أكتوبر 2004
التقرير يغطي الفترة من 28/9 حتى 15/10/2004
(الاجتياح الأخير)
لم تبدأ الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين باجتياح مناطق في شمال محافظة غزة، بل إن هذه الانتهاكات بدأت مع احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967. وازدادت حدة هذه الانتهاكات مع تصاعد فعاليات انتفاضة الأقصى بتاريخ 28/9/2000، حيث عمدت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي إلى تدمير مبرمج وممنهج لمنازل الفلسطينيين السكنية تحت ذرائع واهية على رأسها ذريعة الدواعي الأمنية. وقد ازدادت حدة سياسة التجريف والهدم والقتل في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة مناطق شمال قطاع غزة، عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون في 18/12/2003، أنه سيطبق ما أسماه “خطة فك الارتباط” من جانب واحد، والانسحاب من قطاع غزة.
لقد تعرضت محافظة شمال غزة إلى أبشع صور الانتهاكات الإسرائيلية خلال الاجتياح الأخير، والذي بدأ في يوم الثلاثاء الموافق 28/9/2004 باجتياح منطقة شرق جباليا حيث أعلنت إسرائيل نيتها عن توسيع عملياتها العسكرية في مناطق شمال غزة، بحجة دواعي أمنية على أثر استمرار إطلاق قذائف وصواريخ المقاومة الفلسطينية على مستوطنات إسرائيلية تقع شمال غزة. هذا وقد استمرت عمليات الاجتياح حتى يوم الجمعة الموافق 15/10/2004، وقد نتج جراء هذا الاجتياح الأخير تجريف عشرات الدونمات من الأراضي الزراعية المزروعة بالحمضيات واللوزيات والزيتون فقد بلغ عدد الدونمات الزراعية التي جرفت حوالي (600) دونم من الأراضي الزراعية. كما أقدمت قوات الاحتلال الحربي على قتل حوالي (109) مواطن من بينهم (30) طفل تعرضوا لعمليات القتل العمد، من بينهم شخص معاق يبلغ من العمر (36) عام. وقد أصيب خلال الاجتياح الأخير لمناطق في محافظة شمال غزة نحو (440) مدني فلسطيني، من بينهم (145) طفل وصفت إصابة بعضهم بإصابات خطرة.
لم تكتف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي فقط على عملية الهدم والقتل، بل أقدمت على تجريف وتدمير البنية التحتية. وشمل ذلك كل من شبكة المجاري وشبكة المياه، وإعطاب المحولات الكهربائية الرئيسة، الأمر الذي أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن محافظة شمال غزة خلال أيام الاجتياح بصورة متقطعة.
كما أن المسيرة التعليمية في محافظة شمال غزة قد علقت من قبل التربية والتعليم، بسبب عمليات قوات الاحتلال الحربي في مناطق الاجتياح بتاريخ 29/5/2004، حتى يوم السبت الموافق 16/10/2004م. حيث عمدت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على استخدام مدارس وكالة الغوث كدروع ومواقع عسكرية في علميتها العسكرية
إن ما قامت به قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في محافظة شمال غزة يعتبر بمثابة سلسلة من جرائم حرب، والجرائم ضد الإنسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي.
إن هذا التقرير الصادر عن مركز غزة للحقوق والقانون يعتبر إسهاما منه في تزويد العالم قاطبة بحقائق الأمور فضحاً لسياسات إسرائيل العنصرية المنافية للأعراف والقوانين الدولية الإنسانية. كما يشكل ركيزة لمطالبة المركز المجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري لوقف ولجم سياسة الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين.
إن كافة الممارسات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في شمال غزة. هي بالدرجة الأولى انتهاك صارخ لكافة المعايير الدولية، واتفاقيات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني.
