9/7/2009

أوصى مؤتمر المساءلة وتعزيز الحكم الرشيد في اليمن في اختتام أعماله اليوم بصنعاء وفي بيان صادر عنه بإلغاء قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي الوظائف العليا وكافة النصوص والمواد في الدستور والقوانين النافذة التي تتضمن إجراءات تمييزية لمسائلة شاغلي الوظائف العليا في الدولة والتحقيق معهم وإحالتهم للاتهام بصورة مخلة لمبدأ تساوي المواطنين أمام القانون مثلما هم متساوون في الحقوق والواجبات. وإلغاء كافة النصوص والمواد الدستورية والقانونية النافذة التي تعفي أيا من موظفي الدولة من المساءلة الجزائية والمدنية عن نتائج أعماله أو تعطيه حصانة من أن تطاله يد القانون كشأن بقية المواطنين أو موظفي العموم، أكانت حصانة برلمانية أو قضائية أو أي حصانة كانت فلا حصانة لمرتكبي حالات الفساد ومسيئي استخدام السلطة.

وأوصى المؤتمر بضرورة التأكيد في الدستور والقوانين ذات العلاقة على أن كافة جرائم الفساد والكسب غير المشروع وكافة جرائم إساءة استغلال السلطة لا تسقط بالتقادم ومعها كافة الدعاوى المدنية لملاحقة مرتكبيها واسترداد الأموال المتحصلة عنها. وعمل تعديلات للتشريعات اللازمة تكفل للمواطنين الوسائل والسبل اللازمة للقيام بواجبهم في حماية المال العام، من تقديم شكاوى للجهات المختصة ورفع الدعاوى المدنية أمام المحاكم لاسترداد الأموال المتحصلة بسبب جرائم الفساد والثراء غير المشروع. وضرورة إلغاء النصوص الدستورية والقانونية التي تجيز منح عقارات الدولة وأموالها المنقولة وممتلكاتها العامة مجانا أو التنازل عنها مع استحداث نص دستوري ينص على أنه “لا يجوز للمجلس التشريعي سن قوانين تسمح بالتنازل عن عقارات الدولة وممتلكاتها أو منحها من قبل أي جهة كانت وتحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب كان”.

كما أوصى بإلغاء عبارات “بحسب القانون” أو “بحسب اللائحة” وما إليها من العبارات الواردة في كافة المواد الدستورية والقانونية حتى لا تكون مدخلا للتحايل على الحقوق التي كلفها الدستور والقانون. وعمل تعديلات تشريعية تكفل حق المواطنين في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الدولة وتلزم الدولة بتوفير المعلومة وضمان التدفق الحر لها. وضرورة استحداث نصوص دستورية تحظر على المجلس التشريعي سن قوانين تحول دول حق المواطنين في الحصول على المعلومة وتداولها أو قوانين تحد من حرية الصحافة أو تعاقب على الرأي والنشر أو تحرم المواطنين من حقهم في امتلاك وسائل الإعلام ووسائط نقل المعرفة مع إلغاء كافة المواد الدستورية والقانونية ذات العلاقة التي تحول دون اطلاع المواطنين على كافة التقارير المالية والإدارية وكل المعلومات الخاصة بالتحقيق في جرائم الفساد وجرائم غسل الأموال وكذا إقرارات الذمة المالية.

