذي ذاق الشعب السوري مراراته عقوداً طوالاً. كان العقلاء أجمع يجانبون مقاربة هذه المكرهة لئلا يصيبهم بعض أذاها.

وكان كل طائفي (جلد) يرفع بين يديه قميصاً من دائه ليلقيه على كل من يشير إلى هذا الداء من قريب أو بعيد. فكانت الفزاعة نتن يربوع يحتمي صاحبه به.

لسنا معنيين كثيراً بمعركة وليد جنبلاط مع حكام دمشق، ولكننا نرفض من منطلق وطني محض أن توظف هذه المعركة توظيفاً طائفياً، وأن يكون بعض أبناء سورية وقوداً لمعركة أفراد أبدوا استعدادهم ليراهنوا على كل شيء مقابل ساعة من بقاء.

ومن جهة أخرى فإن حديثنا عن طائفية بغيضة، ينغمس فيها نفر من أبناء طائفة ما لخدمة مصالحهم ومآربهم؛ لا يمكن أن يعني أبداً إلقاء التبعة على شريحة من أبناء الوطن لهم تاريخهم في مقاومة الاستعمار، ولهم حاضرهم في مقارعة الاستبداد الذي ربما كان على بعضهم أشد وأقسى.

ولكن هذا الاستدراك لا يلغي أن من بعض الحق الوطني على أبناء الطائفة الشرفاء، الذين ائتدم المستبدون باسمهم لحوم مواطنيهم، أن يؤكدوا لشعبهم أجمع براءتهم بل إدانتهم لكل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت وماتزال ترتكب باسمهم. ليكون التصور الوطني النقي عند الخاصة والعامة سواء.

أربعة عقود مضت وطائفية منغلقة بغيضة أنانية تمارس تحت فزاعة الطائفية في سورية كما في لبنان. دمل محتقن يحتاج إلى مبضع النطاسي الرهيف قبل أن ينفجر، دون أن يعرف أحد كيف!!

المدنيون الأحرار