3/3/2006

تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم العالمي للمرأة هذه السنة تحت شعار “من أجل إقرار الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للنساء”. وتتميز ذكرى 8 مارس هذا العام بدينامية نسائية عالمية متجددة تتجلى في تقدم مطالب النساء بإعلان المسيرة العالمية للنساء عن ميثاق عالمي من أجل الإنسانية تضمن تصورا جديدا للعالم ومنظورا شاملا للحياة تحتل فيه المرأة موقعها بشكل متساو مع الرجل وتنعم فيه البشرية بالأمن والسلام والحرية والعدالة والكرامة.كما تتضح هذه الدينامية في انخراط النساء في النضال من أجل المساواة و من أجل حياة كريمة في مواجهة تبعات العولمة الليبرالية المتوحشة عليهن و على كافة الشعوب و التي تهدد حقوق الإنسان و مستقبل البشرية. و في ذات الوقت فقد مضت هذه السنة والنساء يواجهن تحديات أكبر ومصاعب أكثر في تحقيق المساواة والكرامة.

ففي العراق تتعرض النساء لأبشع أنواع العنف والتقتيل تحت الاحتلال الأمريكي والبريطاني، وتواجه النساء الفلسطينيات همجية الاحتلال الصهيوني بشكل متواصل. ومازالت النساء الأفغانيات تعيشن تحت الرعب والغبن والتهميش.

وفي كل بقاع العالم، مازالت المرأة، رغم العديد من المكاسب التي تحققت في طريق المساواة في الفرص و ضمان الحقوق الإنسانية للمرأة، تعشن مختلف مظاهر الحيف المستشرية في أغلب المجتمعات من جراء انعكاسات العولمة الليبرالية المتوحشة ليس على نساء الدول الفقيرة فحسب بل على نساء العالم ككل من ضمنها التسريحات الجماعية لليد العاملة بشكل عام والنسائية بشكل خاص و تخلي الدولة عن الخدمات الاجتماعية المجانية مما يزيد من ساعات عمل النساء و من الأعباء الملقاة عليهن و يعمق الفقر وسطهن و يكرس التمييز في الأجور ضدهن ويضعف مشاركتهن في القرار السياسي والاقتصادي و يشجع على العنف والتحرش الجنسي اتجاههن بمختلف أشكاله و استمرارالأمية و صعوبة الولوج للعلاج وتدهور الصحة الإنجابية للنساء، و انتشار أشكال جديدة للعبودية أبرزها ما يعرف بشبكات المتاجرة في أجساد النساء التي تستغل بالأساس أوضاع الفقر و الحاجة للنساء المهاجرات و خاصة القادمات من دول جنوب الصحراء .

وفي المغرب، تعيش النساء – كجزء من نساء العالم – هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية و التي تحتد بتجاهل الدولة لحقوق المرأة على عدة مستويات:

فعلى المستوى التشريعي لم يصادق المغرب بعد على عدد من الاتفاقيات الخاصة بحقوق المرأة ومن ضمنها الاتفاقية بشأن جنسية المرأة المتزوجة، إذ لازال مطلب النساء المتعلق بتمكين المرأة المغربية المتزوجة بأجنبي من إعطاء جنسيتها لزوجها وأبنائهما لم تتم الاستجابة له. كما لم يصادق على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية أبرزها الاتفاقية الدولية 183 بشأن الحق في الأمومة.

و إن الدولة المغربية، التي صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مازالت تتحفظ على مواد أساسية منها رغم المطالبة المستمرة برفع تلك التحفظات وملاءمة القوانين المحلية معها.

وفي الواقع فرغم مصادقة الدولة على بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة مازالت التشريعات المحلية المعنية بها لم تلاءم بعد مع تلك الاتفاقيات كما أن العديد من القوانين لا تجد طريقها للتطبيق. فبعد تمكن معركة الحركة الديمقراطية من أجل قانون أسرة عصري و ديمقراطي من انتزاع بعض المكاسب في إطار مدونة الأسرة الجديدة سنة 2004 إلا أن تطبيقها في أرض الواقع لا زال معركة مستمرة إذ بقيت المستجدات التي جاءت بها لم ينتج عنها آثر إيجابي ملموس على أوضاع المرأة المغربية.