إن الاجتياح الأخير لمناطق في محافظة شمال غزة والذي بدأ مساء يوم الثلاثاء الموافق 28/9/2004 ، ليستمر ختى سبعة عشر يوما حتى تاريخ 15/10/2004 الذي أسفر عن قتل وجرح العديد من المدنيين الفلسطينيين. فلم تكتف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بقتل المدنيين فقط، بل عمدت على تجريف، وهدم المنازل السكنية المأهولة بالسكان. كما وقامت القوات بأعمال تجريف للشوارع الرئيسة الفاصلة بين مناطق محافظة شمال غزة أيضا لم تسلم سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من هذه الهجمة الشرسة. حيث أعاقات قوات الاحتلال عملها. بالإضافة إلى ذلك عرقلت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي الإمدادات، والمعونات والمساعدات التموينية والإغاثية من الوصول بها إلى المناطق التي تم اجتياحها. وكثراً من الأحيان أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بإطلاق أعيرة نارية بشكل كثيف على طواقم الاغاثة التابعة لجهات دولية. فلقد أوجبت المادة (59) من اتفاقية جنيف الرابعة أنه وجب على دولة الاحتلال السماح بعمليات الإغاثة لمصلحة هؤلاء السكان.
أولاً: استخدام القوة المفرطة المميتة ضد المدنيين
منذ اليوم الأول لاجتياح قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لمناطق في شمال غزة بتاريخ 28/9/2004،حتى تاريخ 15/10/2004، أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على قتل (109) [1] مواطناً من سكان محافظة شمال غزة، بينهم (31) طفل وإصابة أكثر من (440) مواطناً بجروح وصفت إصابة بعضهم بالخطرة، من بينهم (145) طفل. وذلك بمجزرة بشعة ارتكبتها قوات الاحتلال خلال توغلها في محافظة الشمال( تل الزعتر، قليبو، شعشاعة، شرق جباليا، بيت لاهيا) ، والتي تعرضت تلك الأحياء لهجمة شرسة ومجزرة وحشية طالت الأخضر واليابس أطلقت عليها قوات الاحتلال اسم (أيام الندم).
كان أبشع الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال عندما أقدمت الدبابات الإسرائيلية بإلقاء قذيفة مسمارية تجاه تجمع للمواطنين في مخيم جباليا حيث راح ضحية القصف حوالي (10) مدنيين تواجدوا في مالكان وإصابة حوالي (40) مدنية فلسطيني.
إن سياسة القتل التي تمارسها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين يعتبر انتهاكاً صارخاً لكافة معايير حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني العرفي والتعاقدي، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12/ آب أغسطس 1949. وعليه
تتحمل إسرائيل المسؤولية الجنائية والمدنية الكاملة عنها.ويحق للفلسطينيين كمتضررين من هذه الانتهاكات الحق في المسائلة المدنية مع طلب التعويض لكل من تضرر جراء الممارسات القمعية التي تمارسها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي ضد المدنين الفلسطينيين ومن تقوم باغتيالهم أو من تضرر أثناء تواجده في مكان عملية الاغتيال.
كما يحق للفلسطينيين بصفة جماعية وفردية ملاحقة ومسائلة الآمرين الذين أعطوا الأوامر بقصف أو قتل الأشخاص المدنيين الفلسطينيين بحيث يتم ملاحقة ومسائلة الآمرين من العسكريين أو السياسيين الإسرائيليين. على اعتبار أنه لا يسري مبدأ التقادم على مثل هذه الجرائم الدولية ضد الإنسانية وهي تمثل أحد أهم الضمانات التي شرعها القانون الدولي للمتضررين.
إذاً إن عمليات القتل تعتبر انتهاكا صارخ للحق في الحياة وفق ما جاء في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ” لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه “. كما نص البند الأول من المادة السادسة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن ” الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً”. كما أن اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12/ آب أغسطس 1949 أوجبت في المادة الأولى منها تعهد الدول الأطراف السامية المتعاقدة، ” بأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال”. كما نصت المادة(32) من نفس الاتفاقية على أنه ” تحظر الأطراف السامية المتعاقدة صراحة جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها”. كما نصت المادة (47) من نفس الاتفاقية على أنه ” لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية…”. واعتبرت المادة الثانية من الاتفاقية أن سياسة القتل بجميع أشكاله في جميع الأوقات والأماكن هي من الأفعال المحظورة.
