22/12/2009
يعتبر حق المتهم في زيارة محاميه من الحقوق الأساسية التي تضمنها الاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية بما فيها القانون التونسي ( مجلة الإجراءات الجزائية , قانون السجون …) . وتسمح الزيارة للمحامي بالالتقاء بحريفه الموقوف على إنفراد وبدون حواجز للتداول حول ملف القضية والتهم الموجهة إليه وخطة الدفاع أمام المحكمة وما بعد صدور الحكم …. الخ . وفي العادة يكون المتهم على غير دراية بكامل ملفه ووحدها زيارة المحامي تسمح له بفهم التهم المنسوبة إليه وكيفية ردها. والأكيد أن الزيارة تؤدي إلى رفع معنويات الشخص الموقوف وإشعاره أن هناك من يدرس ملفه ويساعده للدفاع عن نفسه أمام ” آلة العدالة ” المعقدة المسالك والإجراءات . ويتعاظم دور الزيارة في قضايا الرأي والقضايا السياسية، إذ علاوة على الدور التقليدي للمحامي في الدفاع والإرشاد فإنه في العادة يكون متطوعا للدفاع بدون أي مقابل عن صاحب الرأي أو السياسي دفاعا عن حرية الرأي والحق في الاختلاف.
ولهذه الأسباب لم يضع القانون أي موانع أو حدود أمام زيارة المحامي مهما كانت الظروف والملابسات. وقد نصت مجلة الإجراءات الجزائية على حالات الحرمان من زيارة العائلة إلا أنها إستثنت زيارة المحامي من ذلك .
وتجري زيارة المحامي لموكله على انفراد في مكتب خاص وبدون أي حواجز مع احترام القوانين وتراتيب السجن.
وفي الفترة الأخيرة وقع استهداف زيارة المحامي بعديد من التضييقات القضائية والإدارية . فقد تكرر رفض الجهة القضائية منح تراخيص الزيارة للمحامين المدافعين على الصحفيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف بدون أي مسوغات قانونية . وأمام تكرار الظاهرة اضطر عدد من المحامين للاعتصام لساعات بمحكمة الاستئناف بتونس للمطالبة بحقهم القانوني في زيارة موكلهم منهم الأساتذة العياشي الهمامي وعبد الناصر العويني وراضية النصراوي . وفي حالات عديدة أخرى رفضت إدارة السجن تنفيذ الأمر القضائي بالزيارة متعللة “بالتعليمات “و” الأوامر “… الخ أحيانا وذهبت في أحيان أخرى إلى القول بأن المعني بالأمر يرفضها..الخ..و ذلك بعد أن يترك المحامي في الانتظار لمدة من الزمن, وبعد أن يتكبد عناء التنقل إلى مناطق بعيدة عن مركز عمله .
وبعد الاعتصام المذكور “سرحت” المحكمة بطاقات الزيارة إلا أنه من الغد رفضت إدارة سجن سليانة تمكين ثلاث محامين من زيارة موكلهم بن بريك. و في حادثة أخرى ذكر الأستاذ احمد نجيب الشابي انه اضطر للانسحاب اثر اضطراره لانتظار جواب إدارة سجن المرناقية لمدة ساعة إلا ربع حول حقه في زيارة موكله زهير مخلوف. كما رفض الأستاذ شوقي الطبيب زيارة موكله لأن إدارة سجن سليانة أرادت فرض أحد أعوان السجون ليكون حاضرا بمكتب الزيارة . وبمناسبة قضية زهير مخلوف اشترطت كتابة المحكمة الحضور الشخصي للمحامي لتسليمه بطاقة الزيارة ولم تقبل تسليمها لزميل له نيابة عنه رغم أن نيابة محام لزميله أمر جرى به العمل في مختلف الأعمال القضائية .
ويعتبر إبعاد الموقوف إلى سجن بعيد عن مقر المحكمة المحال أمامها تضييقا في ضمانات الدفاع وفي حماية الشخص الموقوف من تعسف الإدارة السجينة , كما أن هذا ” الإبعاد ” يعسر مهمة المحامي بخصوص زيارة موكله وأقرب مثال على ذلك نقل الصحفي بن بريك إلى سجن سليانة رغم أنه محال أمام محاكم العاصمة. وسابقا نقل محمد عبو إلى سجن الكاف بنفس الأسلوب . وذكر محامون انه حتى عند إجراء الزيارة فإن أعوان السجون لا ينفكون يراقبون حركات المحامي وسكناته وهو يتحدث إلى موكله وذلك من خلال الباب البلوري و قد وصل الأمر إلى منع الأعوان احد المحامين من إطلاع موكله على جريدة حزب معارض بتعلة أن ذلك ممنوع والحال أن تلك الجريدة أوردت خبر حول القضية وخلفياتها علاوة أن قانون السجون لا يمنع المحامي من إطلاع موكله على أي وثيقة أوكتاب أو جريدة أثناء لقائه به .
وتعتبر الجمعية أن كل هذه الإجراءات التضييقية هدفها الحط من معنويات الشخص الموقوف لأسباب فكرية أو سياسية وإشعاره انه يعامل معاملة خاصة وأنه يتمتع تبعا لذلك بحقوق أقل من تلك التي ينص عليها القانون. كما أن تلك الإجراءات تهدف من ناحية أخرى الحط من عزم المحامي وعدم تشجيعه على التردد على السجن لزيارة موكله.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ فوجئت الساحة الحقوقية أخيرا بصدور حكم إبتدائي عن المحكمة الإدارية تحت عدد12352 بتاريخ 26 06 2009 عن الدائرة الثالثة يمنع المحامي من تقديم مطلب لزيارة موكله المحكوم نهائيا بتعلة أن المحكوم قد لا يكون راغبا في الزيارة المذكورة وأن الحق في تقديم الطلب محصور بالشخص المحكوم دون سواه…
والأكيد أن هذا الحكم القضائي مخالف لأبسط المبادئ القانونية وفيه خرق فادح لحقوق السجناء ولحقوق الإنسان عامة لأنه يمنع حقا لم يمنحه القانون صراحة واستند إلى تأويل غريب لقانون السجون.
إن الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب:
– تدعو إلى ضرورة احترام حقوق المتهم الموقوف أو المحكوم طبق ما تسمح به القوانين والاتفاقيات.
– الكف عن التمييز في معاملة معتقلي الرأي والسياسة وذلك بتصنيفهم “كسجناء خاصين” وحرمانهم تبعا لذلك من حقوق يكلفها لهم التشريع.
– احترام دور المحامين والسماح لهم بالقيام بواجبهم كاملا أثناء زيارة موكلهم وعدم عرقلة حق الزيارة سواء بالمنع أو بالتضييق.
الجمــعيّة التونسيّة لمقاومة التعذيب
للاتصال بالجمعيّة(الهاتف): 21029582 _ 98351584 _ 25339960 _ تونـــس