6/3/2008

يصادف في الثامن من أذار من كل عام الذكرى السنوية لإعلان حالة الطوارئ في سوريا. ففي مثل هذا اليوم من عام 1963 أعلن نائب الحاكم العرفي في سوريا الأمر العسكري رقم / 2 /، الذي أعطى للسلطات الإدارية والأجهزة الأمنية سلطات واسعة لم تكن في الأصل تدخل ضمن صلاحياتها واختصاصاتها ومارستها بشكل عشوائي ووفق أمزجتها، مثل: المحاسبة والتفتيش والمضايقة والاعتقال…، دون مراعاة أحكام الدستور والقوانين الوطنية والدولية. حيث ورد في مقدمة الدستور السوري: ( الحرية حق مقدس والديمقراطية الشعبية هي الصيغة التي تكفل للمواطن ممارسة حريته التي تجعل منه إنساناً كريماً، قادراً على العطاء والبناء، قادراً على الدفاع عن الوطن الذي يعيش فيه، قادراً على التضحية في سبيل الأمة التي ينتمي إليها، وحرية الوطن لا يصونها إلا المواطنون الأحرار، ولا تكتمل حرية المواطن إلا بتحرره الاقتصادي والاجتماعي ).

وقد أصبحت حالة الطوارئ خلال السنوات الخمسة والأربعين الماضية هي القاعدة التي تستند عليها الأجهزة الأمنية السورية لتزيد من قمعها وجبروتها على المواطن السوري بينما بقيت الأوضاع العادية في البلاد هي الاستثناء ؟!! وأفرزت الآثار القانونية الخطيرة على حقوق الإنسان، وهي:

  • انعدام ممارسة السلطة القضائية لأية صلاحية بصدد الاعتقالات، سواء لجهة الأمر بالاعتقال أو تنفيذه ومسؤولية التحقيق مع المعتقل، أو معاقبته، أو الإفراج عنه، وهو يخالف الفقرة الثالثة من المادة / 9 / من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
  • حرمان المواطنين من ممارسة حقهم في الطلب من القضاء البت بشرعية توقيف أي شخص، وهو يخالف الفقرة الرابعة من المادة / 9 / من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
  • حجب حق الدفاع عن المعتقل أو توكيل محام للتشاور معه ومن ثم منع المحامين من ممارسة مهامهم، وهو ما يتعارض مع الفقرة السابعة من المادة / 14 / من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
  • منع ذوي المعتقلين من معرفة مصيرهم أو التهم الموجهة إليهم وعدم أمكان زيارتهم.
  • عدم نفاذ أي قرار قضائي بإلغاء الأوامر العرفية والحيلولة دون وصول المواطنين إلى حقوقهم.
  • أن كل من حكم بأحكام جنائية ( محكمة أمن الدولة ) قد تم وصم كافة مستنداته في سجلات الأحوال المدنية والعدلية بهذه الأحكام بصورة تؤدي إلى عرقلة عودتهم للحياة الطبيعية واستئناف عملهم.
  • مراقبة الاتصالات الهاتفية والبريدية ومراقبة البريد الالكتروني وحجب العديد من المواقع على شبكة الانترنيت بهدف منع المشتركين من الوصول إلى معلومات محددة.
  • منع المحكومين بعد الإفراج عنهم والناشطين في الشأن العام من الحصول على جوازات سفر بأوامر من الأجهزة الأمنية أو يمنعون من السفر.
  • ألغيت حصانة الملكية الفردية وتمت مصادرة الآلاف من دور السكن بحجة الأمن.
  • فقدان شخصية العقوبة، حيث تم اعتقال الأقرباء والأصدقاء للشخص المطلوب لممارسة الضغط عليه لتسليم نفسه مما أدى لفقدان حصانة المواطن لشخصنة العقوبة.
  • أدت إلى تراجع الفكر وانحسار الإبداع وتردي الحالة العلمية.
  • أدت إلى تفشي الفساد، حيث لم يعد أحد أن يمارس نقد الفاسدين بسبب تمتعهم بالحصانة ووجودهم في المواقع المسؤولة.
  • أصيب عمل السلطات الثلاث ( التشريعية، التنفيذية، القضائية ) بالخلل، إذ تداخلت الأوامر والبلاغات ووقعت هذه السلطات تحت سطوة خوف الأجهزة الأمنية.
  • وقوع خلل في العلاقات الاجتماعية والقانونية بسبب طول فترة الاعتقال بدون محاكمة، وعدم معرفة مصير المعتقل أو مكان وجوده، مثل: العلاقة الزوجية، الإرث، الملكية…الخ.

إننا في المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )، نرى أن حالة الطوارئ هي حالة استثنائية مؤقتة نظراً لأن القيود المفروضة بموجبها تعد انتهاكاً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية. ورغم انضمام سوريا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسي في عام 1969 إلا إنها لم تقدم على اتخاذ أية خطوة تشريعية باتجاه تعديل أحكام الطوارئ المذكور كي يتلاءم مع أحكام العهد الدولي وذلك عملاً بنص المادة / 2 / الفقرة الثانية التي تنص على: (( تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلاً أعمال الحقوق المعترف في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضرورياً لهذه الأعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية )).

كما أطلقت السلطات السورية أحكام وتشريعات تتعارض مع هذا العهد وكذلك مع الدستور السوري، مما منح المزيد من الصلاحيات للأجهزة الأمنية، وحدّ من الضمانات القانونية والقضائية للمواطنين وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير وقلّص حرية تحرك الفعاليات المدنية والحقوقية والسياسية في سوريا.

ونرى إن استمرار العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية، أعطت الأجهزة الأمنية صلاحيات استثنائية لتقوم على أساسها بتجاوزات واسعة بخلاف القيود الدستورية والالتزامات الدولية المترتبة على تصديقها للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، تمثل في حملات الاعتقال العشوائية وإهدار الضمانات القانونية والقضائية للمعتقلين وتفاقم ممارسة التعذيب وإساءة المعاملة.

إننا في المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )، لا نرى هناك أي مبرر قانوني أو واقعي لاستمرار حالة الطوارئ في البلاد، لأنها تخضع لضوابط وشروط محددة، وهي:

  • أن تكون هناك حالة حرب أو حالة تهديد بوقوعها.
  • أن تكون هناك حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي القطر أو في جزء منه للخطر بسبب اضطرابات داخلية أو كوارث عامة.

لذلك فإننا نطالب السلطات السورية بإلغائها مع إلغاء كافة الآثار السلبية الناجمة عنها والعودة إلى الأوضاع العادية وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير والضمير في السجون السورية ومن ضمنهم معتقلي الشعب الكردي.

المنظمة الكردية
للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا ( DAD )
www.Dadkurd.Com