هذا ويعتبر القتل العمد هو من المخالفات الجسيمة، حيث نصت المادة (147) من نفس الاتفاقية على تعريفها للمخالفات الجسيمة أنها ” هي التي تتضمن أحد الفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية. واعتبرت أن القتل هي أحدى المخالفات الجسيمة”.
ثانياً: سياسة هدم المنازل
خلال فترة اجتياحها للمدينة أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على تجريف عدد من المنازل السكنية القائمة في المناطق التي اجتاحتها قواتها، حيث جرفت ما يزيد عن (88) منزل بشكل كلي يمتلكها مواطنين فلسطينيين، والحاق أضرار جزئية بحوالي (200) منزل. هذه المنازل جزء منها تواجد في شرق مخيم جباليا، والجزء الآخر في شرق مخيم جباليا وبيت لاهيا ومنطقة قليبوا وتل الزعتر. حيث شرد على أثرها أكثر من (100) عائلة تقطن هذه المنازل.
كما أن قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي لم تستهدف فقط كل من تواجد في شوارع الاجتياح، بل عمدت على قنص المدنيين المتواجدين داخل منازلهم، حيث راح من بين ضحايا القتل أثناء القصف العشوائي لحي تل الزعتر معاق يبلغ من العمر (36) عاما حيث استهدفه الرصاص الإسرائيلي أثناء تواجده على شرفة منزله.
إن هذه الأفعال المذكورة أعلاه تشكل انتهاكاً صارخاً لكافة معايير حقوق الإنسان وللقانون الدولي، وإن كافة الممارسات التي تقوم بها قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي من سياسة عمليات التجريف التي قامت بها قواتها في محافظة شمال غزة تعتبر انتهاكاً صارخاً لنص المادة 53 من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 حيث نصت على أنه “يحظر على دولة الاحتلال الحربي أن تدمر أي ممتلكات ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية. إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير. كما تحظر المادة 147 من نفس الاتفاقية القيام بأعمال تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وتعتبر مثل هذه الانتهاكات من المخالفات الجسيمة للاتفاقية.
بكل تأكيد إن كافة الأفعال التي مورست بقصد هدم المنازل تندرج تحت بند ما يسمى “جريمة حرب” وعليه فإن دولة إسرائيل تتحمل المسؤولية المدنية الدولية استناداً لنص المادتين 1 و29 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حيث يقع على مسؤوليتها التوقف الفوري عن هذه الانتهاكات ضد الفلسطينيين باعتبارهم أهدافاً محمية أولاً، وتقديم التعويض المالي للأسر الفلسطينية المتضررة نتيجة هذه الانتهاكات الجسيمة ثانياً، وكذلك يتحمل القادة السياسيون والعسكريون المسؤولية الجنائية استناداً لنص المادتين 146-147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ولنص المادتين 3 و52 من اتفاقية لاهاي لعام 1907، ولنص المادتين 86 و88 من البروتوكول الأول، والملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977، ولنص المادتين 27 و28 من نظام المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، والتي بمجملها تؤكد على تقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لإيقاع العقوبة الرادعة بحقهم نتيجة الجرائم التي اقترفوها بحق الفلسطينيين مع العلم بأن مثل هذه الجرائم لا تخضع للتقادم مطلقاً،. ومع حلول الوقت المناسب وتغير موازين القوى العالمية آجلا أم عاجلاً سيتم النظر بمثل هذه القضايا وينال كل من اقترف جريمة من جرائم الحرب جزاءه.
ثالثاً: استهداف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية
أيضا لم تكتف قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بقتل المدنيين بل عمدت على تعطيل حركة سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، حتى وصل بهم الأمر أثناء اجتياحهم لمناطق في شمال غزة بإطلاق النيران على سيارات الإسعاف وعلى الطواقم الطبية، كما قامت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بتعطيل حركة سيارات الإسعاف وهذا بدوره زاد من عمليات القتل بين صفوف الجرحى المدنيين في المناطق التي استهدفها الاجتياح، وتمثل هذا المنع في منع وصول الطواقم الطبية أماكن وجود الجرحى و الشهداء.
