31/12/2008
منذ الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة, وخلال التظاهرات العفوية التي اجتاحت جميع المدن الفلسطينية رفع المتظاهرون شعار ” وحدة وطنية” ، وكان هذا الشعار هو الغالب على جميع الاحتجاجات . ففي خضم الكوارث المتلاحقة على الشعب الفلسطيني من قتلى وجرحى وتفجير وهدم للمنازل سواء في القطاع أو الضفة الغربية ، بدئ هذا الشعار وكأنه اعترافا من الجميع أن سبب ما يحدث هو حالة الانقسام والتشرذم ما بين القوى السياسية الفلسطينية والتي أدت إلى استباحة الدم الفلسطيني . فبدلا من تقوية جبهة موحدة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني من اجتياحات شبه يومية للقرى الفلسطينية واعتقالات وقتل واستيلاء ومصادرة الأراضي الفلسطينية، انقسمت حكومة الوحدة الوطنية لتصبح حكومة في رام الله والأخرى بغزة تكيل الاتهامات للأخرى ورفع الأشقاء السلاح الفلسطيني فى وجه كلاهما الأخرى وحصرت غزة ومنعت الإمدادات الإنسانية عن سكانها على مرأى ومسمع الجميع.
هذا الانقسام القى بظلاله على الساحة العربية ، فانقسمت القوى السياسية ما بين مؤيد لرام الله أو غزة ، وتراجعت القضية الفلسطينية على طاولة المؤتمرات العربية ، فبدلا من مناقشة آلية جماعية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية أو الوصول إلى تسوية للصراع العربي الأسرائيلى ومساندة الشعب الفلسطيني ، طغت الخلافات ما بين فتح وحماس ومحاولات الوساطة وتقريب وجهات النظر على أى أولوية أخرى ، وعلى مدار أكثر من عامين لم يتغير شئ ، ولم تستطيع أى من فتح أو حماس إلى الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية أو التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني. لم تستطيع الدول العربية على الصعيد الحكومى أو الشعبي الوصول إلى إنجاز ملموس على الأرض غير سيل من الاتهامات بالعمالة أو التواطؤ أو تنفيذ أجندة دول لها مصالح فى تصاعد العنف بالمنطقة.
فى هذه الأجواء ، لن يختلف رد الفعل العربى على مجازر غزة فى ديسمبر 2008 ، أو ما سيحدث فى المستقبل عند تكرار مثل هذه الاعتداءات الإسرائيلية بعد عدة شهور أو سنوات . وإذا ما لم تتفق الفصائل الفلسطينية على آلية سواء كانت الاستمرار فى العملية السلمية أو الكفاح مسلح (والذى هو حقا مشروعا لكل الشعوب التى ترزخ تحت الأحتلال اقرته المواثيق والمعاهدات الدولية بشروط وضوابط) ، وسيظل هذا الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة قائما ،
من اعتداءات إسرائيلية متتالية وضياع للبقية الباقية من الأرض، كما ستتوالى الاتهامات ما بين رام الله وغزة . اما على الساحة العربية سيظل تبادل الاتهامات على صعيد الحكومات العربية وقمم عربية طارئة تنتهى بالشجب والإدانة ، وتبرز العجز عن اتخاذ موقف واحد يحمى شعب فلسطين الذى يواجه خطة استيطانية منظمة تهدف لتهجيره أو إبادته. وعقب كل كارثة تخرج مظاهرات عربية غاضبة لا تخرج عن إدانة واتهام الحكومات العربية بالتخاذل، وفى النهاية تخمد بعد أيام أو شهور، لتصبح صور الاعتداءات الأسرائيلية على الشعب الفلسطينى فى شاشات القنوات التليفزيونية مشاهد مؤلوفة للرجل الشارع العربى.
وفى هذه الظروف المأساوية ، انطلاقا من ادارك المجموعة النسائية لحقوق الأنسان بأهمية توحيد الصف الفلسطينى والعربى سواء على المستوى الحكومى والشعبى فى مواجهة المخططات الأسرائيلية، تطالب المجموعة النسائية جميع القوى السياسية العربية بالعمل على توحيد الصف الفلسطيني وتقريب وجهات النظر ما بين حماس وفتح ومختلف القوى الفلسطينية، كما تتوجه المجموعة النسائية لجميع الحكومات العربية بمناشدة لدعم الشعب الفلسطينى ككل والتوقف عن مساندة ودعم فصيل على حساب الفصائل الفلسطينية الأخرى ، نود الإشارة إلى أن تبادل الاتهامات بالتخاذل أو العمالة، لن يؤدى إلى مساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الأسرائيلى المتكرر بل على العكس يؤدى ذلك إلى أضعاف الجهود المبذولة لوقف الاعتداءات . من جانبنا نشير أن الموقف الموحد للقوى العربية سواء كان على مستوى الحكومات أو الشعوب العربية هو السبيل الوحيد لمساندة الشعب الفلسطيني فى محنته، وكذلك للضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للالتزام بدورها لحماية شعب يعانى من أقسى أنواع التنكيل والعقاب الجماعي.