4/1/2005

أصدر مركز غزة للحقوق والقانون تقريره السنوي لعام 2004 والذي أشتمل على شقين أساسيين قام المركز برصد هما حول حالة حقوق الإنسان في فلسطين: الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحالة حقوق المواطن الفلسطيني في الأراضي الواقعة تحت السيادة الفلسطينية. وجاء في التقرير أنه لم يكن العام 2004 بأحسن حال من الأعوام السابقة حيث تواصلت سلسلة الاعتداءات والانتهاكات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين المحميين بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.

لقد شهد هذا العام تطورا نحو الأسوأ في قضايا بغاية الأهمية تمثلت في مواصلة الإصرار الإسرائيلي على عدم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتزايد وتعاظم عمليات مصادرة الأراضي من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي سواء كان ذلك لبناء مستوطنات جديدة أو توسيع مستوطنات قائمة أو تلك التي تم مصادرتها خلف أو لبناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، ومواصلة إسرائيل لارتكاب جرائم العقاب الجماعي مثل هدم مئات المنازل لذوي من تتهمهم سلطات الاحتلال بالمقاومة، وما يحيط بها من منازل أيضاً، واغتيال المدنيين وقتلهم خارج القانون. وإغلاق المناطق وحصارها لمدد طويلة ومتفاوتة، ومنع حركة التنقل فيما بين المناطق المحتلة، وبين أجزاء المنطقة الواحدة، كتقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق على سبيل المثال ومنع التواصل فيما بين قاطنيها اجتماعيا واقتصاديا.

ومما يثير القلق والخوف الشديدين لدى مركز غزة للحقوق والقانون، أن ما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات، أصبح نمطياً ومعتاداً، و من المقبول أيضاً عدم سماع حتى الشجب أو النقد لممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، و كذلك مواصلة المجتمع الدولي لسياسة الصمت وغض الطرف إزاء الممارسات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وقد وجه مركز غزة للحقوق والقانون باستمرار رسائل واضحة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الممارسات العدوانية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين. ومن الجدير ذكره أن الصمت المطبق من قبل المجتمع الدولي والديمقراطيات الغربية على نحو خاص، على خروج إسرائيل على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واعتبار نفسها فوق القانون والشرعة الدولية، ساهم في تدهور أوضاع حقوق الإنسان الفلسطيني نحو الأسوأ، وشجع إسرائيل على التمادي في مواصلة ارتكاب جرائمها التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

لقد اقترفت قوات الاحتلال أبشع جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني خلال العام2004، أدت إلى استشهاد (946) مواطن فلسطيني، بينهم (219) طفلاً، و (40) امرأة،و (38) مسن، و (8) معاقين من ذوي الحاجات الخاصة،إصابة ما يقارب (6000) آخرين بجروح مختلفة. ومعظم حالات القتل هذه كانت نتيجة استخدام قوات الاحتلال للقوة المفرطة وغير المتناسبة والمفضية إلى الموت مباشرة، على الرغم من إمكانية استخدام وسائل أقل تأثيراً على حياة المواطنين وخاصة في مثل تلك الظروف التي لم ينشأ عنها أي تهديد لحياة جنود الاحتلال أو أيّ ضرورة عسكرية أو أمنية.

