18/3/2009

ما يزال الاعلاميون والصحفيون في العراق ينتظرون تغييراً حقيقياً في الواقع الذي يعيشونه بعد وعود من الحكومة بتحسين احوالهم المعيشية ودعمهم معنوياً للتخفيف من معاناتهم في تحصيل المعلومات وتنفيذ اعمالهم بنحو انسيابي ومن دون ان يتعرضوا الى انتهاكات من المسؤلين وحماياتهم اوالقوى الامنية .

وفي بلد لا تصان فيه حرية الصحافة وحرية التعبير تحتاج المؤوسسات الاعلامية الى قانون فعال لحماية الصحفيين الذين اصبحوا عرضة للاستهداف من قبل الجميع على حد سواء وهذا ما لا يتوفر في العراق الان ازاء قانون العقوبات المعمول به حالياً و يتضمن مواد قانونية خطيرة تترك المجال مفتوحاً امام اي كان ليحد من حركة الصحفي وحريته. ومن هنا حدثت في البلاد احداث صاخبة وساخنة تناواتها كل وسائل الاعلام الغربية والعربية و العراقية العاملة في خارج البلاد بالرصد والتقييم والتحليل في وقت تناولت خلاله وسائل الاعلام العراقية العاملة في الداخل هذه الاحداث بنحو خبري مجرد لا اكثر، بل ان بعض وسائل الاعلام العاملة في الداخل اغفل تناول بعض هذه الاحداث، لاسباب سياسية وطائفية وقومية وعرقية. وكل هذا لان الاعلاميين والصحفيين يخشون القتل او المطاردة و انتهاك حرماتهم قبل حرياتهم او رفع دعاوى في المحاكم ضدهم وتوقيفهم او احتجازهم، وهذا ما انعكس سلباً على الاعلاميين العراقيين وايجاباً على وسائل الاعلام الاجنبية والعربية التي لها مراسلون في العراق خاصة اذا ثبتنا ان العراق ومنذ اكثر من خمس سنوات المصدر الاول للاخبار عالمياً.

الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين تابعت خلال عام 2008 الواقع الصحفي والاعلامي ورصدته ميدانياً ومن خلال تقارير اعدها اعلاميون لصالح بعض منظمات المجتمع المدني ومنها برنامج دعم الاعلام العراقي وقيمت ان واقع الاعلام ما يزال متردياً على الرغم من ان تقريراً عربياً اورد ان العراق، البلد الذي يضم العدد الاكبر من الفضائيات العربية ووجدت ان الصحفيين ما يزالون منقسمين على انفسهم جراء الانتهاكات والاعتداءات التي تعرض اليها الصحفيون وجراء تدخل كل النافذين والاقوياء في شؤونهم من دون استثناء. وبما يعني ان الانتهاكات والاعتداءات التي تعرض لها الصحفيون خلال السنة2008 تؤشر امتداد مسلسل العنف والتعامل الفوقي مع الاعلاميين والصحفيين الذي شهدته السنوات الماضية خاصة وان هذه السنة شهدت استقراراً اكثر من نسبي في الامن.

انتهاكات خطيرة
1- 1- الاغتيالات : شهد عام 2008 اغتيال ثمانية عشر صحفياً وموت صحفيين في حادثين وكانت بغداد في المرتبة الاولى حيث قتل فيها سبعة من الصحفيين وتلتها الموصل في عدد القتلى حيث قتل خمسة صحفيين واما في كردستان فقد قتل صحفيان وصحفي واحد في البصرة وصحفي اخر في صلاح الدين وثالث في ديالى ورابع في كركوك. ليكون الرقم النهائي 18 صحفيا اغتيلوا وسجلت كل حوادث الاغتيال ضد مجهولين لم تطالهم ايدي الشرطة ولذا بقيت قضايا الاغتيالات معلقة اذ لم تجر اية متابعة للتحقيقات بشأنها اسوة بقضايا الاغتيالات التي حدثت في السنة الماضية او التي قبلها وسمح لقتلة الصحفيين بالافلات من العقاب الامر الذي ادى انعكس سلباً على واقع الصحفيين .ونؤشر هنا ان اعداد القتلى من الصحفيين كانت اقل من اعداد الذين اغتيلوا في سنة 2007 وبلغت 43 في حينها ولكن عند المقارنة بين ما كان عليه الوضع الامني في تلك السنة والاستقرار الذي شهده عام 2008 يؤشر بدوره ان اغتيال ثمانية عشر صحفياً ليس بالرقم السهل وانه يستوجب من الحكومة تشكيل لجان كبيرة تتولى اجراءات قانونية وتحقيقات جنائية لكشف اسباب اغتيالات الصحفيين ومن يقف وراءها بدل ان تهمل كل قضايا الاغتيالات بمجرد تسجيلها ضد مجهولين. ونؤشر هنا ايضاً ان اربعة صحفيين نجوا من محاولات اغتيال سجلت حوادثها ضد مجهولين .

2- 2- الاعتقالات : في نهاية 2008 احصت الجمعية ان عدد الذين اعتقلوا من الصحفيين بلغ اثنا عشر صحفياً اطلق سراح بعضهم وما يزال البعض الاخر قيد الاعتقال ومن دون تسويغ او اعلان عن اسباب الاعتقال او تسريح بعض وابقاء بعض اخر في المعتقلات.

