4/12/2008
أعلنت الجمعية العامة الاحتفال في عام 2008 بالسنة الدولية للبطاطس، وذلك في قرارها 60/191 المؤرخ 22 كانون الأول/ديسمبر 2005. وقد اتخذت الجمعية العامة هذا الإجراء بعد أن أكدت ضرورة تركيز اهتمام العالم على الدور الذي يمكن أن يؤديه البطاطس في توفير الأمن الغذائي والقضاء على الفقر، وفي دعم بلوغ الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا، بما في ذلك الأهداف الإنمائية للألفية. ودعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى تيسير تنفيذ السنة الدولية للبطاطس، بالتعاون مع الحكومات، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والفريق الاستشاري المعني بمراكز البحوث الزراعية الدولية، ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة، فضلا عن المنظمات غير الحكومية الأخرى ذات الصلة. وقد سبق للجمعية العامة أن أعلنت الاحتفال في عام بالسنة الدولية للأرز إذ لاحظت أن الأرز هو الغذاء الرئيسي لأكثر من نصف سكان العالم (القرار 57/162 المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 2002). ثم إنها أكدت أيضا ضرورة زيادة الوعي بدور الأرز في تخفيف حدة الفقر وسوء التغذية، وأعادت تأكيد الحاجة إلى تركيز اهتمام العالم على الدور الذي يمكن أن يقوم به الأرز في تحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا، بما فيها تلك الواردة في إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية.
كانت المطربة صباح تغني لحبيبها «غديني بطاطس وعشيني بطاطس» وها هي الأمم المتحدة تستجيب لندائها الآن وتعلن عام 2008 «السنة الدولية للبطاطس». لكن ماذا يمكن أن يعني ذلك؟ كانوا يظنون أن البطاطس طعام الفقراء فهي تملأ المعدة وتزيد الوزن لكن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت انها تحتوي على كميات متناسبة من البروتين وفيتامين C والكلس والحديد – وانتبهوا جيدا – وكمية قليلة من الدهون. موضة الأكل المريح لا السريع وجمعيات الأكل البطيء في العالم ترفع شعار: يا رأس البطاطس.. هذه السنة لك! البطاطس بدل الذهب: وصل الاسبان الى البيرو في أميركا اللاتينية عام 1532 بحثا عن الذهب لكنهم بدل ذلك اكتشفوا البطاطس. وقال المؤرخ والغازي الاسباني بيدرو سييزا دي ليون عام 1540 انه رأى الناس يأكلون الذرة والبطاطس (بابا بالاسبانية) ويشوونها على النار مثل الكستناء لكنه وأقرانه لم يعرفوا سر تلك الدرنة التي كان أهل البيرو القدامى يزرعونها ويأكلونها ويعبدونها منذ القرن الخامس قبل الميلاد. ويبدو أن الرحالة الاسباني غونزاليس خيمينس دي كيسادا الذي فشل في العثور على الذهب أخذ تلك الدرنة عائدا الى اسبانيا عام 1565 مثلما فعل المستكشفون الفرنسيون والاسبان باليقطين ظانين أنه نوع جديد من البطيخ ثم حولته ايطاليا الى القرع الأخضر (الكوسا) في القرن الثامن عشر. وتصور الاسبان للوهلة الاولى أن البطاطس نوع غريب من الكمأة.
منذ تلك الحقبة بدأت الأساطير والروايات حول البطاطس فالبعض ادعى قائلا: لو وضعت البطاطس في جيبك فستشفى من الروماتيزم (الرثية) والاكزيما (مرض جلدي يسمى النملة) كما لاحظ البحارة الاسبان أن من يأكل البطاطس على ظهور السفن لا يصاب بمرض الحفر أو الاسقربوط الذي كان يسبب نزف اللثة. وحين انتقلت البطاطس الى فرنسا ظنوا بداية انها سامة فمنعت زراعتها في منطقة بيزانسون تحت طائلة العقوبة وجلبها المؤرخ الشهير سير والتر راليي الى ايرلندا عام 1589 كما أهداها الى الملكة اليزابيث الأولى التي أقامت عشاء ملكيا بتلك المناسبة لكن الطباخين في القصر الملكي لم يعرفوا طريقة طهيها فسلقوا الجذور والدرنة والأوراق التي تسبب التسمم فكاد المدعوون يموتون ليلتها، لذا صدر الأمر بمنع زراعتها. لكنها أدخلت فيما بعد الى الولايات المتحدة عام 1719 اثر اطعامها للحيوانات. ولما أصاب القحط ايرلندا بعد اصابة البطاطس بالامراض النباتية عام 1845 اضطر نصف سكانها الى الهجرة وكانوا يقولون ان من يحب البطاطس فلا بد أن يكون شخصا طيبا محترما، فمن وصل منهم الى ولاية ايداهو الاميركية نقل معه زراعة البطاطس ومنذ ذلك الوقت أصبحت ايداهو أهم مركز للبطاطس في العالم والمصدر الأول حاليا للبطاطس المجمدة الصالحة للقلي التي تستعملها مطاعم ماكدونالد للأكل السريع وغيرها.