هذا في حين استمر قصف المنازل الآمنة، وعمليات الاغتيال السياسي. فقد وظفت إسرائيل الطائرات الحربية والبوارج البحرية والدبابات وصواريخ أرض – أرض، وكذلك جو – أرض في أعمال القصف والتدمير التي لم تسلم منها مدينة فلسطينية في الأراضي المحتلة. وقد طالت هذه الهجمات المنازل السكنية، المنشآت الصناعية، مباني المحافظات والوزارات، وكذلك المؤسسات التعليمية، المستشفيات، الأماكن الدينية المقدسة الإسلامية والمسيحية، ومحطات الإذاعة الخاصة. وقد أسفرت سياسة الاغتيال السياسي والقتل خارج إطار القانون بشكل علني ورسمي ضد نشطاء وقادة فلسطينيين، ونجحت خلال عام 2004، في ارتكاب (88)عملية اغتيال راح ضحيتها (111) مدنياً فلسطينياً من ضمنهم (88) مدنياً فلسطينياً تتهمهم سلطات الاحتلال بممارسة نشاطات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وبأنهم هم المستهدفون في عمليات الاغتيال. وفي معظم عمليات الاغتيال، كانت قوات الاحتلال تستخدم طائرات الأباتشي الهجومية والطائرات المقاتلة القاذفة (F16) وكذلك طائرات الاستطلاع العسكرية بدون طيار في قصف المكان المتواجد به المستهدف دون مراعاة لتواجد مدنيين آخرين، خاصة الأطفال والنساء في مكان القصف حيث تواجد ما تسميه مستهدفاً.

منذ بداية العام 2004 نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الاجتياحات للمناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة التي يطلق عليها مناطق ( أ ) وفقاً للاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقد استخدمت إسرائيل هذه الحملات كسياسة عقاب جماعي وعمليات ردع وانتقام بحق المدنيين الفلسطينيين. وقد كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب خلال هذه الاجتياحات أبشع الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، من قتل وجرح للأبرياء وهدم للبيوت والممتلكات، واقتلاع للأشجار وإتلاف للمزروعات. فقد كانت تتم هذه العمليات باستخدام قوات معززة من الدبابات والآليات العسكرية مصحوبة بالطائرات لاقتحام تلك المدن مخلفة بعد انسحابها الدمار الشامل و عشرات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ولم تسلم المرافق المدنية، السياحية والاقتصادية والصحية والتعليمية والدينية، من الأعمال العدوانية التي طالت كل شيء بحيث كانت تترك قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة المجتاحة وكأنها كانت قد تعرضت لزلزال مدمر كبير من حيث الخراب والدمار الذي يطال كل من البشر والحجر والشجر. هذا وقد رصد المركز عدد الاجتياحات الإسرائيلية لمناطق قطاع غزة في العام 2004 بحوالي (266) اجتياحاً وتوغلاً. وقد كان من أهم وأبشع الاجتياحات هذا العام على سبيل المثال وليس الحصر، اجتياح منطقة رفح بجنوب القطاع، وكذلك الاجتياح العام لمنطقة شمال غزة، والذي أسفر عن استشهاد (111) شهيداً من بينهم (30) طفلاً، وجرح (440) مواطن من بينهم (145) طفلاً. كما أدى الاجتياح إلى هدم (88) منزلاً هدماً كلياً، و (200) منزلاً هدماً جزئياً، وتجريف حوالي (600) دونم من الأراضي الزراعية. وكذلك تدمير أحد المساجد بشكل كلي، و (8) مساجد بشكل جزئي. كما طالت أضرار الاجتياح المرافق التعليمية حيث تم تدمير (7) مدارس بشكل جزئي.

كما واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أعمال التجريف والهدم والتدمير للأراضي الزراعية والمنازل والممتلكات المدنية في الأراضي الفلسطينية، عدا عن تدمير آلاف الدونمات الزراعية واقتلاع ما بها من أشجار ودفيئات وشبكات ري ومعدات زراعية، وقد ترتب على مثل هذه الأعمال أن قامت قوات الاحتلال بهدم مئات المنازل والممتلكات المدنية التي تقع في تلك الأراضي، مما أدى إلى تشريد آلاف المواطنين من بيوتهم. هذا وقد رصد مركز غزة للحقوق والقانون، تجريف قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العام 2004، ما مساحته (5267) دونم من الأراضي الزراعية والحرجية، إضافة إلى هدم (1594) منزلاً هدماً كلياً في قطاع غزة فقط، وهدم آلاف المنازل الأخرى هدماً جزئياً.

واستمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ سياسة العقاب الجماعي بحق الشعب الفلسطيني من خلال سياسة الحصار الشامل وفرض قيود مشددة على حرية تنقل الأفراد والمعاملات الاقتصادية في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وطال الحصار الشامل جميع المواطنين الفلسطينيين، فقد حرمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بذلك عشرات آلاف العمال الفلسطينيين من الالتحاق بأماكن عملهم داخل إسرائيل، وشلت حركة الأفراد والبضائع أيضا. على صعيد آخر، ضربت حصاراً خانقاً على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لتحول مناطق الضفة إلى عشرات المعازل التي يصعب التنقل بينها، حيث تنتشر الحواجز العسكرية على مداخلها. و فرضت حصاراً خانقاً على مدينة القدس، حيث منعت أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة من دخولها إلا بتصاريح خاصة ومن خلال إجراءات معقدة ومستحيلة في غالب الأحيان. وقد أدى ذلك لمنع المواطنين الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، من تأدية شعائرهم الدينية في المدينة المقدسة. وفي قطاع غزة فرضت قيوداً داخلية على الحركة بين المدن، حيث انتشرت الحواجز العسكرية التي قسمت قطاع غزة إلى ثلاثة معازل تفصلها المستوطنات والحواجز العسكرية. لقد انعكس حصاد عام 2004 من الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية بشكل مأساوي على مجمل نواحي حياة الفلسطينيين. حيث شلت هذه الانتهاكات والاعتداءات قدرة الفلسطينيين على إعادة ترتيب وتصحيح أوضاعهم الداخلية، نحو التحول الديمقراطي وبناء المؤسسات. مما أدى إلى إعاقة عملية التنمية في أراضي السلطة الفلسطينية بشكل ملحوظ، الأمر الذي أنهك الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير وخطير وأدى إلى المزيد من التدهور في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين.

وخلال العام 2004، لم يكن الصحافيون والعاملون في وكالات الأنباء المحلية والدولية بمنأى عن الأعمال العدوانية بحقهم. حيث استهدفت قوات الاحتلال هؤلاء الصحافيين بهدف منعهم من تغطية الأحداث، ونقل صورة ما ترتكبه قواتها الحربية بحق المدنيين الفلسطينيين من جرائم وانتهاكات صارخة لحقوقهم الإنسانية، تلك التي ترقى لدرجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. فقد رصد المركز خلال العام 2004 العديد من حالات الاعتداء على الصحفيين، والتي أدت في إحداها إلى مقتل الصحفي الفلسطيني محمد أبو حليمة (22) سنة والذي يعمل مراسلاً بإذاعة النجاح بمدينة نابلس. وشملت هذه الاعتداءات، إطلاق النار على الصحافيين، وإلى وقوع إصابات في صفوفهم، وكذلك الاعتداء عليهم بالضرب والإهانة والشتم، ومنع الصحفيين من دخول مناطق معينة لتغطية الأحداث الدائرة فيها، وإخضاع الصحفيين للاستجواب والتحقيق بعد اعتقالهم، مصادرة أجهزة ومعدات صحفية. كما وقامت بقصف المؤسسات والمراكز الإعلامية ، وقد أدت عمليات القصف إلى تدمير (3) مؤسسات إعلامية؛إذاعة صوت الأقصى، مكتب الجيل للإعلام، صحيفة الرسالة.

كما لم تسلم الوحدات الطبية الفلسطينية وسيارات الإسعاف من الأعمال العدوانية التي ترتكبها قوات الاحتلال. فقد رصد ووثق المركز خلال عام 2004، إصابة العديد من الممرضين والعاملين في المجال الصحي على أيدي أثناء تأديتهم لعملهم. وقد بلغ عدد الشهداء من الطواقم الطبية منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية عام 2004، (36) شهيداً. كما واصلت قوات الاحتلال إعاقة الوحدات الطبية، من خلال منعها من نقل الموتى وإسعاف الجرحى، ومواصلة إطلاق النار على سيارات الإسعاف ومنع وصول الإمدادات الطبية الضرورية. مما أدى إلى منع و إعاقة نقل المرضى الفلسطينيين على الحواجز العسكرية، والذي بدوره تسبب في وفاة (5) مواطنين فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ليصل عدد الذين استشهدوا على الحواجز التي يقيمها الاحتلال على الطرقات نتيجة إعاقة سيارات الإسعاف (117) شهيداً.

