20/1/2007

نشرت جريدة المصري اليوم على الصفحة الأولى من عددها الصادر يوم الأربعاء الموافق 17 يناير خبرا ورد في نهايته أن اللواء أحمد ضياء الدين، مساعد الوزير الداخلية اتهم الصحف المستقلة بتبني “منهج التهييج” في نشر قضايا التعذيب.. وقال” لا أشكك في جريدة بعينها، هذه حملة شعواء تهدف الوصل إلى أمور محددة ونسبة التعذيب في الشهور الماضية لم تتجاوز 5 في الألف”!!!!!

ونحن لا يسعنا إلا أن نرحب ببعض مما جاء في تعليق السيد مساعد وزير الداخلية، حيث أن هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها مسئول حكومي بما دأبت منظمات حقوق الإنسان على التأكيد عليه على مدى الشهور والسنوات، وهو أن التعذيب منتشر بالدرجة التي تسمح بتحديد نسبة له، وهو اعتراف ينفي ما سبق وان دأبت الداخلية على تأكيده بأن التعذيب لا يتجاوز أن يكون ممارسات فردية لا ترتقي إلى مستوى الظاهرة.. لكن وما دام مساعد وزير الداخلية نفسه يحدد لها نسبة ما، حتى ولو كانت 5 في الألف، فقد أصبحنا نتحدث عن ظاهرة وليس ممارسات فردية.

هذا ما نرحب به وهو بالتأكيد خطوة إلى الأمام، حتى وإن لم تكن مقصودة.

لكن يبقى في تصريحات مساعد وزير الداخلية أكثر من نقطة تستدعي التوضيح من جهته:

أولا: لماذا يعتبر السيد مساعد وزير الداخلية النشر في جرائم التعذيب عملا “تهييجيا” ومن هو الطرف المستهدف من التهييج في رأيه؟ هل هو الرأي العام الذي لا يجوز، في رأي الداخلية، أن يعرف ما يدور في أقسام الشرطة ومقار امن الدولة؟ أم هم ضحايا التعذيب أنفسهم الذين لا يستحقوا أن يشاركهم المجتمع ما تعرضوا له من آلام وامتهان على يد الشرطة التي كان يفترض أنها في خدمة الشعب قبل أن تغير الداخلية من رسالتها فتجعلها في خدمة قانون الطوارئ؟ أم أن السيد مساعد وزير الداخلية يخشى تهييج الرأي العام العالمي الذي يعرف عن التعذيب في مصر أكثر مما يعرف المصريون إلى الدرجة التي جعلت مصر أحد الدول التي يصدر إليها الضحايا من قبل الإدارة الأمريكية لتقوم بالتعذيب نيابة عنها؟ هل يتمنى السيد مساعد وزير الداخلية أن تصمت الصحافة ليتمكن ضباطه من التعذيب في هدوء؟

ثانيا: يقول السيد مساعد وزير الداخلية أن النشر عن التعذيب هو بمثابة حملة شعواء تهدف الوصول إلى أمور محددة. وكنا نتمنى أن يوضح السيد مساعد وزير الداخلية ما هي تلك الأمور المحددة التي تسعى إليها تلك الحملة، التي نختلف عن وصفها بالشعواء، ونصفها نحن بالشجاعة. والى أن يفصح سيادته عن “الأمور المحددة” التي يتصورها، قد يساعده أن نفصح نحن عن أهدافنا من النشر عن جرائم التعذيب: بوضوح وبدون مواربة نحن نستهدف الإعلان عما يحدث في هذا المجتمع من جرائم ترتكبها الشرطة ليس فقط ضد المعارضين السياسيين وإنما أيضا ضد من يشاء حظه السيئ أن يتقاطع طريقه مع الشرطة في تحريات أو اشتباه أو مجاملة لطرف ثالث أو مجرد احتكاك ناجم عن رفض مواطن مصري عادي لان يسب أو يشتم من قبل مواطن آخر لمجرد أن هذا الآخر يعمل في وزارة الداخلية، وسواء كان مرتديا زيه الرسمي أو لا. نحن نستهدف بوضوح وبدون مواربة أن نكشف هؤلاء الجلادين للرأي العام وجهات التحقيق والهيئات القضائية لأننا نهدف، وبوضوح إلى أن يحاسب المجرمين على جرائمهم وأن نسقط عن جلادي التعذيب الحصانة التي يتمتعون بها وأن نعيد إلى ضحية التعذيب بعضا من كرامته المهدرة. وسوف نستمر في ذلك.

ثالثا وأخيرا، نتمنى أن يستكمل السيد مساعد وزير الداخلية جملته الأخيرة، حيث يقول أن نسبة التعذيب لا تتعدى خمسة في الألف!! ونحن نسأل سيادته: في الألف ماذا؟ هل هو الألف مواطن؟ هل يقصد سيادته أن 5 في الألف من الشعب المصري يتعرضون للتعذيب؟ أم أن خمسة في الألف من رجال الشرطة يمارسون التعذيب؟ أم أن خمسة في الألف ممن يردون على أقسام الشرطة ومقار امن الدولة يتعرضون للتعذيب؟

نحن في انتظار إجابة السيد مساعد وزير الداخلية والى أن يصلنا الرد، فقد يكون من المناسب أن تكشف الوزارة عن هذه الخمسة في الألف: فتكشف لنا عن أسماء الضحايا كي نتمكن من علاجهم، وتعتذر لهم عما ارتكبه رجالها في حقهم من جرائم، ثم تقدم هؤلاء الرجال إلى المحاكمة ليحصلوا على ما يستحقوا من عقاب.

ونحن في الانتظار.