كم منعت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بعض سيارات الإسعاف من التنقل في مناطق الانتهاكات في شرق جباليا وتل الزعتر وبيت لاهيا و.لم تتمتع هذه السيارات بالحماية الكاملة من قبل قوات الاحتلال بل تعرضت لإطلاق نار أثناء تأديتها الواجب المهني والطبي والإنساني.
إن قوات الاحتلال عرقلت ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول لنقل الجرحى والمصابين الذين هم بحاجة عاجلة لإجراء عمليات إنقاذ حياتهم ، بحيث أنهم ظلوا ينزفون لساعات طويلة في الشوارع دون تمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليهم، لقد شكلت الاعتداءات في مناطق محافظات شمال غزة على الوحدات والفرق الطبية وسيارات الإسعاف من قبل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي انتهاكاً واضحاً وصارخاً للمادة (20) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب. فالمادة المذكورة تنص على انه ” يتمتع بالاحترام والحماية الأشخاص الذين يعملون بصورة منتظمة، وحصراً في تشغيل المستشفيات المدنية وإدارتها، بمن فيهم الموظفون المنخرطون في البحث عن المدنيين الجرحى والمرضى وعن حالات العجز والولادة أو في إخلائهم ونقلهم والعناية بهم” كما أن هذه السياسة تعتبر انتهاكاً لما جاء في المادة (12) من بروتوكول جنيف الأول والتي تنص على أنه “يجب في كل وقت عدم انتهاك الوحدات الطبية وحمايتها وألا تكون هدفاً لأي هجوم” . كما اعتبرت المادة (8/ب-24) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 أن تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية، وسائل النقل، والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات القانون الدولي من جرائم الحرب، وكذلك انتهاكاً للمادة (21) من بروتوكول جنيف الأول التي أكدت على أنه ” يجب أن تتمتع المركبات الطبية بالاحترام والحماية التي تقررها الاتفاقيات للوحدات الطبية المتحركة”. واعتبرت المادة (8/ب-25) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية ، ومن ضمنها الإمدادات الطبية، للسكان المدنيين من جرائم الحرب.
رابعاً: استهداف دور العبادة:
أيضا لم تكن دور العبادة والمساجد بمنأى عن عمليات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في مناطق في محافظات شمال غزة حيث تعرض بعض المساجد إلى التجريف والتدمير الكلي حيث أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على تجريف مسجد البخاري تجريف كاملاً، كما أقدمت تلك القوات على تدمير بعض المساجد تدمير جزئي حيث بلغ عدد المساجد التي تدمرت بشكل جزئي حوالي (8) مساجد في محافظة شمال غزة.
يعتبر هذا نموذج من الاعتداءات الإسرائيلية لحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية والتي تعتبر وفقاً للأعراف والمواثيق الدولية انتهاكاً صارخاً لنصوص المادتين (53) و (52) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف والتي تحظر “ارتكاب أي من الأعمال العدائية الموجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة، التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب”.
خامساً: الحصار وتقييد الحركة والتنقل
عمدت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي منذ اجتياحها لمحافظة شمال غزة على منع حرية الحركة و التنقل في المناطق التي تم اجتياحها. وخاصة من مناطق في شرق مخيم جباليا ( السكة) ، اقليبوا، مدينة وشرق بيت لاهيا والذي أثر بدوره على عدم حصول المدنيين على المواد الغذائية لسد حاجة الجوع لديهم. كما تم منع الجهات الدولية والطواقم الطبية من الوصول إلى هذه المناطق، و منع وصول الإمدادات التموينية إلى المدنيين داخل الأحياء.
من خلال هذه الممارسات التي طالت حرية التنقل والحركة هي تعتبر انتهاكاً لأبسط حقوق الإنسان وأهمها المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخة 10/12/1948، وجاء فيها أن:
-
- – لكل فرد الحق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة.
- – لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده.