كما أصيبت المؤسسات الفلسطينية بحالة شلل في كثير من الأحيان، بما في ذلك المجلس التشريعي الفلسطيني الذي لم يتمكن أعضاؤه من عقد اجتماعاتهم بسبب الحصار. ولحقت أضرار بالغة بالجهاز القضائي الفلسطيني وارتبك عمل المحاكم الفلسطينية جراء عدم تمكن القضاة والمحامين وحتى المواطنين من الوصول إلى قاعات المحاكم في كثير من الأحيان جراء القيود المفروضة على حرية التنقل.

استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في إصرارها على اعتقال واحتجاز ما يقارب (7300) أسير ومعتقل فلسطيني، منهم (250) أسيرة فلسطينية، و (474) طفلاً لم يتجاوز الثامنة عشر عاماً. هذا ويوجد بين هؤلاء الأسرى (950) حالة مرضية صعبة، بالإضافة إلى استشهاد (6) أسرى داخل السجون الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى نتيجة الإهمال الطبي وتدهور الوضع الصحي للأسرى والمعتقلين.

كما واصلت إسرائيل سياسة الإبعاد القسري للمواطنين الفلسطينيين خارج من الضفة الغربية إلى القطاع وكذلك خارج فلسطين. فقد بلغت حالات الإبعاد خلال عام 2004، (13) حالة إبعاد من بينهم إبعاد امرأة وطفليها من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.

أما على الصعيد الفلسطيني، فعلى الرغم من الظروف الخطيرة والمضطربة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية نتيجة مواصلة الاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من عدم قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على بسط سيادتها على كل الأراضي الفلسطينية جراء إعادة احتلالها من قبل إسرائيل، إلا أنها تتحمل مسؤولية الحفاظ على حياة المواطنين الفلسطينيين من خلال توفير الأمن الشخصي للمواطنين ولممتلكاتهم، وذلك عبر فرض سيادة حكم القانون والاحتكام إليه، وتنظيم عملية امتلاك السلاح واستخدامه من خلال القانون.
ونتيجة لذلك العجز، تعاظمت في العام 2004 ظاهرة خطيرة جداً من خلال سوء استخدام السلاح، ألا وهي ظاهرة أخذ القانون باليد من قبل بعض المواطنين، وخاصة في حل النزاعات الناشبة فيما بينهم، ما أدى إلى وقوع العديد من المواطنين الأبرياء ضحية لهذه الظاهرة ما بين قتلى وجرحى. كما أن السلطة نفسها قامت في بعض الأحيان بانتهاك حقوق المواطنين الفلسطينيين، وقد تمثل ذلك في استمرار اعتقال بعض المواطنين على الرغم من صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم.

هذا وقد رصد ووثق المركز بعض الانتهاكات التي ارتكبت بحق المواطنين الفلسطينيين في ظل السلطة الفلسطينية في العام 2004 والتي تخالف بالأساس القوانين الفلسطينية وعلى رأسها القانون الأساسي. فقد تم انتهاك الحق في الحياة من خلال إصدار الحكم بالإعدام عن طرق المحاكم العسكرية بحق سبعة مواطنين. وكذلك ونتيجة للاستخدام السيئ للسلاح وظاهرة أخذ القانون باليد فقد رصد المركز (41) حالة قتل، و (105) حالة إصابة بجروح نتيجة إطلاق رصاص حي، و (31) حالة اعتداء على المؤسسات الحكومية والأهلية، و (10) حالات اعتداء على الممتلكات الخاصة، إضافة إلى (18) حالة اختطاف لمواطنين فلسطينيين وأجانب.

