3/10/2006

تفصل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز على أساس الوقائع وفقاً للقانون ودون أية تقيدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات مباشرة كانت أو غير مباشرة من أي جهة أو من لأي سبب.
الفقرة الثانية من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية والمتضمنة
كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه
المادة /14/ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية وكذلك المادة /10/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

بيان

بحضور عدد من المحامين ومنهم المحامي مهند الحسني رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان عقد في دائرة القاضي الفرد العسكري الخامس نهار يوم الأحد الواقع في 1/10/2003 جلسة لمحاكمة الكاتب السوري علي العبد الله والناشط في لجان إحياء المجتمع المدني ونجله الطالب الحقوقي محمد العبد الله على الاتهامات الموجهة لهما بتحقير رئيس محكمة أمن الدولة العليا و النيل من هيبة الدولة في الخارج للابن ومن مكانتها المالية للأب وقد تقدمت هيئة الدفاع بمذكرة طالبت فيها من حيث النتيجة ببراءة الموكلين وجدير بالذكر أن هيئة الدفاع عن الكاتب علي العبد الله ونجله يتجاوز عددها الثمانين محامياً يمثلون كافة ألوان الطيف المجتمعي السوري، هذا وقد حجزت القضية للحكم لجلسـة 4/10/2006.

كما مثل أمس أمام محكمة بداية الجزاء بدمشــق المعارض السـوري المهندس فاتح جاموس على خلفية التهمة المنسوبة له والمتمثلة بالنيل من هيبة الدولة في الخارج.

ويسـجل للسـيدة رئيسة المحكمة نقطتين إيجابيتين:

الأولى : أنها سمحت للأستاذ فاتح بالإدلاء بأقواله الأخير سنداً لحكم القانون والذي استهلها بشكر كل من وقف إلى جانبه واختص بالشكر منظمات حقوق الإنسان ثم أفاد بما معناه :

أكد أن قناعاته هي في الصف الأول من منظومته الأخلاقية و الفكرية و أنه تلقى على مدى ربع قرن عقوبات ثأرية وذلك على مدى ثلاث مراحل استمرت إحداها لما يقارب التسعة عشر عاماً في السجن العسكري ، وأن التهم التي وجهت له في هذه القضية كانت تهم كاذبة كلياً ولا أساس لها من الصحة وأن الجهات الأمنية لا تعرف إلا تقارير تقدم من أشخاص وصفهم بأنهم ( حزانى ) وأنه نتج عن تلك التقارير برقية اعتقال مباشرة بحقه بذات الليلة التي شارك فيها بالندوة ورغم معرفته بذلك و على الرغم من جميع عروض اللجوء السياسي المغرية التي قدمت له ، إلا أنه رفضها جميعاً و قرر العود لسوريا ايماناً منه بعدالة قضيته ولأن الوطن بأمس الحاجة للمعارضة السلمية العلنية ، وأن كل ما ذكره في الندوة لم تكن الجهات الأمنية مطلعة عليه وأن هناك من يقف من وراء الكواليس بغرض فرض عقوبات انتقامية وأن هناك من لم يقرأ ولم يطلع على ما جرى في تلك الندوة ولا هدف له إلا فرض عقوبات سحرية حاقدة على قصص واهية تماماً والسبب هو الاختلاف مع منظور المعارضة والتي تسعى وعلى مدى أكثر من أربع عقود لخلق معارضة علنية و جادة و ديمقراطية يقوى بها الشعب والوطن بالمنظور المعاصر.

وأكد على ضرورة الفصل ما بين مفهوم السلطة العابر ومفهوم الدولة الدائم في معرض رده على التهمة الموجهة إليه بالنيل من هيبة الدولة في الخارج و ضرورة عدم طمس المسافة ما بين المفهومين.

وهنا سـألت رئيسة المحكمة فيما إذا كانت هذه الأقوال مدونة في الدفاع أم لا فأجاب المتهم ووكلائه بأن إدارة سجن دمشق المركزي وللأسـف الشـديد منعت المتهم من الإطلاع على مذكرة الدفاع المتعلقة بقضيته
وهنا سجلت النقطة الإيجابية الثانية لرئيسة المحكمة التي سـمحت للأستاذ فاتح بالإطلاع على مذكرة الدفاع في قاعة المحكمة قبل إتمام أقواله الأخيرة والتي انتقد فيها إدارة السجن و تحدث عن الظروف البائسة التي يستحضر فيها المتهمين من السـجن تلك الأوضاع التي لا تصلح لبني الإنسان وتمنى على نفسه أن يكون مخلوقاً غير إنساني كي يستطيع التوافق مع ظروف الاستحضار من السجن للمحكمة و بالعكس ، وطالب القضاء بالتدخل وفرض سلطة رقابته على السجون ودور التوقيف ، ومن ثم حجزت القضية للحكم لجلسة 21/12/2006.

يلاحظ على المحاكمتين ما يلي:

1. التزود بتوقيف المتهمين احتياطياً ، ذلك أنه من المعلوم أن كلا القضيتين من نوع الجنح و أن كلا القضيتين لا خشية فيهما من ضياع الأدلة باعتبارها تتعلق بآراء وأفكار ثابتة في ملف الدعوى ولا يخشى من التلاعب بها، ومن جهة أخرى ففي كلا القضيتين لا يخشى من فرار المتهم ، والأصل أن المتهم يتمتع بقرينة البراءة وأن تلك القرينة من المفترض أن تبقى لاصقة بهم إلى أن يصدر بحقه حكم نهائي مبرم وعليه فإن التزود في توقيفهم احتياطياً والامتناع عن إخلاء سبيلهما رغم وجود المبرر القانوني يجعلنا وكأننا أمام عقوبة مفترضة سلفاً وهو ما تربأ عنه العدالة و يأنفه الدستور والقانون.

2. لا يخفى على أحد أن تأخير أمد المحاكمة شـكل من أشكال الظلم وإرجاء القضية للتدقيق لمدة شهرين بالنسبة للمهندس فاتح جاموس وانتقال القضية من محكمة أمن الدولة إلى قاضي التحقيق الأول ومن ثم للقضاء العسكري بالنسبة للكاتب علي العبد الله و نجله يحمل في طياته ضرراً كبيراً لهم لاسيما بالنسبة للطالب الحقوقي محمد الذي من المفترض أن تبدأ امتحاناته يوم الخميس 5/10/2006.

3. ثم إن الإهمال بإسـتحضار المعتقلين من السجن كان ظاهرة مشتركة ومميزة في القضيتين وقد تكررت على مدى أكثر من جلسة.

4. ومن المتفق عليه فقهاً وقانوناً واجتهاداً أن عبء الإثبات يقع على كاهل النيابة العامة باعتبار أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم نهائي مبرم محمول على أسبابه القانونية ومن الملاحظ في كلا القضيتين أن النيابة العامة حركت دعوى الحق العام وفقاً لمواد قانونية لا مؤيد لها في وثائق الدعوى وأوراقها ومن ثم تركت عبء الإثبات على قضاة الحكم وهو ما لا يجوز قانوناُ.

نؤكد في المنظمة السورية لحقوق الإنسان على ما ورد في مبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية وعلى ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من مبادئ المساواة أمام القانون وافتراض البراءة والحق في المحاكمة العادلة و العلنية أمام المحكمة المختصة والمستقلة والنزيهة والمشكلة وفقاً للقانون.

مجلس الإدارة