وأوصى المؤتمر بضرورة استحداث وإضافة مواد قانونية في قانون العقوبات تجرم وتحدد العقوبة الملائمة بحق كل موظف عام أو مسئول عمومي من اللذين يمنحون بدون أذن قانوني لأي سبب كان إعفاء أو تجاوزا عن واجب ضريبي أو رسم عام أو يسلمون مجانا محصولات مؤسسات الدولة والمستفيد يعاقب نفسه بنفس العقوبات. ونصوص عقابية رادعة كافة حالات انتزاع الأموال المملوكة للدولة خلسة وكذا حالات الانتزاع عنوة وأن تحدد عقوبات رادعة لكل حالة وعلى كافة حالات تسهيل استيلاء الغير على المال العام وأن تحدد عقوبات رادعة لكل حالة. بالإضافة إلى نصوص عقابية رادعة على كافة حالات الإخلال بنظام توزيع السلع والخدمات وتعاقب كل موظف عام أخل بالقواعد المنظمة للمفاضلة على أساس الكفاءة لشغل الوظيفة العامة. ومثلها نصوص عقابية رادعة على كافة حالات الحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار و الأقارب أو على أساس الولاء السياسي في الجهاز الوظيفي بصورة مخلة لقواعد التوزيع والفرص المتساوية بين المواطنين وعلى كل حالات الحصول على الوظيفة العام بالمحسوبية والوساطة وتعاقب على كل حالات توزيع المال العام على فئات معينة أو مناطق جغرافية على أساس عشائرية أو مناطقية أو لتحقيق كسب سياسي.

كما أوصى مؤتمر المساءلة وتعزيز الحكم الرشيد في اليمن بضرورة وضع نصوص عقابية رادعة على مجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد المالية التي تنظم سير العمل المالي في الدولة ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة والمحاسبة وأن تحدد عقوبات رادعة لكل حالة من حالات الإنحراف. ووضع نصوص عقابية رادعة تجرم حالات التساهل والتهاون مع مسيئي استخدام السلطة وتعاقب على عدم اتخاذ الإجراءات العقابية والوقائية بحق الفاسدين من قبل الأجهزة المختصة عند العلم بحالات الفساد وتلقي الشكاوي حيالها.

كما طالب بوضع نصوص عقابية رادعة بحق كل موظف امتنع أو ساعد على حرمان المواطنين بالوصول إلى المعلومة أو حرمانهم من امتلاك وسائل ووسائط امتلاكها. ونصوص عقابية على كل حالات استخدام المنصب العام من أجل الحصول على امتيازات خاصة كاحتكار الوكالات وإحالة العطاءات على الشركات الأقرباء دون إتباع الإجراءات القانونية.

وطالب المؤتمر باستحداث نصوص عقابية رادعة على كل حالات استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مصالح سياسية لتمويل الحملات الإنتخابية وتزوير الانتخابات وشراء ولاءات الأفراد والجماعات. واستحداث نصوص واضحة تقطع بحق المواطنين ومؤسساتهم الأهلية وأجهزة الرقابة ومكافحة الفساد بتحريك ورفع الدعاوى المدنية أمام المحاكم المختصة لاسترداد الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد وجرائم إساءة استخدام السلطة والكسب غير المشروع.

وكان المحامي جمال محمد الجعبي قال في ورقته المقدمة للمؤتمر “قانون الخدمة المدنية ومعايير الحكم الرشيد” أن الحكم الرشيد أو الحكم الصالح كمصطلح مرتبط بالمسائلة والمحاسبة، وتنبع أهمية ذلك من كون المسائلة والمحاسبة متعلقة بمواجهة الفساد بإعتباره الحالة الأكثر ملازمة وارتباطه بالوظيفة العامة، وبأداء الموظف العام، كما أن ” الشفافية والمساءلة مقوم أساسي من مقومات الحكم الصالح الذي يشكل شرطا مسبقا من شروط تحقيق التنمية البشرية ” وقد أولى البرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ذلك عناية خاصة وجعله الهدف النهائي لجميع برامجه وأنشطته. معتبرا البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الشفافية والمساءلة ” مفهومان مترابطان يعزز كل منهما الآخر. وفي غياب الشفافية لا يمكن وجود المساءلة، وما لم يكن هناك مساءلة فلن يكون للشفافية أية قيمة. ويسهم وجود هاتين الحالتين معا في قيام إدارة فعالة وكفؤة ومنصفة على صعيد المؤسسات العامة والخاصة” . ولذلك فإن البرنامج يُعرف المساءلة بأنها ” الطلب من المسئولين تقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم، والأخذ بالانتقادات التي توجه لهم وتلبية المتطلبات المطلوبة منهم وقبول (بعض) المسؤولية عن الفشل وعدم الكفاءة أو عن الخداع والغش”.