وعليه يسجل المركز حالة الإخفاق الملحوظ لدى السلطة الوطنية الفلسطينية في تعزيز سيادة القانون وتطبيقه، وكذلك ترشيد وتقنين عملية استخدام السلاح الحي سواء من عناصر السلطة الوطنية أو المواطنين، وعدم بذل المزيد من الجهود المطلوبة لتطوير نظام العدالة من خلال تنفيذ القرارات القضائية.

ونتيجة لحالة الانفلات الأمني، وانعدام الأمن الشخصي، فقد تعرض الصحفيون ومؤسساتهم وأدوات عملهم للاعتداءات المتكررة من قبل مجهولين مسلحين مما شكل انتهاكاً لحقهم في العمل الصحفي، وكذلك حق حرية الرأي والتعبير. وقد رصد المركز (9) حالات من الاعتداء على الصحفيين ومؤسساتهم وأدوات عملهم، كان أخطرها قتل الصحفي خليل الزبن.

توصيات للمجتمع الدولي:
1. يدعو مركز غزة للحقوق والقانون الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى تحمل مسئولياتها القانونية والأخلاقية، والوفاء بالتزاماتها بموجب المادة الأولى من الاتفاقية في العمل على ضمان احترام إسرائيل للاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويرى المركز أنه قد آن الأوان لأن تضع الديمقراطيات الغربية حداً لمؤامرة الصمت التي تمارسها والتي تساهم في تشجيع إسرائيل على ممارسة المزيد من الانتهاكات للاتفاقية. وأن تضم صوتها إلى جانب الأطراف السامية الأخرى لجهة اتخاذ موقف صارم تجاه الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للاتفاقية، والشروع فوراً في عقد مؤتمر جدي لها يخلص إلى إجراءات محددة تلزم إسرائيل باحترام وتطبيق الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتضمن توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين.

2. كما ويدعو المركز الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى بذل المزيد من الجهد للبحث في الإجراءات الواجب اتخاذها لإلزام إسرائيل باحترام الاتفاقية وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى المركز ذلك يتوقف على قدرة تلك الأطراف على مواجهة أية ضغوط أمريكية محتملة، والعمل بجدية على تطبيق القانون الدولي الإنساني.

3. يؤكد المركز على المسئولية الأخلاقية والقانونية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي من أجل التدخل الفوري والفعال لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، ومنع وقوع المزيد من الجرائم التي يصل بعضها إلى مكانة جرائم حرب، خصوصاً في ظل التصعيد غير المسبوق في أعمال القتل والتدمير التي يقترفها جنود وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة في أواخر سبتمبر 2000.

4. يؤكد المركز على أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني الدولي، بما فيه من منظمات حقوق الإنسان، نقابات محامين، اتحادات، لجان تضامن وغيرها، في الضغط على حكومات الدول المختلفة من اجل العمل على إجبار إسرائيل وضمان احترامها لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

5. يدعو المركز المجتمع الدولي، بما في ذلك الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، إلى ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين قضائياً في بلدانهم.

6. يؤكد المركز مجدداً أن أية تسوية سياسية لا تستند على معايير القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان وعلى رأسها حق تقرير المصير لن تؤدي إلى تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية، ولن تقود إلا إلى المزيد من المعاناة وعدم الاستقرار في المنطقة.

7. يدعو المركز كافة الأطراف الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لاتخاذ مواقف جريئة وواضحة من قضية الجدار الفاصل باعتباره شكل من أشكال الفصل العنصري الذي نصت على منعها كافة المواثيق والأعراف الدولية. 8. الدعوة لفرض عزلة دولية على إسرائيل من اجل إجبارها على الانصياع للقرارات الدولية وتطبيقها على الأراضي الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