متى تزرع البطاطس؟: تقول النكتة ان ابن مزارع اميركي أيام الانجليز قبل الاستقلال سجن خلال المقاومة ولم يبق للأب من يحرث الحقل فكتب لابنه في السجن شاكيا فأجابه ابنه: لا تحرث الحقل فقد خبأت فيه البنادق. ويظهر أن الانجليز راقبوا الرسالة فبعثوا بجنودهم للتفتيش وقلبوا الحقل رأسا على عقب ولما أخبر الأب ابنه بما جرى كتب له الابن: الآن ازرع البطاطس! اذا أحببت زراعة البطاطس الطازجة في حديقتك عليك أن تأتي بسطل منقوب في أسفله وثلاث قطع بطاطس صغيرة وتراب صالح للزراعة. ضع البطاطس في مكان دافئ مشمس لكي تبدأ الجذور بالنمو ثم ازرعها في السطل خلال فصل الربيع وضعها في مكان تتراوح فيه درجة الحرارة بين 10 الى 15 درجة مئوية ثم انتظر مدة 3 أشهر قبل حصادها. أما اذا رغبت في التسلية بصنع ساعة تعمل ببطارية البطاطس فعليك بشراء سلكين من النحاس بطول 10 سنتيمترات ومسمارين من الزنك وقطعتين من البطاطس. اجلب ساعة زهيدة الثمن واخرج منها البطارية العادية وضع مكانها طرفا من سلكي النحاس والزنك ثم اغرس الطرفين الآخرين في كل من قطع البطاطس وسترى أن ساعتك ستعمل لمدة طويلة.
من كان يظن قبل 500 سنة من سكان منطقة الانديز الجبلية الفقيرة في البيرو أن هذه الدرنة ستحل مشكلة الجوع في العالم وأن تصبح البطاطس رابع أهم محصول في المعمورة بعد القمح والذرة والأرز نظرا لنموها السريع وغلتها العالية واستعمالاتها الحديثة لا تقتصر على الطعام بل تستخدم في صناعة النشاء والورق ومواد الالتصاق كالغراء، كما تستعمل في صنع بعض أنواع الحلويات ومستحضرات التجميل والمنتجات الصيدلانية. وأصبحت الصين أول منتج للبطاطس في العالم في السنوات الأخيرة وتليها الهند، حيث ينتج البلدان أكثر من نصف الانتاج العالمي حاليا.
