2/6/2008

للرسالة الكثير من المعاني الصادقة والدافئة في وجدان الأسير الفلسطيني… فهي بمثابة جواز سفر تخترق الكلمات من خلاله حدود الأسلاك الشائكة وتتجاوز دولة السجون لكي تحط أخيرا على ارض الأحبة حيث الأم والأب والأخت والأخ ينتظرون تلك الكلمات بمعاني ومشاعر تفوق تلك التي ينبض بها قلب الأسير…
فالرسالة في المجتمع الإعتقالي لها تقاليدهاالخاصة ورونقها الخاص أيضا … إذ أن هناك أياما محدودة يتم فيها توزيع الرسائل الآتيةمن الخارج أصحابها الأسرى ويكون يوم توزيع ” رسائل أهل ” – وهذه تسميتها المعروفة لدىالأسرى – يوم حافل مع أن توزيعها لا تتجاوز مدته نصف ساعة أو اقل … إلا أن الجو العامالمرافق لها يوحي بان المرحلة القادمة ستكون مرحلة الرد على تلك الرسائل …ولكن …في إحدى مقطوعاتها النثرية قالت الأديبة الراحلة غادة السمان : ” لذيذة هي فكرة إغلاق المظروف .. يحس كل راكب أن محتوياته تخصه وحده .. مجرد فتحه متعه.. أحلى ما في الرسائل أنها تصل مغلقة ! ” وهنا يقول الأسرى أتعس ما في الأمر أن الرسائل تصل مفتوحة وأحيانا ممزقة ..فالأسير الفلسطيني لا يحق له التمتع بلذة المظروف البريدي المغلق … إذ أن الأمناللااخلاقي لضابط الأمن يقضي بالتطفل وفضول على رونق الرسالة … ولو كان بإمكانه بعثرةحروفها وكلماتها لقام بذلك …
فهي تصل إلى يدي الأسير الذي ينتظرها منذ أشهر كالوردة المخذولة من قبل قطرات الندى ..تصل إليه بعد أن يتم فحصها واحتجازها واعتقالها لفترة تصل إلى شهر تقريباً …وكل هذابسبب الأمن … فمن الواجب على ضابط الأمن أو الاستخبارات في السجن أن يقوم بإمساكالدبابة أو المتفجرات المحشوة بين سطور الرسالة … ولربما هو لا يعلم بالفعل أن العواطف المشحونة بالإخلاص والوفاء والتقدير … وعباراتالصمود والتحدي والأمل المكتوبة في الرسالة تعتبر من أسلحة الأسير الرئيسية في مواجهةواقع الأسر وأبراج المراقبة … أن الأغرب من هذا كله في عالم يفتقر إلى المنطق والفطرة …
أمر يصل في قانونه إلى حدالسخرية المؤلمة … إذ أن الأسير بمجرد وصول رسالة إليه يقوم بالرد عليها … وما أنيصل الرد إلى عائلته … تكون هذه الأخيرة تكون قد نسيت أنها قامت بإرسال مظروف بريديإلى ولدها الأسير قبل ما يزيد على الشهرين … عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطينيالحكم مدى الحياة سجن جلبوع المركزي