توصيات للسلطة الوطنية الفلسطينية:
يدرك المركز تماماً خطورة ما تمارسه قوات الاحتلال من أعمال قصف وتدمير واسعة النطاق لم تسلم منها مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية المختلفة. تلك الأعمال التي طالت الوزارات ومقار الأجهزة الأمنية وغيرها من المباني العامة، والانعكاسات الخطيرة لهذه الجرائم على أداء السلطة الفلسطينية وما تضيفه على كاهلها من أعباء جديدة. ومع ذلك، يعتقد المركز أن جملة من الموضوعات والتي لها علاقة مباشرة بالسلطة الوطنية الفلسطينية وأدائها، وراء تردي حالة حقوق المواطن الفلسطيني. ويتوجب عليها بناء عليه، بذل المزيد من الجهود لتجاوز السلبيات بصرف النظر عن الوضع الراهن حالياً.

إن أحد الملامح الرئيسة لتجربة الحكم الفلسطيني منذ إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية وحتى الآن، هو الإخفاق في بناء نظام حكم مؤسسي يرتكز على مبادئ الديمقراطية وفصل السلطات وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

وبناء عليه فإن التوصيات التالية هي في نطاق المستطاع وضرورية وأساسية للدفع في اتجاه بناء دولة المؤسسات الديمقراطية:-
1. يؤكد المركز على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية حيث تعتبر تلك الانتخابات حق أساسي للمواطنين، واستحقاق لضمان تمتع القيادة بتمثيلها للإرادة الشعبية في كل الظروف والأحوال. وضرورة العمل على إنجاز كل المتطلبات القانونية والفنية لإجرائها.

2. يؤكد المركز على ضرورة تكريس مبادئ سيادة القانون بما في ذلك العمل على ضمان تنفيذ القوانين من قبل السلطة التنفيذية بأجسامها المختلفة.

3. يدعو المركز السلطة الوطنية للمبادرة بعلاج ظاهرة سوء استخدام السلاح وخاصة من قبل أفراد الأجهزة الأمنية، وكذلك من المواطنين أثناء حدوث النزاعات فيما بينهم، والسيطرة على حالة الانفلات الأمني وتعزيز وتقوية دعائم الأمن الشخصي للمواطنين.

4. يؤكد المركز على أهمية قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بدورها في إيقاف ظاهرة أخذ القانون باليد من قبل المواطنين وأفراد أجهزتها الأمنية المختلفة. ودفع المواطنين دوماً لحل خلافاتهم ونزاعاتهم بعيداً عن العنف. وذلك تعزيزاً لثقة المواطن في القانون وعدالة تطبيقه. وهذا لن يتأتى إلا بالمساواة أمامه، واحترام وتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن الجهات القضائية، واحترام القضاء المدني بهيئاته المختلفة.

5. يدعو المركز السلطة الوطنية الفلسطينية إلى عدم الرضوخ للضغوط الخارجية المستمرة التي تدفعها لانتهاك حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
ويرى في تلك الضغوط أحد الأسباب الهامة وراء انتهاك حقوق الإنسان التي تقترفها أجهزة السلطة بحق المواطنين الفلسطينيين، خصوصاً فيما يتعلق بالاعتقالات السياسية.

6. يرى المركز أن المناصب العليا في الوزارات مثل الوكيل والوكيل المساعد والمدير العام للوزارة، يجب أن يكون لها وصف وظيفي يوضح طبيعة عملها. كما يجب إيقاف الترفيع التقادمي لهذه الدرجات أن لم يكن لها مكان في هيكلية الوزارات القائمة.

7. يثمن المركز قرار السلطة الوطنية الفلسطينية بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية التي من شأنها أن تعزز الديمقراطية الفلسطينية وتحافظ عل حقوق المواطن الفلسطيني، ويدعوها لمزيد من العمل على طريق الإصلاح الشامل في كافة المؤسسات، سواء على الصعيد السياسي أو التشريعي أو الاقتصادي الاجتماعي.

انتهى

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال على مركز غزة للحقوق والقانون هاتف رقم (2821282-08/2866287-08)
email:gcrl@palnet.com