الأكل الصحي: تحمل منظمة الأغذية والزراعة للامم المتحدة (الفاو) في روما لواء الحملة العالمية هذا العام للتعريف والترويج للبطاطس بناء على طلب من حكومة البيرو. وقال المسؤول الرئيسي عن الحملة في مقر المنظمة بروما اريك كونيمان في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»: انني واثق بالتأثير الصحي السليم للبطاطس اذا كانت مسلوقة أو مشوية وكانت جزءا من نظام الأكل المتوازن لأنها تحتوي على واحدة من اعلى نسب البروتين بين محاصيل الجذور والدرنات، أما التأثير الضار لها فنابع من القلي في مطاعم الأكل السريع خاصة الاكثار من تناول المقالي دون تبديل الزيت. وأضاف «انتاج البطاطس في تعاظم سريع في العالم النامي وثمة امكانات جيدة لتحقيق زيادات اضافية في الانتاج والاستهلاك لملاءمتها للمناطق التي تتسم بمحدودية الاراضي ووفرة اليد العاملة لانها تساهم في مكافحة الجوع والفقر وفي التنمية المستدامة وحماية بيئتنا الطبيعية». ثم أردف مازحا «تحتوي البطاطس على النشاء والماء وقشرتها مفيدة للجسم ولكننا كنا نأكل الكثير من الأرز في دارنا بولاية أيداهو الاميركية لأن والدي كان يعمل في مصنع للبطاطس ولم يعد يطيق مشاهدتها حين يعود الى الدار في المساء بعد رؤيتها أمام عينيه طوال اليوم». أما خبير المنظمة الرئيسي نيبابي لوتالاديو الذي أدخل التحسينات على زراعة البطاطس في اوغندا فقال «البطاطس منتج عالمي والدول النامية تفوقت الآن على الدول الصناعية في كمية الانتاج الذي ارتفع من 80 مليون طن عام 1990 الى رقم قياسي يقارب 315 مليون طن عام 2006. وبعد ارتفاع اسعار المواد الغذائية في كافة بلاد العالم مؤخرا على المسؤولين العودة لاعتبار الزراعة من الأولويات الأساسية». وأضاف «ان الفاو تساعد عددا من البلاد العربية في برامج تنمية زراعة البطاطس مثل مصر وسورية والجزائر والمغرب وتونس، انما يعاني البعض من مشكلة البذور المستوردة من اوروبا»..
الأكل البطيء: مطاعم الاكل السريع تفتخر بأسعارها المحدودة للحوم والهامبرغر مع شرائح البطاطس المقلية بالدهن ( فرنش فرايز)، ولكن هل يدرك المستهلك كيف تحضر تلك الشرائح المقلية؟ أهم مصنع في أميركا يملكه امبراطور البطاطس جون ريتشارد سيمبلوت، حيث تقسم البطاطس وتوضع في برادات للتجميد ثم تشحن بالطائرات ولكنهم اكتشفوا انها تقلى في مطاعم الاكل السريع بمزيج من 7 في المائة من زيت القطن و93 في المائة من الشحم الحيواني فقامت الاحتجاجات التي اضطرت اشهر المطاعم الى تبديل الوصفة واستخدام كلمة غامضة وهي «مادة منكهة لاعطاء زيوت القلي النكهة الطبيعية» اما محتويات المنكه فسر من اسرار المهنة لا يعرفه سوى العاملين في صناعة المنكهات. نمت في السنوات الأخيرة حركة عالمية لها فروع في خمسين دولة تحت شعار «الأكل البطيء» أسسها كارلو بيتريني في مدينة صغيرة قرب تورينو بشمال ايطاليا الغربي وكان يعمل صحافيا ويكتب عن المطاعم ووجباتها، وتعتمد فلسفته على العودة الى الأكل الطازج الطبيعي والى النكهات الأصلية للطعام في كل بلد كما كانت وصفات الأمهات والجدات والقرويات تستعمل المنتجات المحلية الصحية. ويجلب بيتريني كل عام مجموعات من الموسيقيين من المغرب الى السويد لاقامة حفلات للموسيقى الشعبية تقام في المزارع وتقدم خلالها الأطباق التقليدية. قال لي أحد مساعديه موريتزيو رينالدي اثناء زيارة الى تورينو عاصمة الأكل اللذيذ في ايطاليا بعضهم لا يحب البطاطس لأنه يعتقد أن بنيتها غير مغرية لكنهم نسوا عشرات الطرق لاعداد البطاطس في المطابخ وأسهلها البطاطس المهروسة، كما يمكن اضافتها الى الكثير من الخضراوات واللحوم أو وضعها في الفرن مع الجبن خاصة البارميزان.. عليك أن تتصفح مواقع الانترنت لترى العديد من الاقتراحات والوصفات، خاصة في عام البطاطس الحالي. ثم أردف ضاحكا بعد ارتفاع أسعار المعجنات في ايطاليا قامت مؤخرا حملة لمقاطعتها لكن محبي السباغيتي لجأوا الى تصوير عارضة أزياء نحيفة في حوض استحمام وهي مغمورة بالسباغيتي المخلوط بقليل من الطماطم والزيت والحبق، وعلينا الآن أن نبتكر اعلانا جديدا لترويج أكل البطاطس ربما بإضافة الليمون والزيت والبقدونس انما دون البصل أو الثوم!