وأشار الجعبي إلي أن قانون الخدمة المدنية يلب دور مهم في قضية المساءلة ولكنه يرتبط بطبيعته بمجموعة من التشريعات الأخرى التي تعالج قضايا متعلقة بهذا القانون مثل قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية وقانون الصحافة وقوانين أخرى أكثر تفصيلاً في علاقات الوظيفة العامة وأداء الموظف العام مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وقانون مكافحة الفساد والقانون المالي وغيرها. واستعراض في ورقته موجز للمسائلة والشفافية في قانون الخدمة المدنية وبعض التشريعات اليمنية. مطالبا بمراجعة منظومة التشريعات للتوافق مع تعريفات وأحكام اتفاقية مكافحة الفساد الصادرة عن الأمم المتحدة وفي مقدمة المراجعات ينبغي أن يعاد النظر في قانون الخدمة المدنية بما يستوعب التطور الإداري.وإلغاء وزارة الخدمة المدنية وإنشاء هيئة وطنية تحقق مبدأ مشاركة المجتمع المدني وتفعيل المسائلة والشفافية في أعمال الوظيفة العامة وبما يلغي تسييس الوظيفة العامة. وكذلك تنفيذ برنامج الإصلاح القضائي بشكل عام وتكثيف الاهتمام بنيابيات ومحاكم الأموال العامة.وإلغاء المواد العقابية في قانون الصحافة والمطبوعات المتعلقة بالنشر في قضايا يكون الطرف الآخر فيها موظفين عموميين أو جهات ومصالح حكومية.وإصدار قانون حرية تداول المعلومات.

وفي حديثه للمؤتمر قال عضو مجلس النواب عبدا لرزاق الهجري أن سلطات الدولة تعاني من اختلالات كبيرة وان البلاد تدار جميعها من داخل غرفة واحدة للسلطة التنفيذية. وأضاف إذا كانت الأمور مرهونة بالسلطة التنفيذية فعلي الدنيا السلام. وقال بأن واقع القضاء في البلاد لا يخفي علي احد وان السلطة التنفيذية تسيطر علي القضاء وان القاضي لاٍ يستطيع ضد أي موظف من كبار الدولة.

وأشار الهجري إلى أن القضاء ليس مستقلا وليس نزيها ملفتا ألي أن القاضي المرهون مستقبلة بالسلطة التنفيذية لا ينتظر منة أن يكون نزيها.وأضاف أن قانون القضاء الساري يتناقض مع الدستور بعد(بعد تعديله) ويلغي مبدءا الاستقلال ويرسخ سيطرة السلطة التنفيذية علي القضاء وأنة يعطي حق تعيين وعزل رئيس مجلس القضاء والمحكمة العلياء للسلطة التنفيذية وان صلاحيات وزير العدل كبيرة ويجعل تبعية للتفتيش القضائي لوزير العدل.

وفي حديثة عن أهمية استقلال السلطة القضائية أوضح الهجري أن ذلك يعمل علي تحقيق الاستقرار السياسي والأمني ويعمل علي حماية الحقوق والحريات ويساهم فيجذب الاستثمار وفي مكافحة الفساد وان القضاء المستقل احد أهم ركائز الحكم الرشيد وان اليمن “فشلت في ذلك بامتياز كبير” ونوه آلي أن وزير العدل بيده جميع صلاحيات وهو الذي يتصرف بشؤون القاضي وان هيئت التفتيش القضائي هي مجرد تابع لوزير العدل وان السلطة التنفيذية هي التي تعين القضاة وهي التي لها الحق في عزلهم وان القاضي قد يحكم أحيانا وفق توجيهات أو توجهات سياسية وقد يحصل علي مكافئات عليا في ذلك. واعتبر الهجري ان قضية البر طي كشفت الإختلالات التي تعانيها سلطات الدولة.