و تحول العقلية السائدة المحقرة للمرأة والمكرسة للأدوار النمطية لكلا الجنسين في المجتمع دون التقدم في اتجاه تمتع المرأة بحقوقها وصيانة كرامتها علما أن المادة الخامسة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تفرض على الدولة اتخاد كل الإجراءات الضرورية للتأثير في تلك العقلية ونشر قيم المساواة والحرية وسط المجتمع ومحاربة التقاليد والأعراف التي تميز بين المرأة والرجل في مختلف الميادين. وعلى مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء فقد تميزت السنة التي مضت بهجوم منظم على تلك الحقوق والمتجلية في:

o التراجع عن الخدمات الصحية المجانية مما جعل النساء يتعبأن للدفاع عنها في عدد من المناطق من ابرزها معركة نساء طاطا. o تزايد العطالة وسط النساء وخاصة حاملات الشهادات العليا واستمرار عنف السلطة ضدهن كلما طالبن بحقهن في الشغل الكريم. o التسريحات الجماعية والإغلاقات اللاقانونية للمؤسسات الإنتاجية وخاصة تلك التي تتميز بنسبة عالية من اليد العاملة النسائية، ومن أكبر تلك الملفات ملف شركة “طوبوير” للنسيج بالرباط، وضيعة لاكليمونتين بالجديدة حيث ذاقت النساء كل أنواع العنف وصل حد اعتقال العاملات تعسفا ومحاكمتهن . o عدم احترام مدونة الشغل رغم التراجعات عن المكتسبات التي جاءت بها، مما يجعل النساء العاملات لا يتمتعن بالحقوق الخاصة بهن ولا تحترم المساواة في الحقوق الأخرى مع الرجل. o عدم إصدار القانون المنظم لعمل خادمات البيوت تطبيقا للمادة الرابعة من مدونة الشغل علما أن هذا المجال مجال للاستغلال الوحشي والعنف المستمر كما بين ذلك تقرير منظمة “مراقبة حقوق الإنسان” حول هذا الملف. o الاستحواذ على أراضي الفلاحين الصغار والدفع بالهجرة إلى المدن وعبر قوارب الموت ولعبت النساء دورا كبيرا في مواجهة ذلك وخاصة في إقليم العرائش إذ ووجهت مطالبهن بالعنف و الاعتقال والمحاكمة . ــ تزايد حالات العنف اتجاه النساء كما تعكس ذلك تقارير مراكز مساندة النساء ضحايا العنف. ــ استمرار الأمية وسط النساء (61.9%- 84 % في القرى) مما يعرقل أي مجهود لإقرار حقوق النساء و ضمان المساواة و الكرامة لهن.

والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ يهنئ نساء العالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة و يحيي نضالات الحركة النسائية المحلية و العالمية فإنه يطالب بـ:

  • تصديق المغرب على الاتفاقيات الخاصة بالمرأة (الاتفاقية الخاصة بجنسية المرأة المتزوجة و اتفاقية السن الأدنى للزواج و الرضا بالزواج و تسجيل عقود الزواج و اتفاقيات منظمة العمل الدولية 183 و 171 …).
  • رفع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
  • ملاءمة القوانين المحلية معها من ضمنها مدونة الأسرة، مدونة الشغل، قانون الجنسية، … .
  • سن قوانين تحمي النساء من العنف والتحرش الجنسي، ووضع استراتيجية حقيقية لمناهضة العنف اتجاه النساء وإشراك المنظمات غير الحكومية فيها.

وضع حد لحالة اللاعقاب التي تسود فيما يخص العنف اتجاه النساء خاصة منه العنف الممارس عليهن داخل الأسرة أو من طرف أفرادها.

  • إصدار قانون تنظيمي خاص بخدام وخادمات البيوت.
  • إقرار الحقوق الشغلية للنساء بدءا بتحمل السلطات مسؤوليتها في فرض احترام المقتضيات القانونية في هذا المجال و احترام الحقوق النقابية للنساء.
  • حماية النساء المهاجرات من جنوب الصحراء من الاستغلال الجنسي الذي تتعرضن له، ومن كل أشكال العنف والعنصرية التي يلقاها كافة المهاجرين رجالا ونساء.

كما يعبر المكتب المركزي عن تضامنه مع النساء الفلسطينيات والعراقيات والأفغانيات وغيرهن من النساء عبر العالم اللواتي يناضلن من أجل رفع الاحتلال، وضد التراجع عن مكاسبهن وضد الإبادة وكل أشكال التقتيل والعنف والتمييز والتهميش.