18/7/2005

ان الحديث عن الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة لا يتوقف، ونكاد نسمع في كل يوم اصوات ونداءات ترتفع من كافة مؤسسات حقوق الانسان المحلية والدولية بفتح تحقيقات حول ما يجري من انتهاكات وجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين الذين يواجهون اعتى آلة حرب عرفها التاريخ المعاصر وما يرافقها من استهتار من قبل جنود لا يلزمهم أي عرف او قانون دولي.

احد ضحايا هذه الانتهاكات الفتاة رائدة الشريف سكان مخيم الدهيشة/بيت لحم والبالغة من العمر 21 سنة والتي تعاني من تشنج وفقدان للحركة والنطق نتيجة اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنزلها قبل ما يقارب السبعة شهور.

بدأت قصة الفتاة ليلة 2/12/2004 حيث تعرض منزل عائلتها لمداهمة وتفتيش من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في ساعة متأخرة من الليل بهدف اعتقال احد الشبان وكان التفتيش مصحوباً بكلاب بوليسية وتفجير لأبواب المنزل والمنازل المجاورة بالاضافة الى معاملة قاسية تعرض لها سكان حارة العجاجرة في مخيم الدهيشة.

علماً ان المنزل اثناء مداهمته لم يكن موجوداً فيه الا ثمانية اطفال اكبرهم رائدة والبالغة من العمر 21 سنة وباقي افراد العائلة تترواح اعمارهم بين 3-17 سنة. اما الوالد فكان يرقد في مستشفى العيون في القدس برفقة زوجته حيث خضع لعملية جراحية في العين. وكان على رائدة ان تتحمل المسؤولية اثناء غياب والديها عن السبعة اطفال الاخرين وان تواجه همجية جنود الاحتلال في تلك الليلة.

حسب افادة والد الفتاة نقلاً عن الجيران وبقية ابناءه، قام جنود الاحتلال بإخراج سكان المنزل والمنازل المجاورة في البرد الشديد من الساعة الثانية حتى الرابعة والنصف صباحاً، قام خلالها جنود الاحتلال بتفتيش المنازل وإطلاق الرصاص والقذائف الصوتية لاخافة السكان وتفجير ابواب المنازل على مرآى من الاطفال ودفع الكلاب باتجاه الاطفال وترك هذه الكلاب تقترب منهم لاخافتهم.

استمرت عملية المداهمة ما يقارب ثلاث ساعات ولم يعثر الجيش على من يسميهم “مطلوبين” ولم يعتقل أي شخص في تلك الليلة، لكن في صباح اليوم التالي افاق اخوة رائدة من النوم وبقيت رائدة ترقد في فراشها على غير عادتها، فذهب احد أخوتها لإيقاظها ودعوتها لتناول الفطور مع بقية افراد العائلة ، ليكتشف ان رائدة فقدت القدرة على النطق وفوجئ ان جزء من شعر رأسها يكسوه البياض ولا تستطيع الرد او الكلام مع احد.

بعد خروج والدها من مسشتفى العيون في القدس، تفاجئ الوالد بما حدث لابنته وقرر نقلها بعد اربعة ايام من الحادث الى مستشفى بيت جالا الحكومي، بعد النزول الحاد في وزنها ولفقدانها الشهية .

تم اعطاء المريضة ابرة كيلوا في المستشفى وطلبوا منه ان لا يعود بها مجدداً الى المستشفى ونصحوه بنقلها الى مستشفى الامراض العصبية والنفسية في بيت لحم وهناك بدأت رحلة عذاب اخرى للفتاة ولذويها.

بعد وصول الفتاة الى مستشفى الامراض العصبية تم اعطائها ادوية متنوعة ومختلفة دون أي تحسن بل على العكس من ذلك ازداد وضعها الصحي سوءاً فالدواء كان يغطها في سبات عميق ووزنها وصل حتى 35 كغم.

وفي تلك الحالة قرر الاطباء في المستشفى معالجتها بالصدمات الكهربائية فرفض الوالد هذا النوع من العلاج وقام بنقل ابنته الى مركز ارشاد نفسي في بيت لحم واعلمته الطبيبة هناك بأن ابنته بحاجة فقط لعلاج نفسي وليس ادوية او صدمات كهربائية.

مركز العلاج النفسي في بيت لحم طلب من والد الفتاة احضار تحويلة طبية من عيادة الوكالة في مخيم الدهيشة من اجل ان تتم معالجة الفتاة على حساب المركز وبثمن رمزي، حيث ان وضع العائلة المادي لا يسمح بعلاجها في أي مكان.