توصيات للمجتمع الدولي:
إن ممارسات قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أثناء اجتياحها شمال غزة قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وخرجت عن كل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، لما احتوته من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية . إن إسرائيل تتحمل المسئولية القانونية الكاملة عما ارتكبته من جرائم في محافظة شمال غزة يستتبع ذلك تحملها للمسئولية المدنية عن هذه الأفعال. وعليه، فهي ملزمة قانوناً وبواقع مواد القانون الدولي مواد القانون الدولي الإنساني بالتعويض الكامل للمدنيين الفلسطينيين عن مجمل ما أحدثته من خسائر على الصعيد البشري والمادي والمعنوي. وفي هذا السياق :
-
- 1. يدعو مركز غزة للحقوق والقانون الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى تحمل مسئولياتها القانونية والأخلاقية، والوفاء بالتزاماتها بموجب المادة الأولى من الاتفاقية في العمل على ضمان احترام إسرائيل للاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى المركز أنه قد آن الأوان لأن تضع الديمقراطيات الغربية حداً لمؤامرة الصمت التي تمارسها والتي تساهم في تشجيع إسرائيل على ممارسة المزيد من الانتهاكات للاتفاقية. وأن تضم صوتها إلى جانب الأطراف السامية الأخرى لجهة اتخاذ موقف صارم تجاه الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للاتفاقية، والشروع فوراً في عقد مؤتمر جدي لها يخلص إلى إجراءات محددة تلزم إسرائيل باحترام وتطبيق الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتضمن توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين.
-
- 2. كما ويدعو المركز الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى بذل المزيد من الجهد لضمان نجاح أي مؤتمر مستقبلي لها للبحث في الإجراءات الواجب اتخاذها لإلزام إسرائيل باحترام الاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى المركز أن ضمان نجاح ذلك المؤتمر يتوقف على قدرة تلك الأطراف على مواجهة أية ضغوط أمريكية محتملة، والعمل بجدية على تطبيق القانون الدولي الإنساني.
-
- 3. يؤكد المركز على المسئولية الأخلاقية والقانونية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي من أجل التدخل الفوري والفعال لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، ومنع وقوع المزيد من الجرائم التي يصل بعضها إلى مكانة جرائم حرب، خصوصاً في ظل التصعيد غير المسبوق في أعمال القتل والتدمير التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة في أواخر سبتمبر 2000.
-
- 4. يؤكد المركز على أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني الدولي، بما فيه من منظمات حقوق الإنسان، نقابات محامين، اتحادات، لجان تضامن وغيرها، في الضغط على حكومات الدول المختلفة من اجل العمل على إجبار إسرائيل وضمان احترامها لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ووقف أعمال القتل والتدمير التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين.
-
- 5. يؤكد المركز على أهمية المبادرات الرائعة التي انطلقت من المجتمع المدني الدولي بهدف توفير الحماية الشعبية للمدنيين الفلسطينيين عبر عشرات الوفود الدولية التي زارت الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويدعو المركز إلى استمرار هذه المبادرات التي تساهم في الكشف عن الوجه الحقيقي للاحتلال ونظام التمييز العنصري الذي تكرسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
-
- 6. يدعو المركز المجتمع الدولي، بما في ذلك الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، إلى ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين قضائياً في بلدانهم.
-
- 7. يؤكد المركز مجدداً أن أية تسوية سياسية لا تستند على معايير القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان وعلى رأسها حق تقرير المصير لن تؤدي إلى تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية، ولن تقود إلا إلى المزيد من المعاناة وعدم الاستقرار في المنطقة، وهذا ما أكدته تجربة الأعوام العشرة الماضية وحتى الآن.
-
- 8. يدعو المركز كافة الأطراف الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لاتخاذ مواقف جريئة وواضحة من قضية الجدار الفاصل باعتباره شكل من أشكال الفصل العنصري الذي نصت على منعها كافة المواثيق والأعراف الدولية.
- 9. الدعوة لفرض عزلة دولية على إسرائيل من اجل إجبارها على الانصياع للقرارات الدولية وتطبيقها على الأراضي الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. انتهى