26/11/2008

رسالة الأمين العام بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
29/نوفمبر 2007

نيويورك، يأتي هذا اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في وقت تتواصل فيه معاناة الفلسطينيين من الإذلال والعنف الناجمين عن الاحتلال والصراع، ولكنه يأتي أيضا مع بزوغ فجر جديد من الجهود المبذولة لحل الصراع على أساس وجود دولتين. ومنذ يومين، في أنابوليس، وافق الرئيس عباس ورئيس الوزراء أولمرت، في الاجتماع الذي ضمهما برعاية الرئيس بوش وبحضور جهات كثيرة تمثل المجتمع الدولي، بما في ذلك أعضاء من جامعة الدول العربية، على بدء مفاوضات بشأن جميع القضايا الجوهرية دون استثناء، من أجل التوصل إلى معاهدة سلام تحل جميع المسائل العالقة.
وتعهدا ببذل كل الجهود للقيام بذلك خلال عام 2008. إن عملية التنفيذ تتسم الآن بفائق الأهمية. فما نفعل غدا أهم مما نقول اليوم. وقد تعهدت في أنابوليس بتقديم دعم الأمم المتحدة الكامل للمسعى الجديد. وشددت على أن المنظمة حددت خلال 60 عاما المعايير العامة لإحلال السلام، أولها خطة التقسيم، ثم قرارات مجلس الأمن 242 و 338 و 1397 و 1515، وقليلة هي الأولويات التي تعتبرها الأمم المتحدة أشد أهمية من تسوية هذا الصراع. ونحن جميعا نعرف السبب.
فالفلسطينيون قد حرموا على مدى 60 عاما من حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
والمجتمع الفلسطيني لا ينفك يتفتت، أرضا، من خلال المستوطنات، ومصادرة الأراضي، والحواجز في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ واجتماعيا واقتصاديا، من خلال عمليات الإغلاق؛ وسياسيا، بين غزة والضفة الغربية.
وبدأ يخشى هذا الشعب من أن يتبدد حلمه في إقامة دولة خاصة به. ولا بد من إزالة الشعور المتزايد باليأس هذا. ويجب للعملية التي أطلقت في أنابوليس أن تحدث تغييرا في حياة الفلسطينيين وتكفل استقلالهم وحريتهم.
ويجب أن تؤدي أيضا إلى إنهاء الاحتلال وإنشاء دولة فلسطين المستقلة القابلة للبقاء، تعيش في سلام مع نفسها ومع جيرانها. ويجب أيضا أن تضع العملية حدا لمخاوف الإسرائيليين الكبيرة، عبر دولة فلسطينية تكون شريكا حقيقيا لا مصدرا للإرهاب، ووجود حدود آمنة معترف بها، وإنهاء الصراع بشكل دائم.
وليس بوسعنا تجاهل الشعور العميق بالريبة وعدم الثقة الذي يساور كلا الجانبين إزاء وجود الإرادة والقدرة لدى الطرف الآخر لتحقيق هذه الأهداف. فرغم تحقيق عدة إنجازات دبلوماسية مهمة، أصبحت الأوضاع الميدانية أكثر صعوبة، لا أكثر سهولة، بالنسبة لمعظم الفلسطينيين، ولكثير من الإسرائيليين أيضا. فإسرائيل تخشى على أمنها من تهديدات حقيقية، وقضى مدنيون إسرائيليون وأُصيبوا بجروح في اعتداءات بالصواريخ. وقُتل مدنيون فلسطينيون وأُصيبوا بجروح جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأُغلق قطاع غزة إغلاقا شبه تام، وفُرضت قيود مشددة على وصول الإمدادات إلى الفلسطينيين وعلى تنقلاتهم، مما جعل الحالة الإنسانية خطيرة. وتوسعت المستوطنات في جميع أرجاء الضفة الغربية.
وأُقيمت نقاط تفتيش وجدار عازل على أراض محتلة. ومعدلات البطالة والفقر ماضية في الارتفاع.
إن المعاناة من الإذلال والظلم والخوف لدى الجانبين تجعل من الصعب بناء الثقة في العملية السياسية.
وبناء الثقة هو بالتحديد ما ينبغي أن نفعله. ويجب أن نتخلى عن اتباع نهج جزئية ونعالج الصراع بجميع جوانبه. ولا بد من بدء مفاوضات الوضع النهائي بجدية ومن معالجة جميع المسائل: القدس واللاجئون والحدود والمستوطنات والأمن والمياه. إن الخطوط العريضة لإيجاد حلول لهذه المسائل واضحة. وعلينا أيضا مساعدة السلطة الفلسطينية على إعادة البناء والإصلاح وتسيير أعمالها بفعالية. وآمل من عدد كبير من الجهات المانحة تقديم الدعم السياسي والمالي خلال مؤتمر باريس القادم وما بعده. ويجب أن يتحسن الوضع الميداني أيضا بشكل سريع وملحوظ، إذ يتعذر أن تتكلل العملية الدبلوماسية بالنجاح ما لم تنفذ الالتزامات الواردة في خريطة الطريق التي تنتظر التنفيذ منذ وقت طويل وفي الاتفاق بشأن التنقل والعبور. وإحراز تقدم في هذا المجال يقتضي من الطرفين بذل جهد متواز ورصدا فعليا. وإن كان الأمل، لا اليأس، أساس بناء السلام، يجب أن نمد أيدينا أيضا إلى سكان غزة. فقد عانوا أكثر من غيرهم من جراء الصراع والفقر. وتزويدهم بالمساعدات الإنسانية أمر حيوي، وجهود الأمم المتحدة بحاجة إلى دعم من الجهات المانحة. ولكن لا يمكن لمثل هذه المساعدات أن تحل محل إقامة اقتصاد سليم. وقد آن الأوان لطرح مبادرات ملموسة تخفف من حدة معاناتهم. ولا بد أيضا من إعادة ترسيخ الوحدة بين غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية الشرعية حتى يصبح أي اتفاق لتحقيق السلام قابلا للاستمرار. إن الرؤية المتمثلة في إزالة الاحتلال وإنهاء الصراع وقيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام هي رؤية عدل وأمن وسلام، رؤية لا تزال قابلة للتحقيق.
ولكنها لن تصبح أمرا واقعا ما لم يتحمل جميع المعنيين مسؤوليتهم في تقديم ما أمكن من مساهمات. أما الآن وقد بدأت القيادة الفلسطينية تبذل مسعى جديدا مع إسرائيل من أجل إنهاء الصراع وكفالة مستقبل أفضل للأطفال الفلسطينيين، دعونا نظهر تضامننا مع الشعب الفلسطيني – وأيضا مع الشعب الإسرائيلي – من خلال دعمنا اللامحدود لجهودهما وعدم التخلي عنهما إلى أن يتحقق الهدف المنشود.

هذا وقد دعت الجمعية العامة، عام 1977، للاحتفال في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (القرار 32/40 ب). في ذلك اليوم من عام 1947 إعتمدت الجمعية العامة قرار تقسيم فلسطين (القرار 181 (II)

كما طلبت الجمعية العامة بموجب القرار 60/37 بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2005، من لجنة وشعبة حقوق الفلسطينيين في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، تنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين بالتعاون مع بعثة المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، وتشجع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال بيوم التضامن.

معا لخدمة ورفعة حقوق الانسان فى مصر