٢٠٠٩ – متابعة السنة الدولية للبطاطس
- لملمة الأوراق وتقييم تأثير نشاطات السنة الدولية؛
- كتابة وتقديم التقارير، ومن ضمنها تقرير نهائي للجمعية العامة للأمم المتحدة؛
- تقديم الدعم للنشاطات الجارية والنشاطات المتواصلة من جانب الشركاء الدوليين من أجل استدامة ومنفعة قطاع البطاطس.
دور الشركاء في السنة الدولية للبطاطس
- ستقوم منظمة الأغذية والزراعة بوصفها المنظمة الميسّرة بالبناء على أساس خبراتها السابقة في تنمية البطاطس إضافةً إلى خبرتها في مجال تيسير السنوات الدولية الأخرى (الأرز ٢٠٠٤ والجبال ٢٠٠٢). حيث تملك المنظمة مكاتب إقليمية ومكاتب ارتباط وممثليات في أنحاء العالم لديها البنية الأساسية والقدرة على تنسيق حملة عالمية للتوعية والعمل.
- ستكون وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإنماء والبحوث الدولية الأخرى، وبوجه خاص المركز الدولي للبطاطس (CIP) وشبكات البحوث المرتبطة به، شركاء رئيسيين في السنة الدولية. حيث يقدم المركز الدولي للبطاطس والمراكز التابعة للجماعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR) مساهمات هامة في تطوير نظم الإنتاج المرتكزة على البطاطس من خلال عدد كبير من البرامج والاتفاقيات ومبادرات البحوث والتدابير الأخرى.
- تقدم حكومات البلدان الأعضاء بالمنظمة في البلدان المنتجة والبلدان المستهلكة للبطاطس معاً الإطار السياسي والفني والاقتصادي والاجتماعي الواسع الذي يحفز التنمية. حيث تقع على عاتق مؤسساتها العامة مسؤولية كبرى في كفالة تشجيع وتيسير الاستراتيجيات والنهج المستدامة.
- تتمتع المنظمات غير الحكومية عموماً بعلاقات وطيدة مع المجتمعات المحلية من خلال مجموعة عريضة من المشروعات الريفية. وهي مهتمة ومتلهفة على وسائل جديدة لتحفيز التنمية المستدامة، كما أنها ماهرة بصورة كبيرة في كفالة وصول هذه الابتكارات إلى السكان المحليين.
- تعدّ روابط المزارعين والمجتمعات الريفية شركاء أساسيين في السنة الدولية للبطاطس، حيث أنها تمتلك المعرفة المحلية والخبرة العملية، ويمكنها أن تنتفع من التحسينات في مجال إنتاج البطاطس.
- يمكن للقطاع الخاص أن يؤثر على غالبية العوامل التي تهم تنمية البطاطس، خصوصاً ما يتعلق بتحسين كفاءة استخدام مستلزمات الإنتاج وطرائق المعالجة. كما أن هذا القطاع منخرط فعلاً في كثير من نشاطات البحوث والتنمية التي كانت في الماضي مقصورة على القطاع العام، وسيكون هذا القطاع حريصاً على زيادة توعية الجمهور بأهمية البطاطس من خلال نشاطات السنة الدولية.
وسيشكل الشركاء لجنة توجيهية دولية غير رسمية (IISC) للسنة الدولية للبطاطس تتولى توجيه عملية تنفيذ السنة الدولية، وعلى وجه الخصوص تقديم التوجيه للأمانة الفنية في مجال تيسير تشكيل لجان إقليمية وقطرية للسنة الدولية للبطاطس.
الدور المقترح “لأبطال السنة الدولية للبطاطس”
لقد كانت ضرورة عمل كافة أصحاب الشأن يداً بيد خلال السنة الدولية للبطاطس ٢٠٠٨ وبعدها مدركة بوضوح من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما قامت بتسمية الشركاء الرئيسيين للعمل معاً من اجل السنة الدولية للبطاطس. لكن تنفيذ السنة الدولية للبطاطس يستلزم إشراك البلدان الرائدة الرئيسة (“الأبطال”) – التي لديها اهتمام كبير بالبطاطس كما أن لديها القدرة على الاضطلاع بدور رائد في إنجاح السنة الدولية. خصوصاً وأن حضور هؤلاء “الأبطال” سيساعد على توليد وتحفيز الدعم والموارد اللازمين لتنسيق السنة الدولية وتنفيذها والاحتفال بها ومتابعتها.
معا لخدمة ورفعة حقوق الانسان فى مصر