ومن جانبه المحامي والكاتب الأستاذ ياسين علي في ورقته”القانون المالي وقانوني الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد ومسائلة موظفي الدولة ومسئوليها قال فيها بأن الدستور والقوانين وعملية سن القوانين والدساتير ومكنته ودوره في الواقع والوعي به وبوظيفته. يعاني من أزمة حادة وخلل مريع وقصور فاضح بلغ حدا يستحيل معه التسليم بوجود حقيقي وفعلي للشرعية الدستورية والقانونية ولسيادة القانون والممتلكات والثروات العامة أو عن مكافحة الفساد أو عن حكم رشيد أو عن الديمقراطية أو حقوق وحريات الإنسان وهو الأمر الذي يقتضي إجراء عملية إصلاح دستوري وقانوني شامل وجذري ووفق أسس علمية. وقال بان الدستور الذي هو أساس الدولة وسيد القوانين مثقل بعيوب وأخطاء وقصور منها وأخطرها على الإطلاق ما يتعلق بنظام الحكم وتركز السلطة وعدم اقتران السلطة بالمسؤولية.

أما الأمين العام المساعد السابق بجامعة الدول العربية د. علي عبدا لله فقد قال في ورقته” أوجه القصور في القوانين المالية تجاه مسائلة مسئولي الدولة وموظفيها” أن المشكلة في ضعف النص القانوني من حيث جموده وعدم مواكبته للتطورات أو عن قصور في مواده عن استيعاب المفردات الجديدة للمعاملات التي تصدر بشأنها القوانين.

وقال أن المشكلة تكمن في الإدارة السياسية التي تقيد القوانين وتسكت على حجم المخالفات الكبرى وأوجه الفساد المختلفة التي تعود لهذا القطاع أو ذاك بداءً من التهرب الضريبي أو من التهريب المتعدد الألوان والأشكال أو من المبالغات في تقدير القيم الجزافية أو الإقلال منها في تداولات المقاولات ومنح المشروعات وغير ذلك من القضايا التي تدخل في مجالات التنمية الاقتصادية وتتضح معالم فسادها في سبيل المشروعات المجمدة والمتغيرة والفاشلة ولا يطال مسئوليها ما يستحقون من مسائلة وعقاب.

وأضاف قائلا أن الأمر يعود بجملة أسباب تاريخه وثقافته وضعف حقيقي لمكانة ودور أجهزة المحاسبة والرقابة أو قد يعود لعدم الاكتراث لما تثير من ملاحظات حول نشاطات هذا القطاع أو ذاك وعدم الاكتراث هذا لا شك يؤثر سلبياً على القناعات بأن مال أية مخالفات ليس المحاسبة والمسائلة الصارمة ولكنها تلاحظ في أحيان كثيرة مكافأة أولئك الذي أشارت لهم التقارير باللفظ وسوء الإدارة وإهدار الأموال العامة وهو ما يدفع بنا في محطة كالمحطة التي نقف عندها اليوم لنؤكد على تحقيق مبادئ المسائلة والمحاسبة والمتابعة والتي تجعل من منح المجتمع بجهة ما لسلطات معينة فهي أولاً سلطات غير مطلقة ولكنها محكومة في إطار القوانين وسلامة تنفيذها كما يعني ذلك المنح لسلطات معينة بجهة ما إنها ليست هبة أو ملكية خاصة للهو والعبث ولكنها آلية مجتمعية ينشئها المجتمع بغية تحقيق مصالح مختلف فئات المجتمع بعيداً عن الإبتزاز وبقراءات ومقدرات تنفيذية للقوانين لا تنحاز عند التطبيق ولا تعرق ولكنها تسعى لتحقيق العدالة وأية مخالفات تحيل مرتكبيها للمسائلة والعقاب.

يذكر أن مؤتمر المسائلة وتعزيز الحكم الرشيد في اليمن اقامته منظمة صحفيات بلاقيود بالتعاون مع مبادرة الشراكة الشرق اوسطية MEPI

ولمدة ثلاث ايام تحت شعار ( نحو مساءلة فاعلة تكافح الفساد وتكفل سيادة القانون ).

صحفيات بلا قيود