27/12/2004

اطلعت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان على التعميم الصادر عن إدارة الموارد البشرية في شركة خدمات مطار البحرين ” باس” بتاريخ 1 ديسمبر 2004 تحت عنوان ” الأنظمة المتعلقة بمنع توظيف الأقارب ” وعلى ردها على بيان الجمعيات النسائية , وقامت بدراسة أحكام التعميم وبنوده لمعرفة مدى توافقها أو تعارضها مع أحكام الدستور والميثاق والتشريعات الوطنية المطبقة في مجال العمل, وكذلك المواثيق الدولية ذات العلاقة سواء المعنية بحقوق الإنسان أو تلك المتعلقة بالحقوق الأساسية في العمل.

وعلى ضوء ذلك ترى الجمعية بان أحكام هذا التعميم وعلى الأخص البند الرابع منه تشكل سابقة خطيرة في خرق مفاهيم الحقوق الأساسية في العمل ومفهوم تكافؤ الفرص لجميع العاملين أو من يسعون لكسب فرص العمل والرزق, قد يكون لها تداعيات على مستوى الحقوق المكتسبة للأفراد العاملين في القطاع الأهلي لاسيما المرأة العاملة التي لا زالت عرضة لأشكال مختلفة من التمييز وعدم التكافؤ في فرص الاستخدام والمعاملة في العمل رغم التقدم الملحوظ الذي شهدته أوضاع المرأة العاملة في القطاعين العام والخاص في السنوات الأخيرة. وكذلك المتابعة الدؤوبة من مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في مجال المرأة والمدافعة عن حقوقها والمناصرة لقضاياها, والتي تبذل قصارى جهدها لتحقيق المساواة بين الجنسين في كافة أمور العمل ومواقعه.

ويقضي البند الرابع من التعميم المذكور بإلزام أحد الزوجين العاملين لدى الشركة في حالة ارتباطهما رسميا بعقد زواج بترك وظيفته في الشركة خلال مهلة أقصاها أسبوعين من تاريخ عقد الزواج, مع تخييرهما في تحديد الطرف الذي سيترك العمل خلال المهلة المذكورة والا سوف ينتهي عقد عمل الزوجة لدى الشركة تلقائيا بانتهاء هذه المهلة.

وبإمعان النظر في حكم هذا البند, يتضح بجلاء بان الزوجة هي الضحية في كلتا الحالتين: التخيير أو الانتهاء التلقائي لعقد عملها لدى الشركة, مما يعني بان الخيار النهائي سيقع حتما على المرأة بترك وظيفتها وإنهاء خدمتها لصالح الرجل مما يشكل تمييزا وإجحافا في حقها, ناهيك عن إلزامها بترك وظيفتها لدى الشركة في حالة عدم اتخاذ الزوجين لخياريهما في هذا الشأن حيث ينتهي عقد عمل الزوجة تلقائيا بانتهاء مهلة الأسبوعين المحددة من تاريخ عقد الزواج، مما يشكل في حد ذاته مخالفة صريحة للمادة الدستورية (18) التي تحظر التمييز على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. كما انه يتعارض كلية مع نص المادة(63) من قانون العمل في القطاع الأهلي ( رقم 23/1976) المعمول به حاليا التي تحظر فصل العاملة بسبب الزواج أو أثناء تمتعها بإجازة الحمل والولادة, والتي تعني ضمنيا حظر فصل العاملة أو إنهاء خدمتها بسبب الزواج من زميل لها في العمل. كما يخالف البند الرابع أحكام الاتفاقية الدولية بشأن “التمييز في

الاستخدام والمهنة” ( رقم 111/1958) الصادرة عن منظمة العمل الدولية, والتي صادقت عليها البحرين عام 2000 باعتبارها إحدى اتفاقيات العمل الدولية الرئيسية الثمان الملزم التصديق عليها من قبل الدول الأعضاء في المنظمة المشار إليها حيث تتعهد الدولة المصدقة عليها بانتهاج سياسة تكافؤ فرص ومساواة بين الجنسين وعدم التفرقة بينهما في أي شكل من أشكال المعاملة في العمل. كما انه يتعارض مع إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية عام 1998 والذي يلزم الدول الأعضاء في هذه المنظمة بالعمل على ” القضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة”.

وبناءً على ما تقدم, ترى الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان, من منطلق مسئوليتها في الدفاع عن حقوق الأفراد من مواطنين ومقيمين بما في ذلك حقهم في العمل والمساواة وتكافؤ الفرص والمعاملة, بان البند الرابع من التعميم يشكل انتهاكا صارخا للحقوق الأساسية للإنسان في العمل, ويمثل تمييزا وإجحافا في حق المرأة العاملة بوجه خاص.

وعليه تطالب الجمعية القائمين على إدارة شركة خدمات مطار البحرين” باس” بالتراجع فورا عن هذا الموقف غير المبرر والذي يتعدى كونه ينتهك حقوق العمل للعاملين لدى الشركة إلى انتهاك حقوقهم الاجتماعية وخياراتهم الشخصية أيضا, وهي حقوق وخيارات ليس من حق الشركة أطلاقا التدخل فيها أو إصدار توجيهات بشأنها. كما تناشد الجمعية الجهات المسئولة عن العمل في القطاع الأهلي وفي مقدمتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية, اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تنفيذ مقررات هذا التعميم المجحف في حق المرأة العاملة, والحيلولة دون امتداد إسقاطاته إلى مؤسسات وشركات أخرى عاملة في المملكة, والعمل على حمل شركة باس على احترام التزامات مملكة البحرين بموجب تصديقها على مواثيق العمل الدولية.

ومن منطلق الحرص على تعزيز المساواة بين الجنسين في العمل وتحقيق تكافؤ الفرص بينهما وتأمين الوضع الاقتصادي للمرأة العاملة وأسرتها, والقضاء على كل شكل قائم أو محتمل أو طارئ من أشكال التمييز بين الرجل والمرأة, تناشد الجمعية الجهات المختصة بالتشريع في مملكة البحرين, العمل على سن تشريع وطني لتجريم التمييز على أساس الجنس في كافة النشاطات الاقتصادية وفي كافة الوظائف والمهن خارج نطاق المهن المحظور دوليا تشغيل النساء فيها بموجب أحكام اتفاقيات العمل الدولية باعتبارها مهن خطرة أو مضرة بصحتهن أو صحة أجنتهن, كما يتوجب إن يتضمن التشريع صيغاً قانونية تتيح فرص متكافئة ومتساوية لكل من المرأة والرجل في كافة مجالات العمل دون تمييز.