3- 3- تعرض الصحفيون والاعلاميون عام 2008 الى مضايقات كثيرة وقد احصت الجمعية ان 265 صحفياً تعرضوا عند تنفيذ واجباتهم واعمالهم الى الضرب والاحتجاز والاعتداء والمنع من الوصول الى المعلومات او المشاركة في بعض المؤتمرات الصحفية .

وعند حصر حالات الاعتداء وجدان ان الصحفيين تعرضوا لها على امتداد العراق كله اذ لم تخل محافظة واحدة منها وعند ترتيب حالات الاعتداء وجدت الجمعية ان بغداد كانت في المرتبة الاولى من حيث العدد في حالات المنع والمضايقة والاحتجاز وشكل اقليم كردستان المرتبة الثانية وفي المرتبة الثالثة جاءت البصرة والرابعة بابل وكانت الموصل في المرتبة الخامسة وشكلت محافظات صلاح الدين \ الناصرية \ الانبار\ كركوك\ الديوانية \ النجف المرتبة السادسة وهذه الاحصائية البسيطة تكشف بيسر ان الواقع الاعلامي والصحفي ما يزال متردياً

ويحتاج الى تدخل حكومي وقانوني يضمن للصحفيين ممارسة اعمالهم دون ضغوط خاصة وان الانتهاكات على اختلاف انواعها تسببت في تغييب المئات من الحقائق على الجمهور وضياع الحياد وانقسام الصحفيين كما اشرنا ومن مستهل لتقرير اعده برنامج دعم الاعلام العراقي والجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين سنجد صورة واضحة وخطيرة لواقع الاعلام والصحافة في العراق اذ جاء في التقرير ان هناك من سكت عن الحقائق مرغماً وان من بين الصحفيين من يسكت عنها راغباً من اجل تحقيق منافع ضيقة

هذا التنوع الذي فرض نفسه على الصحفيين والاعلاميين في العراق اضافة الى الخوف من السلطة والاحزاب السياسية وادى الى ان يتعرض الصحفيون الى انتهاكات خطيرة مثل الشتم والسب والضرب والاعتقال والاحالة الى القضاء والاغتيال الامر الذي ساعد على ابقاء مؤسسات الدولة ومناقشة شؤونها بعيدة عن الاعلام كما ساعد على ان لايتناول الاعلاميون العراقيون اخطر قضاياهم عبر وسائل الاعلام وهنا الطامة الكبرى فمن جانب يخشى الصحفي او الاعلامي التقرب من مصادر المعلومات من اجل حماية نفسه بعدم تناول الشؤون المهمة في البلاد ومن جانب تحجب مؤوسسات الدولة والمسؤولون فيها عن الاعلام هذه المصادر وبما ادى الى تسطيح الاعلام العراقي بكل وسائله ومفاصله ولو اردنا تناول بعض القضايا التي يخشى الاعلام العراقي تناولها لاكتشفنا انها القضايا المهمة والكبيرة التي كان من الممكن ان تشكل مواد دسمة في الاعلام

اكثر من هذا اسهمت بعض القرارات الحكومية في محاصرة الوسائل الاعلام المستقلة العاملة حاليا ومن هذه القرارات على سبيل المثال لا الحصر نشر اعلان الحكومة الخاص بالمناقصة او المزايدة في جريدة واحدة بعد ان كان ينشر في ثلاث صحف. اضافة الى سوء توزيع الاعلانات واحتكارا على صحف معينة ومحددة مما حرم عدد كبير من الصحف المستقلة من ريع تلك الاعلانات وبالتالى الى تعرض عدد من تلك الصحف المستقلة الى الافلاس واغلاقها مما يعد انتكاسة لحرية الصحافة وحرية التعبير التى اقرها الدستور العراقي ( المادة 38) منه

على العموم يكاد الاعلام في العراق ينهار ما لم تسع الحكومة الى تحويل تصريح رئيس الوزراء الاخير والخاص بدعم الاعلام الى واقع وربما تطور الاعلام ان الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين اذ تعبر عن قلقها المتزايد ازاء استمرار الانتهاكات بحق الصحفيين في عموم مدن العراق اذ لازلنا نلمس عدم جدية السلطة التنفيذية في وقف تلك الانتهكات والى مسألة الجهات المتورطة في حدوث تلك الانتهاكات والتى تكاد تكون نكسة حقيقية لحرية الصحافة وحرية التعبير في العراق اذ ان مجرد عدم فتح تحقيق في حوادث استهداف الصحفيين في العراق انما هى فرصة ذهبية للمتورطين بالافلات من العقاب والسماح بتكرار تلك الانتهاكات مرة اخرى كما تعرب الجمعية عن اسفها الشديد لعدم مناقشة قانون حماية الصحفيين والذى ضاع بين لجان عديدة شكلت لمناقشة هذا القانون وقد اسهم تأخير مناقشة هذا القانون في زيادة حدة الانتهاكات والمضايقات والاعتداءات التى تعرض لها الصحفيين الامر الذى اصبحت التعامل مع الصحفي وفق لاجتهادات هذه الجهة او تلك

ابراهيم السراجي
رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين

الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين منظمة غير حكومية مختصة بتعزيز حرية الصحافة وحرية التعبير وبتقديم المساعدة القانونية للصحفيين والكتاب تأسست عام 2004 مقرها الرئيسى بغداد ولديها خمسة عشر مكتب في المحافظات

الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين
www.ijrda.org
ijrda@ijrda.com
07706246249
07901739832
07705455476
http://www.alfayhaa.tv/news/iraq/10072.html