أغسطس 2004
الطفل المحرر راكان نصيرات البالغ من العمر 13 عاما، من أريحا، اعقل في معسكر عوفر قرب رام الله، واعتبر اصغر معتقل فلسطيني حيث لم يتجاوز الثانية عشر من العمر حين اعتقل بتاريخ 28/9/2003، والذي أفرج عنه بعد محاولته الثالثة بالانتحار.
الطفل نصيرات الذي حرر مؤخرا من سجن الاحتلال تبين انه لا يستطيع التحرر من آثار تجربته الاعتقالية الصعبة،ولم يعد بوسعه ان ينسى كما يفعل الأطفال بالعادة”لقد كان كابوسا، ولن استطع نسيانه” هذا ما يقوله الطفل راكان نصيرات الذي يتواجد الآن ضمن جوا من يوفره مركز الطفولة التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، بعد قرار المحكمة الاسرائيلية الافراج عنه في 11/12/2003.
ان التجربة الاعتقالية وحسب ما يؤكد المختصون في الجانب النفسي والاجتماعي،تسجل في ذاكرة الاسير ويحتاج الى وقت للتكيف مع المه وعلاجه، ويتفاوت ذلك بين اسير واخر، بالاعتماد على تجربة الاسير وصفاته الشخصية، بالاضافة الى المدة الزمنية الت يقضيها داخل السجن، واذا كان ذلك ليس سهلا على البالغبن فكيف هو الحال بالنسبة للاطفال.
فالطفل نصيرات وحسب ما تؤكد التقارير الطبية والنفسية، فان اثار تجربة الاعتقال ظهرت عليه بشكل واضح، الامر الذي يؤكد عمق الاثر الذي تتركه التجربة في حياة الاسير المحرر، حيث تمثلت الاثار الجسدية على نصيرات بنوبات في ضيق التنفس تسبقها حالة من الاكتئاب ومصحوبة برجفة والم متكررة في فخذه اليسرى ناتج عن ضربة من قبل ضابط اسرائيلي بمؤخرة البندقية البندقية، كما ينتاب الطفل المحرر نصيرات صداع متكرر.
ولا يتوقف الامر عند التاثيرات الجسدية بل هناك التاثيرات النفسية التي بدت واضحة على تصرفات راكان حسب ما اكد المختصون وتتمثل بالقلق والاضطراب والارق، وعدم انتظام الوقت في تناول الطعام، والغضب والانفعال الشديد.
ولم تكن هذه الاثار سوى وليدة الظروف غير العادية التي يمر بها طفل بهذا العمر، وكما هو متوقع لاي طفل، فان راكان لم يستطع تحمل ظروف الاعتقال القاسية التي تعرض لها، حيث نقل الى مستشفى هداسا في القدس من معسكر عتصيون اثر تدهور حالته الصحية تحت وطاة الخوف والتهديد والضغط النفسي.
ثم نقل الطفل نصيرات الى معسكر عوفر حيث قدم لمحكمة تمديد في 7تشرين الاول/2003 ،وتم تمديد توقيفه لمدة اسبوع على الرغم من طلب المحامي اخلاء سبيله بالكفالة نظرا لصغر سنه.
وفي جلسة الاستماع بتاريخ14 تشرين الاول، قرر القاضي العسكري الاسرائيلي نقل راكان الى معتقل ملائم بعد رفض السجون المركزية استقباله لصغر سنه، على ان يتم تنفيذ هذا القرار حتى تاريخ23 من نفس الشهر.
الا ان القرار لم ينفذ وبقي الطفل نصيرات محتجزا في معسكر عوفر رغم شهادة الطبيب الاسرائيلي أ.جليلي بتاريخ18/10/2003 الذي قام باجراء فحوصات طبية على الطفل الاسير نصيرات، وجاء في تقريره الطبي ان نصيرات يجب ان ينقل الى” مركز للاحداث لان استمرار احتجازه في عوفر يهدد حياته” الا ان قوات الاحتلال استمرت في احتجازه.
راكان ليس الطفل الوحيد الذي عانى من ظروف الاعتقالو التاقلم مع الحياة من جديد فما زال هناك 336 طفلا اسيرا دون سن الثامنة عشر يتعرضون لظروف التعذيب باشكاله النفسية والجسدية مثل الحرمان من النوم والشبح والتهديد بالقتل الى غيره من ضروب التعذيب المخالفة لكافة الاعراف الدولية والانسانية، والمخالفة لما جاء في اتفاقية حقوق الطفل المادة 37 والتي تنص على:
“الا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية او تعسفية، ويجب ان يجري اعتقال الطفل أو احتجازه او سجنه وفقا للقانون، ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير، ولأقصر فترة زمنية مناسبة، وأنه يكون لجميع الأطفال المحرومين من حريتهم الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدة المناسبة فضلا عن الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية امام محكمة او سلطة مختصة مستقلة ومحايدة اخرى وفي ان يجري البت بسرعة في أي اجراء من هذا القبيل”.
ويبقى صوت الطفل الفلسطيني راكان هو صوت الأطفال الفلسطينيين الأسرى (نحو 480 طفلاً مزعين على سجون ومعتقلات الاحتلال) والذين يحلمون بغدٍ مشرق يجمعهم بذويهم وأحبتهم.