26/9/2009
أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها السنوي حول مؤشر ” مدركات الفساد ” في العالم , للعام 2009 و قد اظهر التقرير تراجع سورية 9 درجات على سلم الشفافية الدولية حيث كانت تحتل المرتبة 138 عالميا بينما أصبحت وفق التقرير الأخير تحتل المرتبة 147 عالميا و بما أن حرية الصحافة في أي بلد تعتبر إحدى المعايير الأساسية التي تعتمدها منظمة الشفافية العالمية في تقيمها لمدى انتشار الفساد في أي دولة, بحيث يتناسب وجود الفساد عكسا مع حرية الصحافة فكلما انعدمت حرية الصحافة في أي بلد كلما ازداد الفساد , إذ انه من المستحيل تحقيق الحد الأقصى من الاستقرار السياسي والنمّو الاقتصادي والديمقراطية بدون تدفق المعلومات بحرية, فالمعلومة تُشكّل القوة في عالم اليوم . وإذا ما كان لدولة ما أن تتمتع بالتفوق السياسي والاقتصادي الذي يبنى على سيادة القانون و الشفافية و الحكم الرشيد ، فمن الضروري أن تتمتع الصحافة فيها بالحرية و الاستقلال من خلال بيئة قانونية عصرية تعتمد قوانين تحمي حرية الصحافة و لا تكبلها بالإضافة إلى اعتماد مبدأ الحق في الحصول على المعلومات و مبدأ الكشف الأقصى بحيث تبقي مؤسساتها الحكومية مفتوحة أمام مراقبة الصحافة الدقيقة لها مما يمكّن الصحافة من أن تكون بحق سلطة رابعة تمارس دورها الأساسي في إخضاع المسؤولين الحكوميين لمساءلة ومحاسبة الشعب, وكشف أوجه الفساد في كافة جوانب الحياة الاقتصادية .
إننا في المركز السوري للإعلام و حرية التعبير نرى أن التراجع الحاد الذي سجلته سورية خلال العام الحالي في مؤشر مدركات الفساد و احتلال سورية المرتبة 147 عالميا من أصل 179 دولة شملها تقرير منظمة الشفافية العالمية يشكل مؤشرا إضافيا خطيرا على تغلغل الفساد في كافة نواحي الحياة في سورية حتى أصبح الفساد منظومة اقتصادية و اجتماعية و سياسية تنهش موارد الدولة و تزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن السوري . مما يدعونا إلى التساؤل عن مدى جدية الحكومة السورية في مكافحة الفساد وفي انجاز الإصلاح الاقتصادي و الإداري الموعود خصوصا في ضوء سعي الحكومة السورية لانجاز اتفاقية الشراكة الآورومتوسطية , لطالما لم تتخذ أي إجراء يذكر في سبيل تحرير الإعلام من سيطرة الدولة من خلال تعديل قانون المطبوعات و إقرار مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومات و إلغاء احتكار الحكومة لقطاعي الإعلان و التوزيع و لطالما يتم استباحة الحريات الصحفية من قبل الحكومة السورية دون إقامة أي اعتبار للدستور و للقانون السوري عبر أوامر شفهية في ظاهرة فريدة تنفرد فيها سورية حيث عمليا يقوم الفساد بمحاسبة الصحافة و ليس العكس .
المركز السوري للإعلام و حرية التعبير