بعد ذلك قام الوالد بنقلها الى عيادة الوكالة وتمت معاينتها من قبل طبيبة العيادة لكنهم رفضوا اعطاءه تحويلة طبية مدعين ان مرشدة نفسية في العيادة باستطاعتها متابعة وضع الفتاة النفسي.

الامر الغريب في كل ما حدث هو رفض عيادة الوكالة في مخيم الدهيشة اعطاء الفتاة تحويلة طبية، بحيث يحق للمريض طلب تحويلة طبية للعلاج في أي مكان يريده وخصوصاً في الحالات النفسية والعصبية وبالتحديد بطلب من مركز ارشاد نفسي على اساس ان المريضة مصابة بصدمة نفسية وبحاجة الى ارشاد نفسي ومعنوي من قبل طاقم متخصص.

وعندما لاحظ والد الفتاة ان العلاج مستحيل في تلك العيادة ولا يريدون اعطائه تحويلة طبية ولا يستطيع تأمين العلاج على حسابه بسبب ظروفه المادية الصعبة قام باعادتها الى البيت بحيث لم يتغير وضعها الصحي والنفسي منذ ذلك الوقت.

ان ما حدث للفتاة رائدة كان نتيجة للخوف الذي تعرضت له عندما اقتحم جيش الاحتلال منزلها، علماً ان الفتاة كانت طبيعية جداً ولا تعاني من أي امراض عصبية او نفسية وهذا يؤكد ان ما حدث لها كان نتيجة عدم احترام حقوق الانسان الفلسطيني والهمجية التي تمارس من قبل جيش الاحتلال وحكومة اسرائيل اثناء مداهمة منازل الفلسطينيين وما يرافق ذلك من انتهاك لحرمات المنازل وعدم التمييز بين السكان والتعامل معهم بعنجهية لا مبرر لها.

ان استخدام الكلاب المتوحشة اثناء عملية اقتحام المنازل والاعتقال سبب الكثير من الامراض النفسية والعصبية لأبناء الاسرى واهاليهم وهذا ما حصل للفتاة رائدة الشريف حيث حسب افادة الاخوة وافراد العائلة قام جنود الاحتلال بترك الكلاب تقترب منها وتقوم بلمسها اكثر من مرة مما اثر على نفسيتها وجعلها تفقد النطق

وهي مصابة بالتشنج وتنطق بعض الكلمات الغير مفهومة. باستطاعتها الوقوف يوم كامل على ارجلها دون ان تشعر بالتعب، واذا قام احد برفع يدها لا تستطيع انزالها الا بمساعدة من شخص آخر. ونضيف ايضاً ان وزنها وصل الى 35 كغم فهي فاقدة للشهية ولا تستطيع الذهاب الى الحمام ولا ممارسة أي نوع من انواع الحركة.

لا نستطيع في هذا الجانب وضع اللوم فقط على الجيش الاسرائيلي، فالاعتداءات الاسرائيلية والانتهاكات بحق المواطن الفلسطيني لا تعد ولا تحصى، ويومياً هناك العديد من الشكاوي التي تقدم من قبل ضحايا هذه الانتهاكات الى مؤسسات حقوق الانسان للمطالبة بفضح هذه الممارسات وعدم السكوت عنها. ولكن يجب ايضاً ان نلوم المؤسسات الفلسطينية التي تقدم العلاج بعد وقوع الحادث والبحث عن الخلل الذي يحدث نتيجة التقصير في اداء هذه المؤسسات.

اننا في نادي الاسير الفلسطيني نطالب اولاً مؤسسات حقوق الانسان العاملة في اسرائيل والاراضي الفلسطينية برفع قضية ضد فرقة الجيش التي اقتحمت المنزل تلك الليلة واحالة جنودها الى المحاكمة واجبار حكومة اسرائيل على توفير علاج ملائم للفتاة رائدة على اعتبار ان ما حدث لها هو انتهاك واضح لحقوق الانسان وحدث نتيجة اعمال وحشية يقوم بها جنود ساديون لا يميزون بين كبير وصغير او فتاة وشاب او طفل وكبير في السن.

ونطالب ثانياً السلطة الفلسطينية بفتح تحقيق مع الذين قدموا العلاج للفتاة سواء كان في مشفى بيت جالا الحكومي او مشفى الامراض النفسية او في عيادة الدهيشة التابعة لوكالة الغوث، ومعرفة ما هو السبب الحقيقي وراء عدم تجاوبهم في تحويلها الى مركز ارشاد نفسي وما هو نوع العلاج الذي قدم لها.

 

نادي الاسير الفلسطيني